أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العلم والتعليم أم الكوسا والبطاطا ... حسني هريرة

عندما قرأت كتاب (ذهنية التحريم-للدكتور صادق جلال العظم) وبالتحديد النص المأخوذ من كتاب(دراسات في الثقافة الوطنية للكاتب أنور عبد الملك)عجبت لهذه الأمة التي تعرف داءها ومرضها ولا تحاول علاجه,
وباعتباري ممن يمقتون المؤامرة والمتحدثين بها ليلاً ونهاراً وفي أحلامهم أيضاً ,لا بدا إذن من الاعتراف بأنهم يخططون بشكل جيد جداً للمستقبل وهذا حق لهم لأنهم ببساطة يريدون تحقيق مصالحهم الوطنية وكذالك الهيمنة على أي منطقة في العالم لهم فيها مصالح اقتصادية أو سياسية,أما نحن وهذا حقنا الطبيعي في مواجهة هذا التخطيط وإفشال ما يسعون إليه, وأيضاً من حقنا التطلع إلى المستقبل بعقول نظيفة ونسعى إلى إيجاد ثغرات فيما بينهم لتخفيف الضغط علينا لأن( الهجوم خير وسيلة للدفاع) , من خلال التمايز الاقتصادي والسياسي لدول على حساب دول وهذا الأمر يضعفهم من خلال السعي لتحقيق مصالحهم الوطنية في المنطقة,
ومثالاً على ذالك ليس فقط النفط الذي هو السلاح الأقوى وإنما رأس المال المتكدس في بنوكهم وليس في اقتصادهم وجلبه إلى المنطقة والعمل على تنميتها صناعياً وزراعياً واقتصادياً,وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى الاستقلال في القرار السياسي والاقتصادي,

لكي نحقق هذا الحلم يجب علينا أن نعيد النظر في السياسة التعليمية العربية بشكل كامل من خلال منهاج عفا عليه الزمن وطريقة تعليم فاسدة في الحشو والتلقين والحفظ وليس التفكير والتساؤل والإبداع,وللأسف الشديد عقول الأمة استرخت واستراحت واستكانت لهذا المفهوم الهدام لأنه باختصار جزأً من ثقافتها الإتكالية في الحفظ وعدم السؤال والفهم.

من أجل ذالك أخص هنا بالذكر( مصر) لأنها ألأقدر والأكبر والأقوى على تغير هذه السياسية الشيطانية الذي تركها لنا المستعمر لكي يستعبدنا ويهيمن علينا ولن تتعافى الأمة العربية ما دامت (مصر) ضعيفة ومريضة.
أتمنى أن أقدم النص للفهم والعمل عليه وليس للقراءة فقط:


(من يتكلم عن الثقافة في بلادنا يتكلم حكماً عن مؤسسات التعليم العالي والجامعات بخاصة وما يجري فيها,لذالك سوف أضرب مثلاً أخيراً عما أعنيه بالغزو الثقافي وذالك بالرجوع إلى حياتنا الجامعية وعبر الاستشهاد بتشخيص ممتاز قدمه المفكر المشهور الدكتور أنور عبد الملك في كتابه"دراسات في الثقافة الوطنية"شرح أنور عبد الملك طبيعة السياسة التعليمية التي نفذها الاستعمار البريطاني في مصر بإشراف اللورد كرومر ,حاكم مصر وقتها,ومستشاره للتربية المستر دانلوب على النحو التالي:

"واستند دانلوب إلى خاصية معينة من خصائص العقلية الشرقية ,ألا وهي تقديسها للمكتوب ,للكلمة المكتوبة,للنصوص,وراح يقيم إلى المفتشين والنظّار على أساس تنمية الذاكرة والحفظ بالذاكرة ,دون كل ما من شأنه أن ينمّي ملكة التفكير النقدي الإبداعي الخلاق".

أما الهدف الجذري من هذه السياسة فيحدده المؤلف بدقة بقوله:

"رأى دانلوب ,مستشار التربية أيام اللورد كرومر,إن الضمان الوحيد لاستعباد مصر على مر الأجيال لا يكمن في الاحتلال العسكري والاستعمار الاقتصادي بقدر ما يكمن في ضرب الفكر المصري في الصميم بحيث يصبح عاجزاً عن التطور والإبداع والخلق,ويظل معتمداً على غيره ليتحرك ,ورأى دانلوب انه ,لكي يتحقق هذا الهدف ,لا بد إن تتجه سياسية التعليم كلها-في مرحلتها الابتدائية والثانوية والعالية على السواء-نحو الحفظ دون المناقشة ,والترتيل دون النقد,ومحاكاة المراجع والأساتذة دون تشريحها وتكوين رأي مستقل فيها,واحترام الكلمة المكتوبة دون امتحانها والتصارع فكرياً معها".

ثم يعرض علينا أنور عبد الملك النتيجة الخالصة التي أفضى إليها هذا الغزو الثقافي في مصر وأثره في عقلها وروحها بالعبارات التالية:

"التلميذ الممتاز هو الذي يمتاز على زملائه بمقدرته على حفظ عدد أكبر من هذه النماذج في أقصر وقت ولأطول مدة ممكنة,التاريخ عبارة عن تسلسل معارك وملوك وعظماء وانتصارات وهزائم :مئات الأسماء
والتواريخ ,دون التفسير العلمي للتطور التاريخي,دون أدنى فلسفة للتاريخ.العلوم الطبيعية تجميع لقوانين وتجارب معملية ومعادلات ,دون أدنى محاولة لعرضها عرضاَ تاريخياً,دون بيان الطريقة الجدلية التي يتخطى فيها العلماء نظرية قديمة إلى نظرية جديدة أكثر شمولاً واتساعاً من خلال تجاربهم العلمية في المجتمع المحيط.الفلسفة كتالوج لأراء الإعلام ونظريتهم ,دون محاولة فهم الأسباب التي من أجلها قالوا بهذه النظريات,دون نقدها طبعاً لمقاييسنا وقيمنا المعاصرة .

في كل مكان :الحفظ ,والحفظ ولا شيء إلاّ الحفظ,,والامتحان يدور كله في إطار هذه المحفوظات ,انه ترتيل وتسميع ولا شيء غير ذالك".)

من أجل كل ذالك يجب أن نختار ماذا نريد :التعليم أم البطاطا.

(85)    هل أعجبتك المقالة (91)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي