الصور التي نشرت عن جولة لبشار الأسد على المناطق المنكوبة في الساحل يبدو كمرشح يحاول أن يجمع أصوات ناخبيه الوعود الناعمة، ولا تشبه أبداً زعيماً سياسياً أو دينياً يتفقد أحوال رعيته التي حلت بها كارثة بالأرزاق والأرواح والمستقبل.
أعقب هذه الصور مباشرة جولة أخرى لأسماء الأسد -وهي الوحيدة في الحشد التي تضع كمامة على أنفها خيفة كورونا- وأيضاً تقترب من جمهور المفجوعين حتى تجثو على ركبتيها في صورة تعكس تواضع زوجة القائد وحبها للأرض فيما الجماهير مندهشة من هذا التواضع العظيم.
أهم ما في الأمر أن الأسد أطلق وعوداً كثيرة لن يتحقق منها شيء وإن كان فالنزر اليسير، فالخزائن فارغة، ومن هذه الوعود تعويض المزارعين عن خساراتهم، وبالتأكيد سيتم منحهم قروضا طويلة الأجل، وبعض المساعدات المالية وربما العينية كبعض الزيتون بديلاً عن الذي أكلته النيران.
الوعد الآخر هو محاسبة من تمت بحقهم الشكوى من قبل ألأهالي، ومن قصروا في إطفاء الحرائق، وبعض الذين لم يتم السماح بأن تسمع أسماؤهم في مقابلات الأسد، والأهم من تم القبض عليهم كقرابين لتغطية الحرائق الكبيرة. بالمقابل تم تحويل عدد من المسؤولين عن (الريجة) مؤسسة التبغ في اللاذقية إلى التحقيق بعد أن أكلت النيران 1500 طن من التبغ بفعل فاعل للتغطية على السرقات والنهب، وهنا مربط الفرس في مسؤولين وأعوان للنظام يحرقون ممتلكاته ومؤسساته فيما النار تلتهم بيوت الناس وأرزاقها، وهؤلاء لم تتناولهم جولة الأسد المكوكية وزوجته.
على الطرف الآخر وبتوقيت فاضح يطلق رامي مخلوف وعداً بدفع 7 مليارات ليرة سورية لمساعدة المنكوبين من أموالهم المحجورعليها لدى بيت مال الأسد، وهو ما يعني للسامع أن مخلوف يريد القول إن أموالي فداكم وليس الوعود والكلام المعسول وقد صادرها بشار الأسد، ويبدو أن الأخير قد فهم الرسالة فهرع إلى حاضنته يواسيها مع زوجته التي تترأس فريق الحرب على مخلوف. وسائل إعلام النظام وبعض الأبواق مرروا رسائل لجمهور الموالين تتهم صراحة رامي مخلوف بالوقوف خلف حرائق الساحل، وأن وعده في إحدى رسائله بالانتقام الإلهي العظيم ما هو إلا ما حصل بالضبط، وأن هذه النار التي أكلت ما أكلت من بيوت وبساتين ليست سوى فعلته وحده مع مناصريه.
الحرب مفضوحة بين الطرفين في شراء ذمم الحاضنة الشعبية للنظام، وعض الأصابع بان على أيدي الهارعين إلى الجبل، وثمة من يحاول إفراغ الاحتقان بتوجيه دفة المسؤولية عن الحرائق صوب الشمال السوري وتحديداً إدلب وسط دعوات طائفية لطرد النازحين من بقية المحافظات من الساحل واتهامهم بالخيانة، ويقود هذه الحملة أستاذ جامعي ورئيس مجمع ديني اسمه "أحمد أديب الأحمد".
بشار وأسماء ورامي في سباق محموم لوقف نزيف التداعي والانقسام الذي أحدثته نار جبال الساحل، وأما الحلفاء قيقفون إما متفرجين أو متأهبين بانتظار ما بعد الحريق.
الأسد ومخلوف.. سباق شراء الذمم بعد الحريق*
*عبد الرزاق دياب - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية