1ـ النصال ..
=-=-=-=
يفاجئني النهار بأسئلة تفشت :
ـ أليس لديك غير الكلام؟
وحكايا البلاد التي حملتك طفلاً
لآخر مدي
لقد استباحت الريح معاجم النهار
راحت ترسم تضاريس المدن التي بإتجاه البحر
وتنام عند خاصرة الماء
تنتظر إلتئام الجراح
وتلك السواحل الماضيات في دمك
كالنصال
**
2ـ شتاء المستحيل
=-=-=-=-=-
هذا شتاء المستحيل
نبوءة الطير وارتجافات المطر
وصوت النهار
وارتعاش المسافات
وهذي السطور التي تلعق دم الحروف
فيقف الثوار عند بوابات المدن
يحملون السياط
ليلهبوا ظهور العابرين
التي انحنت
ويمهروها بتوقيعاتهم
ـ هذا هو العبد
قالت النجوم التي استراحت عند كف الغروب
ووقفت قرب ساحة الأفق
بعد أن لملمت أوراقاً بعثرتها الريح
وهي تدندن بكلمات الكرامة المهدرة
وتتئد علي مقعد
وتلصق أقدامها في ماء بحر تلظي ماؤه
وامتزج بدم الفقراء
لآخر مدي.
***
3ـ الوهم..
=-=-=-=
رأيتها تكتب الكلمات
بغير حروف
وتغرس اليراع
في كبد الماء
لتكتب التاريخ
الذي انحني لجبروت فرسان
لم يبلغوا العشرين بعد
ورأيتها
ترتقي علي مهل سلم الوهم
الذي أفضي إلي ما لا نهاية.
**
4ـ رصد..
=-=-=-=
تبلل الرمل بدمع من البحر
جاء علي غير موعد
وكان الحديث بلا انقطاع
والشوق يلتهم
صدر الحكايات
ثم يميل صوب البوصلة التي تفسخت
إلي أشلاء
لا البحر عاد البحر
ولا المدائن
انتهت لتوها
من سرد الحكايات
ولا من رسم الطيور المعلقة في سماء الوقت
ولا نظرت إلي جهة الشمال
وعند الشاطئ الذي لملم جراحه
يرصد الصياد الفقير
إنطلاقة النهار
**
5ـ تاريخ
=-=-=-=-=
في السابق كنت أري
من يبتغي السبيل
وينفي العراء
جالساً عند استفاقة النهار
يشذب التبغ بين أصابعه
ويحشو الورق
ثم يشعل التاريخ
ليمتص الرحيق
ويخرج من تلافيف دماغه
كلاماً يشيب له الولدان
يشبه الضباب حيناً
يتدثره
ثم يبتعد كالنهار المغادر بعد لأي .
**
6ـ رأس البحر..
=-=-=-=-
عند رأس البحر راحت النوارس
تغازل الماء المهيض جناحه
نصفها في الماء
ونصفها المراوغ
نحو العلاء
وحولها يخطو النهار
جهة الأصيل
يصهل كما الجياد
ولا ينتهي إلا بعد موعد يقطعه
حاملاً التواطؤ مع الغروب
وأسمع تلك الطواحين
تدق في عنف أعناق الغلال
هناك في القرية التي تركتها في رابعة النهار
تتلظي نيران عشقها
ومن حولها المصابيح تئن
وأسراب من الفراشات تحوم.
**
7ـ الحرب ...
=-=-=-=-
لم أكن قد تجاوزت الثالثة
حين حملتنا الحرب
علي جناحها وألقت
بنا من حالق
في جوف الإغتراب
حملتني أمي علي ذراع
واستوت في حافلة تدور في الشوارع
تبحث عن أبي
كانت تداعبني تارة
وتارة تخفض رأسها خشية القصف الرهيب
وعلي الذراع الأخري
حملت الأوراق
قبل أن تداهمها النيران
التي استعرت في كل أنحاء المدينة
واستولت علي الأحلام
كان أبي يدافع عن المدينة
يعض علي النواجذ
وهو يحمل للمرة الأولي
بندقية تدرب عليها قليلاً
لكن إصبعه كانت تعرف جيداً
موضع الزناد
والأعداء من حوله ينبثون
كالفراشات
التي جاءت من جهة السماء
ومن جهة البحر
الذي لمن يغب يوماً عنه
وأطلق الرصاصات
تلو الرصاصات
ولم يمت كالعادة
سوي الشهداء
**
8ـ أحياناً ...
=-=-=-=
أحياناًً ..
كنا نلتهم طعامنا
من الأسماك صامتين
ترتعد منا الفرائص
يتغلغل الفقر في أوصالنا
ونظل هكذا بلا حراك
موقنين بأن المسافات تطول
فيما نصل نحن إلي خط البداية
وبعد جهد جهيد
نرتدي قمصان الحرير
تهدهدنا النساء
الموغلات في الحنين
وفي الحنان
وهن كأوراق النعناع
يضمخهن العبير
كان الليل
في النهاية يضع غدارته في
جوف غمده
ويستعد للرقاد..
***
9ـ النيل ...
=-=-=-=-
وأومأ لي ..
قال بأن النيل يمضي مسرعاً
محدودب الظهر
مهموماً
يعاني من قسوة
الناس
يطرق الباب ولا أحد يفتح..
**
10ـ زفير .. شهيق
=-=-=-=
زفرت
شهقت
ندمت علي مافعلت
وقلت :
لقد أحسست
فعلاً بالخطر
وبالمطر
الذي لا يشبه المطر
استدرت في التو
أعدو نحو الجنوب
أقطع الدروب
كي أشكو
لمن يلهو
ومن سها
ومن يغفو
ومن استل سيفه
ومن احتل زيفه
كل المآقي
ولم أجد من يشمر عن ساعده
ليدرأ الظلم عني..
لكنني وليتني مارأيت
لمحت من يعدو من ورائي
ويحتمي بالزهر والأشجار والنخيل
يقدم الدليل
ويلقي بين أمواجي
بالدمي ..
تلو الدمي ..
تلو الدمي..
ــــــــــــــــــــ
محمد عبده العباسي
بورسعيد
مصر
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية