أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مراسلات كلينتون: دول "ناتو" يعارضون أي "رد عدائي ضد الأسد" والأتراك لا يريدون الحرب


· "أردوغان" تذرع برفض "ناتو" وبالاقتصاد الجيد، لكن هناك قطبة خفية أخرى
· قال: بينما تفكر القوات التركية في شرفها فإن غالبية شعبي لاتريد حربا
· "أوزيل" حذر "أردوغان" من خسارة أوراق اعتماده لدى الجيش لكنه أصر على الرفض

من يوم أن حمي وطيس الوضع في سوريا، وتحول إلى مواجهات مسلحة ومعارك كسر عظم، انخرطت تركيا، أكثر من جميع الدول، وبشكل متواصل ومنتظم في تصريحات تدل على نفاد صبرها من جرائم الأسد، وتشي بقرب تدخل عسكري لا يبقي لهذا الأخير قوة ولا يذر.

ولكن ما كان يسمعه الناس، والسوريون بالأخص، من تصريحات تولى الإدلاء بمعظمها "رجب طيب أردوغان"، كان يختلف إلى حد ما مع يجري خلف الكواليس، وأحيانا يناقضه، لاسيما فيما يخص مسألة تدخل تركيا عسكرياً لقتال النظام، إما بهدف إضعافه أو حتى إزالته.
#من_مراسلات_كلينتون
#زمان_الوصل

*لن نسمح
في إحدى الرسائل الواردة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، وتحت وصف "سري" يستعرض أحد المصادر المطلعة على خفايا السياسة التركية ما دار ذات صيف قبل سنوات، بين رئيس الأركان التركي حينها "نجدت أوزيل" و"أردوغان" (كان حينها رئيس الحكومة)، فيما يخص مسألة التدخل العسكري لتأديب الأسد واسترداد شرف الجيش التركي.

الوثيقة التي اطلعت عليها "زمان الوصل" وترجمة أهم نقاطها، نقلت عن المصدر أبرز ما جرى مناقشته بين رئيس الأركان ورئيس الحكومة، وتحديدا خلال شهر حزيران/ يونيو 2012، حيث اقترح "أوزيل" بقوة على "أردوغان" خطة للانخراط في مواجهة عسكرية ضخمة مع جيش الأسد، تعتمد على نحو مليون عسكري من الضباط والجنود.

"أوزيل" أخبر "أردوغان" يومها أن القوات المسلحة يجب أن تكون مستعدة للمواجهة، التي قد تتطور إلى صراع مباشر مع قوات النظام، لكن "أردوغان" [المعروف بسيل تصريحاته الحماسية والقوية]، وقف لاقتراح رئيس الأركان بالمرصاد، وكبحه، بذريعة أن حلفاء أنقرة في حلف "ناتو" لا يرغبون في رؤية حرب بين تركيا والأسد، وأن الحكومة (التي يرأسها أردوغان) لا يمكن أن تسمح بأن يجرها تدهور الأوضاع في سوريا إلى حرب قد يتوسع نطاقها سريعا في المنطقة، وقد وافق "أردوغان" في هذا الرفض وزير دفاعه "عصمت يلماز".

لكن "أوزيل"، ومن موقعه كرئيس أركان، أكد أن لدى القوات المسلحة التركية قدرات يمكن أن تخضع عبرها جيش الأسد بأقل الخسائر في صفوفها (أي صفوف القوات التركية)، منوها بانهيار الروح المعنوية في جيش النظام.

وواصل "أوزيل" حشد الحجج والوقائع التي يمكن أن تثني "أردوغان" عن رفضه مواجهة الأسد عسكريا، فأكد لرئيس الحكومة أن هيئة الأركان التركية قامت بتحديث خططها تماشيا مع الأوضاع الطارئة في سوريا، وأن هناك نحو 400 ألف عسكري في صفوف الاحتياط يمكن تعبئتهم بوقت قصير عند اللزوم، فضلا عن وجود 600 ألف عسكري في الخدمة (بمن فيهم قوات النخبة)، وهم متاحون حالا للانخراط في أي حرب ضد نظام الأسد.

*اطردها من رأسك
لكن كل حجج "أوزيل" لم تنفع، إذ أصر "أردوغان" على رفض فكرة الحرب مع الأسد، بل إنه طالب "أوزيل" باستبعادها من عقله وأجندته، محذرا إياه أن يزرع هذه الفكرة أو يروجها في صفوف الجيش التركي.

يومها، أخبر "أردوغان" رئيس الأركان "أوزيل" أن حلفاء أنقرة في "ناتو" يعارضون أي "رد عدائي على الأنشطة العسكرية السورية ضد تركيا"، وقواتها، وهنا انبرى "أوزيل" ليذكر رئيس الحكومة بشرف الجيش التركي، وكيف أسهمت بعض الحوادث إبان الغزو الأمريكي للعراق، في إثارة الاستياء داخل المؤسسة العسكرية التركية، لاسيما بعد تكرر الصدامات التي خنع فيها الجيش التركي أمام الأمريكي في شمال العراق، وهو ما اعتبر مساً بالشرف العسكري التركي.

وذهب "أوزيل" أبعد حين ذكر "أردوغان" بأنه كرئيس حكومة استطاع كسب أوراق اعتماد لدى الجيش التركي، وهناك خشية حقيقية من فقدان هذه الأوراق إذا استمرت قوات الأسد في تنفيذ عمليات ضد تركيا، يراها العسكريون استخفافا بجيشهم وإهانة له.

وبشكل يخالف تصريحاته العلنية التي علي قيم الشرف والكرامة والمجد و....، اختار "أردوغان" أن يعبر عن وجهة نظره الرافضة للحرب ضد الأسد بكلمات أوضح، قائلا: "بينما تفكر القوات التركية في شرفها، فإن غالبية الشعب التركي لا تريد حربا مع سوريا، لاسيما في وقت يسير اقتصاد البلاد على ما يرام".

ولكن هذا ليس كل شيء، إذ إن هناك على الأغلب "قطبة خفية" في رفض "أردوغان" لمقترحات "أوزيل" بمواجهة الأسد.. "قطبة" يكشف عنها المصدر شديد الاطلاع، قائلا إن اندلاع الحرب من شأنه أن يعطي لرئيس الأركان الحق في يصبح القائد العام للقوات المسلحة، وحينها لن يكون تحت إمرة "أردوغان"، ومع استبعاد إقدام "أوزيل" على خطوة تنصيب نفسه قائدا عاما للقوات المسلحة إذا اندلعت الحرب، فإن "أردوغان" ملم بتاريخ وكواليس السياسة التركية، وعليه أن يبقى مستعدا لهذا الاحتمال [ومن هنا جاء رفضه القاطع على الأغلب، مخافة أن يمنح فرصة لصعود نجم "أوزيل" على حسابه].

إيثار عبدالحق-زمان الوصل-خاص
(159)    هل أعجبتك المقالة (136)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي