أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعقيب على وثيقة حزب الله ... مازن كم الماز

تمثل الوثيقة خروجا واضحا على المألوف , فحزب الله يستخدم مفاهيم و حتى عبارات اليسار في مقاربته للوضع العالمي و لعلاقة الغرب الرأسمالي بالمنطقة و شعوبها , لكن هذا لا يعبر عن "تحول" في رؤية حزب الله , و كيلا ننزلق إلى اعتبار أن استخدام الحزب للتحليل اليساري للوضع الدولي و الإقليمي هو مجرد استعارة "انتهازية" أي أنها تستخدم لتبرير مواقف للحزب تتعارض بدرجات مختلفة مع المنطق اليساري عامة أو الطبقي خاصة مع الأخذ بالاعتبار حقيقة أن معارضة الحزب للمشروع الأمريكي الإسرائيلي هي حقيقة لا جدال فيها يمكن اعتبار هذه الاستعارة "ضرورية" لتقديم تبرير نظري لهذه المعارضة للمشروع الأمريكي سواء الإقليمي أو الدولي يختلف عن التبرير الديني السابق . من جهة أخرى فإن الوثيقة تبرز أن أي فريق ينخرط في اللعبة السياسية الفوقية في لبنان لا بد أن يمارس درجة ضرورية من النفاق السياسي , فعندما يدور الحديث عن سبب الأزمة القائمة يشير الجميع إلى الطائفية و عندما يدور الحديث عن الدولة المطلوبة يتحدث الجميع عن الحرية و العدالة كقيم أساسية لهذه الدولة لكن كل ذلك يتحول في الواقع إلى محاصصات و مساومات فوقية تكرس الطائفية و تستثني حرية الناس العاديين و تكرس انعدام العدالة بين النخبة و بينهم . كان رد السيد الأمين العام للحزب , بعد أن كان قد اعتبر الطائفية هي العلة , على سؤال عن الديمقراطية التوافقية بأن ما يفرضها هي المقاربة الواقعية للحالة اللبنانية , إن هذه المقاربة تعكس مصلحة القوى السائدة في بنية النظام الطائفي , لا الواقعة في أسفل هرمه , تعبر عن الرغبة في الحفاظ على الوضع القائم و ليس الرغبة بتغييره و التي يفترض أن تعبر عن مصالح القوى الاجتماعية في أسفل هذا النظام . و لما كان استخدام تحليل طبقي يفترض الالتزام به على طول الخط , خاصة عند عدم تقديم تبرير آخر , هذا ما نجده عن الحديث عن وضع الجماهير اللبنانية أبعد من الدعوة لموقف واقعي عند مقاربة الواقع , بما يعني من جديد القبول بالأمر الواقع أو الالتزام الفعلي بتوازنات القوى الاجتماعية و الطبقات السائدة لصالح القوى السائدة . باختصار هذه مقاربة سياسية و اجتماعية تقليدية لكل القوى السائدة في لبنان , و ربما في الكثير من مجتمعاتنا العربية , الفارق الأساسي هو استخدام مقاربة جديدة لتبرير مقاومة المشروع الأمريكي إقليميا و دوليا إلى جانب التبرير الذي يقوم على الهوية الدينية أو القومية لمجتمعاتنا و الصراع المفروض بين الهويات المختلفة , هذه المرة جاء التبرير طبقيا أو يساريا . هذا لا يقلل من حقيقة أن حزب الله هو بالفعل مكون أساسي في مقاومة المشروع الأمريكي , رغم أنه يكشف عن قصور جدي في مقاربته للواقع و بالتالي في إمكانيات مقاومته و مستقبلها في حال لم تتحول فعلا إلى مقاومة شعبية مرتبطة اكثر بالقوى الاجتماعية التي يهمشها و ينهكها النظام الاجتماعي و السياسي السائد

(77)    هل أعجبتك المقالة (81)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي