في الأول من شهر نوفمبر سنة 1944م فوجئ قراء جريدة الأهرام بإعلانات قصيرة لا يتعدي الإعلان الواحد منها سطرين أو ثلاثة تزف لهم ميلاد جريدة أخبار اليوم تحت عنوان :
ـ أخبار اليوم
ـ يصدرها قريباً مصطفي أمين بعد استقالته من مجلة الأثنين .
ـ وفي اليوم التالي الموافق الثاني من نوفمبر نشر علي ومصطفي أمين هذا الإعلان بجريدة الأهرام :
مصطفي أمين في أخبار اليوم .
ـ وفي يوم 3 من نوفمبر عام 1944 م نشرت الأهرام في صفحتها الثانية إعلاناً صغيراً علي عمودين يقول :
ـ مجلة صغيرة + جريدة يومية = أخبار اليوم .
وفي الصفحة الثالثة من العدد نفسه نشر علي ومصطفي أمين هذا الإعلان:
ـ آخر الأخبار في أخبار اليوم . مصطفي أمين .
استمر مصطفي أمين ينشر إعلانات صغيرة لا يتعدي الإعلان الواحد أربعة سطور توفيراً للنفقات وللمبالغ اللأزمة لصدور الجريدة الجديدة ـ حسب قول مصطفي أمين ـ في الوقت الذي لم يكن يشير من قريب أو من بعيد لإسم أخيه علي أمين الذي كان موظفاً في الحكومة المصرية .
في البداية واجهت علي ومصطفي أمين حين فكرا سويا في إصدار جريدة أخبار اليوم ، كانت المشكلة هي كيف يكون حجم هذه الجريدة ؟.
رأي علي أمين أن تصدر بنفس حجم الصحف اليومية في تلك الأونة ، بينما عارضه في ذلك شقيقه مصطفي امين وباقي المحررين الذين رأوا أن تصدر الجريدة في حجم
" الروتوغرافور" وهو الحجم السائد وقتها الذي تصدر به المجلات الأسبوعية ، ولم يجد علي أمين بداً سوي الإنصياع للمر والموافقة علي رأي المجموع .
ومن هنا بدأ السعي حثيثاً ، وبدأ علي أمين ومصطفي أمين في البحث لشراء المطبعة اللأزمة بأي وسيلة أو مبلغ ، في تلك الأونة كان إسكندر مكاريوس وهو صاحب " اللطائف المصورة " يمتلك مثل هذه المطبعة ..
توجها إليه يحدوهما الأمل في الشراء إلا أنهما فشلا ولم ينالا أي توفيق في هذه المهمة مما جعل مصطفي أمين يقتنع برأي شقيقه في إصدار أخبار اليوم بنفس حجم الصحف اليومية ..
وقد أورد الصحفي الكبير علي أمين تلك الواقعة في مذكراته التي سجلها علي النحو التالي :
ـ ذهبنا إليه ( إلي إسكندر مكاريوس) نعرض عليه شراء مطبعته فوافق علي البيع ، ولما سأله مصطفي عن الثمن ، أجاب بأنه لا يبيع المطبعة إلا بمبلغ لا يتصوره !
فسأله مصطفي : ماهو المبلغ الذي لا تتصوره ؟
فأجاب مكاريوس : ثلاثين ألف جنيه مثلاً !
فقال مصطفي : طيب نشتريها بثلاثين ألف جنيه .
فقال مكاريوس : ولكني تصورت هذا المبلغ ! يجب أن تذكر مبلغاً لم أكن أتصوره .
فقال مصطفي : 31 ألف جنيه .
فقال مكاريوس : لقد تصورت هذا المبلغ .. يجب أن أدهش !..
وتدخلت ( علي أمين نفسه ) في الحديث وقلت : ألف جنيه فقط ! لا أظن أنك تصورت هذا المبلغ !
فقال مكاريوس : فعلاً لم أكن أتصوره ! ولكن يجب أن تغريني علي البيع .. اغرني !..
واستمرت المناقشة عدة ساعات اقتنع بعدها مصطفي أمين بإصدار أخبار اليوم بالطريقة التي تصدر عليها الآن ".
ولم تتم الصفقة بالفعل ، وعاد مصطفي وعلي أمين للبحث عن شكل للجريدة في الإخراج والحجم ، وهنا أصابت الصدمة العنيفة جميع المحررين حين رأوا حجم الجريدة الجديدة كبيراً ، حتي أن الرسام رخا أحد أقطاب الكاريكاتير السياسي في مصر قد أصيب بما يشبه الإغماءة وراح يصرخ:
ـ اتخرب بيتنا ، يافرحة إميل زيدان ( والمقصود هو إميل زيدان ابن جورجي زيدان مؤسس الهلال ) .
وكانت صرخة محمد عبد المنعم رخا ( وهذا هو اسم الفنان رخا كاملاً) هذه قد جاءت بعد أن شعر بأن مستقبله قد ضاع خاصة وأنه كان ممن تضامنوا مع مصطفي أمين وبقية المحررين في الخروج وترك العمل بمجلة الأثنين ، فحين رأي بروفات العدد الأول من أخبار اليوم أصيب بالصدمة..
لم يكن أحداً منهم جميعاً يتصور أن تصدر أخبار اليوم في مثل هذا الحجم لجريدة ، حتي القراء أنفسهم رأوا في الأمر جديداً لم يكونوا قد اعتادوا علي مثل حجمه من قبل ، وطالب العديد منهم بضرورة تغييره ، إلا أن علي أمين تمسك بموقفه وتشبث برأيه ، فقد كان يؤمن إيماناً وثيقاً بأن القراء سيقبلون مثل هذا الحجم ، وهكذا استمرت أخبار اليوم تصدر علي نفس الوتيرة حتي وقت قريب حتي قام الصحفي الكبير إبراهيم سعدة بتقليل حجمها عن ذي قبل ، واستمرت أخبار اليوم في تقديم قفزاتها الصحفية وتحقق المزيد من أرقام التوزيع العالية ، وهي تصدر حالياً في عددها الأسبوعي الذي يصدر صباح كل يوم سبت بالعدد الأساسي بالإضافة إلي ملحق رياضي وملحق عن الأجازة ومعهم ملحق خاص عن السيارات ، ويترأس مجلس إدارتها د. م : محمد عهدي فضلي ورئيس التحرير الأستاذ ممتاز القط ..
هنيئاً لأخبار اليوم طفراتها الصحفية ، ونجاحاتها ، وإلي المزيد..
بورسعيد
مصر
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية