تتواصل التغطية العربية الإعلامية لما يحصل في صناديق الولايات المتحدة الأمريكية، ويتواصل النقاش والثرثرة حول من سيحكم البيت الأبيض..هل ستدوم الترامبية أم ستنتهي على يد جو بايدن الذي بات أقرب إلى الفوز، وما هي المآلات التي تترتب على هذا الفوز بين متفائل يرى أن الديمقراطية الأمريكية ستستوعب ما حصل وبين من يرى أن الفوضى قادمة.
عربياً قد يبرر البعض هذا السهر العربي الفضائي على أنه ذعر الملفات التي في يد ترامب، والتي قد تنتقل إلى طرف جديد ربما يكون له وجهة نظر أخرى في صراعات المنطقة، وهذا يعني دفع فواتير ليست بالحسبان، وقد تكون التكلفة أكبر من المال وربما تتعدى إلى الكراسي.
الإعلام السوري هو الآخر مشغوف بما يحصل في واشنطن بينما الملف السوري المشتعل في الشمال والجنوب في الأيام القليلة الفائتة ليس في جدول الجميع سواء القنوات العربية الكبرى الفاعلة أو الرديفة ومن في حكمها لا ترى فيما يحصل استثمارا للنظام بهذا الانشغال في قتل مزيد من السوريين وتهجيرهم.
إعلامي سوري كبير منذ أيام لا حديث له سوى عن انتخابات البيت الأبيض، ولا يمر منشور أو تغريدة من بين أصابعه تعنى بما يحصل في إدلب ودرعا، وحتى جوعى الشام وحلب، وبرد سكان المخيمات وغرقهم في سيول الشتاء لا مكان لها في عقله الذي يعيش صراع الانتخابات الأمريكية وكأن له حصة الأسد لو حصل ما يتمناه.
يسال آخر ما يحصل بالتأكيد مهم وله كل التأثير في مستقبل المنطقة ولكن أليس مجدياً أكثر لو التفتنا إلى ما يعنينا في هذا الصراع، والأولى في أن نركز على مصائبنا وكيف سنخرج منها لأن سيد البيت الأبيض أياً كان سيكون برنامجه متوافق مع مصلحة أمريكا في كل ملفات العالم، ونحن ملف بات على رف قضايا العرب فكيف ينتظر إليه سواهم.
عالم الفيسبوك يشهد أكبر تفاعلات سورية مع الحدث الأمريكي وفي كل مستويات الحاضرين فيها من أولئك الذي لا يملكون سوى الدعاء بفوز ترامب لأنه لوى ذراع إيران والنظام إلى المحللين والنشطاء الذين يدلون بآرائهم حسب رواية ومصلحة من يدفع لهم.
كان من واجب الإعلام السوري المعارض تحديداً أن يلتفت فقط إلى تأثيرات ما يحصل هناك في واشنطن على مصائر السوريين، ويعطي مساحة لصراعات البيت الأبيض من باب الهمّ السوري المتعاظم، ويركز فيما يجري على الأرض السورية المحروقة بالنار والفقر، وأن لا يبتهج منظروه وسادته بإنجازاتهم في التغطية لمساحات الصراع في الويلات وتعداد عدد الأصوات في صالح هذا وذاك..فأصواتنا مخنوقة وأرواحنا تحصدها الرشاشات وقنابل الهاون في اريحا، والحواجز ما زالت تعتقل المارة والعابرين، والاغتيالات تستمر في صفوف من بقي على الأرض تحت بند المصالحة، وأما المقابر الجماعية ففي كل يوم ثمة اكتشاف جديد لعظام مرّ على دفنها سنوات.
*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية