أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد لن يفاوض الا عبر تركيا

الأسد: إسرائيل تتلاعب بالألفاظ والسلام بحاجة لشريك ملتزم

لم تعكّر رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المودعة لدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، صفو لقاء الأخير مع الرئيس السوري بشار الأسد، وإن بدا على وفده المرافق بعض الارتباك.
الأسد بدا مرتاحاً عند خروجه من قصر الإليزيه، قبل أن يتوجه نحو جمع كثيف من الصحافيين في الباحة ليلقي «كلمة قصيرة» قبل أن «يعطي سؤالين فقط» لصحافيَّين كان اسماهما يدوران بين الزملاء قبل ساعة من خروج الرئيس السوري. ولم ينفع تدخل الصحافة السورية الموجودة بقوة ولا الصحافة العربية ولا الفرنسية، التي يبدو أنها تعودت «أنه في بعض الأحيان يكون إيقاع الأسئلة مضبوطاً» كما ذكر أحدهم. إلا أن الأمر كان أفضل مما أصاب الصحافيين خلال زيارة نتنياهو، إذ انتظروا ساعتين من أجل «لا شيء».
الرئيس السوري لا يرى شيئاً في «عرض نتنياهو مفاوضات مباشرة»، وهو مضمون السؤال الثاني، إذ رأى أنه «تلاعب بالألفاظ» متسائلاً: «عن ماذا نتحدث؟». وخرج الأسد عن التقاليد السجالية السائدة عربياً وتابع تساؤله: «هل نتحدث عن قائمة الطعام أم عن استرجاع الأرض؟ ولهذا الموضوع مرجعيات وآليات» و«إذا كان بنيامين نتنياهو جاداً في رغبته بالتفاوض مع سوريا، فليرسل خبراء مختصين بالتفاوض إلى تركيا»، مشدداً بذلك على تمسك بلاده بالوساطة التركية. ورأى الأسد أن الدور الفرنسي هو لـ«دعم تركيا في وساطتها». وكان قد ذكر، رداً على السؤال الأول، أن بلاده «ليس لديها شروط بل حقوق لن تتنازل عنها».
فقط صحافي شجاع استطاع «خرق حصار الأسئلة» فصاح سائلاً عن «الدور الفرنسي»، فأجاب الأسد: «إن الدور الفرنسي تقرره فرنسا». وأضاف: «لكننا نرى أن الدور الأوروبي والفرنسي يجب أن يكون في دعم الدور التركي وإقناع الاسرائيلي بأن تكون تركيا هي الوسيط».
وفسر العديد من الحضور ذلك بأنه «رد سلبي على دعوة ساركوزي» بالقبول بالمفاوضات المباشرة. إلا أن السلبية لم تكن سيدة الإجابات في هذه المداخلة القصيرة في ظل غياب مؤتمر صحافي يبدد التساؤلات الصحافية المشروعة وضباب التنبؤات من صحافيي العالم الذين تحلقوا في باحة الإليزيه.
ورأى البعض بين سطور التصريحات القليلة «انفتاحاً على التفاوض»، لكن ضمن «الشروط السورية التي باتت ليّنة» وتتطلب «بعض المرونة الإسرائيلية». وقد لمّح لها الأسد مباشرة في حديثة حين طالب بـ«وقف قتل الفلسطينيين»، ما فسّره البعض بأنه «مطالبة برفع الحصار قبل أي إمكان للتفاوض المباشر».
إلا أن الليونة هذه عادت وتوضحت داخل «اللقاء المقفل مع مجموعة من المثقفين»، كانت لائحتهم قصيرة جداً، ولم تتجاوز عشرين اسماً، من دون أن يمنع هذا «التسريبات المهمة».
خلاصة هذه التسريبات التي نقلت حديث الأسد وما سمع وما قال للرئيس ساركوزي هي أن «الدور الفرنسي مهم جداً، إلا أنه لا يمنع الدور الأميركي ولا يحل محله». أما في التفاصيل، فقد نقل الحاضرون عن الأسد قوله إن ساركوزي أشار له إلى أن «الغرب لن ينتظر إلى الأبد الردود الإيرانية»، وطلب من سوريا «توضيحاً لموقفها» من الملف. فكان رد الرئيس السوري أن المطلوب ضمانات للإيرانيين لاستعادة كميات اليورانيوم التي ستخرج من إيران، وعرض أن تكون العملية «حسب خطة على مراحل»، وهو ما رأى فيه البعض «طرحاً سورياً للتوسط لدى إيران يحمل عرضاً واضحاً ودقيقاً»، رغم أن باريس عارضت مراراً أي «انتقاص من الكمية التي يجب أن تخرج كاملة من إيران».
أما بالنسبة إلى نتنياهو، فقد نقل مصدر حضر اللقاء عن الأسد قوله إنه أبلغ ساركوزي: «لا نقبل أي تقييد» بالنسبة إلى الملف الفلسطيني، والتقييد لا يتعلق فقط بسوريا، بل إنه قال: «لا نقبل تقييد أيادي أحد»، في إشارة فسرها المراقبون بأنه يرفض «مطالبة حماس بالقبول بشروط خريطة الطريق قبل فتح حوار معها».
أما بالنسبة إلى الدور الفرنسي، فإن النقاط التي عرضها الرئيس السوري، حسب تسريبات موثوقة، توزعت على ٣ نقاط: أولاً طلب الأسد من باريس المساعدة لإعادة إحياء الدور التركي، وهو بذلك يطالب ساركوزي بالضغط على «صديقه بيبي» للقبول بالعودة إلى المفاوضات، لكن «من حيث توقفت ومع من كان منغمساً بتسهيلها»، حسب تفسير فرنسي لهذا الطلب.
أما النقطة الثانية، فقد تمحورت حول دعم المصالحة الفلسطينية. ويمكن فهم هذا الطلب بأنه تخفيف الضغط عن «حماس»، أكان ذلك من ناحية «مبدئية»، أي مطالبتها بالاعتراف بـ«مجمل الاتفاقات السابقة» من دون أي مقابل سياسي، أم من ناحية عملية مادية، أي رفع الحصار عن غزة بحيث «لا تضيع تضحيات الغزاويين».
وأخيراً كانت النقطة الثالثة متعلقة بلبنان، حيث طلب الأسد من باريس «دعم استقرار لبنان»، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة «ستقلص النزاعات». كشف الأسد عن أن ساركوزي قال له: عندي ثقة بك لكن هذا لا يعني إلغاء الخلافات

وقد نُقل عن الأسد قوله إنه «بعد فشل (الرئيس باراك) أوباما، فإنه ينتظر من فرنسا أن تؤدي دوراً»، إلا أنه شدد على أن الأمن والاستقرار في المنطقة يتطلبان الأخذ بالاعتبار مكانة كل من إيران وتركيا. وأشار إلى ضرورة «إشراكهما» في مختلف الملفات.
ولفت انتباه المشاركين في اللقاء أن الأسد صارحهم بأن ساركوزي قال له: «عندي ثقة بك، لكن هذا لا يعني إلغاء الخلافات».

 وخلص الجميع إلى أن القطيعة الساركوزية أعادت وصل العلاقات السورية ـــــ الفرنسية، لكنها لم تلغ بشطبة قلم الملفات المتكدسة التي اعترضت وتعترض سياسات تسعى لأهداف قد تكون مشتركة، لكن في سبل مختلفة. والواقع أن الوضع بين البلدين لا يزال بعيداً جداً عمّا سماه البعض، على نحو جدّ تفاؤلي، «شراكة استراتيجية»، لكنه خطوة كبيرة خطاها الأسد وساركوزي في اتجاه تعامل براغماتي وواقعي لمحاولة حل لملفات المنطقة بانتظار عودة اللاعب الأكبر أوباما.
التسريبات عن الأسد وتصريحه المقتضب في الإليزيه، سبقتهما مواقف صريحة أطلقها الرئيس السوري خلال مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية نشرت أمس. ورأى الأسد أنّ نقطة الضعف في إطار «عملية السلام» هي أنّ الراعي الأميركي يفتقر إلى خطة عمل لتحريك عجلة المفاوضات.
وفيما أعرب الرئيس السوري عن أسفه لكون العلاقات الأميركية ـــــ السورية لم تصل بعد إلى مستوى عودة الثقة بين البلدين، جدّد التعويل على دور أوروبي، وخاصة فرنسي فاعل، في الشرق الأوسط. ورداً على سؤال عمّا يتوقعه من إدارة أوباما، أجاب: «أول شيء نتوقعه منها هو في موضوع السلام، ولاحظنا حركة معيّنة في هذا الإطار»، كاشفاً في المقابل أن الحوار بين دمشق وواشنطن بشأن السلام، رغم زيارة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل لدمشق، «لم يتطور إلى أكثر من تبادل للآراء، ولم يجرِ التوصّل إلى رؤية مشتركة».
وبينما ذكّر باستمرار العقوبات الأميركية على سوريا، رأى أنه «حين لا تكون العلاقات الثنائية جيدة، من الصعب أن نتحرك معاً نحو السلام، مع العلم بأنّ أميركا هي أحد الرعاة الأساسيين لعملية السلام، لكونها لا تزال القوة الأكبر في العالم».
وسُئل الأسد عن الأسباب التي تحول دون تحقيق تقدم في المسار السلمي، فأجاب: «عملية السلام بحاجة أولاً إلى أطراف تريد السلام، وثانياً إلى راعٍ أو وسيط. نحن العرب لدينا رغبة في السلام، وهناك مبادرة عربية، لكن مع الأسف الحكومة الإسرائيلية الجديدة لا ترغب في إعادة إطلاق عملية التفاوض».
وحمّل الأسد الراعي الأميركي مسؤولية ضعف المفاوضات السلمية بين العرب والدولة العبرية، من دون أن ينسى التأكيد أن «ما عبّر عنه الرئيس أوباما في موضوع السلام جيد، ونحن نتفق معه على المبادئ، لكن ليس لديه خطة عمل، بينما على الراعي أن يضع خطة عمل وأن يكون مبادراً، لا سلبياً، وينتظر تحرك الأطراف».
على صعيد آخر، فضّل الأسد عدم التعليق على إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم رغبته في الترشح للرئاسة، واكتفى بالقول: «لا أستطيع أن أقول إني آسف أو لا على القرار، هذا قراره، ربما اعتقد أنه لا يستطيع أن يقوم بما يريده، لكن المهم في النهاية هو ما يريده الشعب الفلسطيني».
وعندما سئل الرئيس السوري عن السفينة التي تعرضت للقرصنة الإسرائيلية الأسبوع الماضي بحجة أنها آتية من إيران ومحملة أسلحة لحزب الله، رأى أنّ هذه القضية «واحدة من الأكاذيب التي تنشرها إسرائيل»، مشيراً إلى أنّ «المشكلة تكمن في أن هذا العمل هو المخالف للقانون الدولي، لا حمولة السفينة».
في الموضوع اللبناني، أعرب عن تفاؤله بأن تأليف الحكومة من شأنه «أن يُسهم في تحسّن العلاقات السورية ـــــ اللبنانية تمهيداً لإعادتها إلى وضعها الطبيعي».
وفي الملف الإيراني، شدّد على أنه «لا أدلة على وجود برنامج عسكري نووي لديه». وفي ما يتعلق بالاقتراح الدولي لتخصيب اليورانيوم الإيراني خارج أراضي الجمهورية الإسلامية، اعترض على مبدأ نقل كامل اليورانيوم الإيراني إلى الخارج، متسائلاً: «لماذا لا ينقل تدريجياً؟».

الأخبار
(104)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي