أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سورية أصبحت ضرورية للتوازن في الشرق الأوسط

بعد ثماني سنوات من العزلة، عادت سورية إلى الساحة السياسية الدولية ليكون لها دور محوري في التوازنات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. ومع توافد المسؤولين الأميركيين والروس والبريطانيين وغيرهم إلى دمشق، لم يبق لتصنيف الإدارة الأميركية السابقة، بأن سورية تدخل ضمن محور الشر، أهمية في قاموس المصالح الجديد. ويدعم هذا الاتجاه بتوقيع اتفاقية اقتصادية واستراتيجية غير مسبوقة مع تركيا، وهي العضو في حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى تعزيز التبادلات بين البلدين.

ومن دون أن تغفل التحديات التي تواجهها في الوقت الراهن، تقوم دمشق بتفعيل دورها في المنطقة من خلال تقديم نفسها على أنها لاعب رئيس ولا يمكن الوصول إلى نتيجة من دونها. وقد نجحت سورية إلى حد ما في كسب صداقات بلدان كانت في وقت قريب خصماً أو عدواً. واستطاع نظام الرئيس السوري بشار الأسد إذابة الجليد بين بلاده والدول «المعتدلة» التي تتوافق رؤاها مع الولايات المتحدة. ولعل المشكلة العالقة، مع لبنان، ستجد حلاً قريباً بعد رئيس الوزراء الجديد سعد الحريري، الذي تدعمه الرياض وواشنطن. وقد يتم طي صفحة الماضي مع بيروت، وإنهاء فترة طويلة من التوتر استفحل بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

أما بالنسبة للعراق، فإن الأزمة الحالية بين البلدين مؤقتة، وستعود المياه إلى مجاريها بمجرد زيارة هذا الطرف أو ذاك إلى البلد الآخر.

والواقع ان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الذي يواجه تحديات أمنية خطيرة، قد اتهم دمشق خطأ بالوقوف وراء تفجيرات دموية وقعت في بغداد، والأكيد أن العلاقات بين الجارتين ستعود إلى طبيعتها بعد ذهاب المالكي. وفي هذا الصدد نذكر أن سورية تؤوي نحو مليون لاجئ عراقي. وقد صرح المسؤولون السوريون عقب الاتهامات المذكورة بأنه «لا مصلحة لدينا لزعزعة استقرار العراق لأنه شريك اقتصادي مهم وهو السوق الأولى لنا». وفي ما يخص مصر، فهي مسألة وقت كذلك، إلا أن دمشق ليست على عجلة من أمرها، حيث إن القاهرة لا تملك حالياً إلا ورقة «السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، وهي ورقة لا يمكن استخدامها حالياً. وفي هذا الشأن، قال دبلوماسي غربي إن الرئيس حسني مبارك ينتظر من الأسد أن يقوم بالضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأمر الذي لا تعتبره سورية من أولوياتها الحالية.

ويعتقد مدير مركز الشرق للدراسات الدولية في دمشق، سمير التقي، ان جنوح دول المنطقة إلى التكاتف سببه «الخوف» من الفراغ الذي احدثه «التغيب» الأميركي المفاجئ. وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن شيئاً لم يحدث حتى الآن، ولم يعد السفير الأميركي إلى دمشق، الذي غادرها عام .2005

ويضيف التقي أن «الوضع أصبح في غاية الخطورة»، في الوقت الذي بدأت دول عربية وبعض البلدان الأوروبية، ومنها فرنسا، تمل من خطابات أوباما وتصريحاته. ويتابع، «كنا نأمل أن يقترح الرئيس الجديد سياسة مختلفة وجدول أعمال واضحاً ليطمئن المنطقة ويساعد على استقرارها. إلا أن الوقت يمر ولا شيء يحدث». وعلى الرغم من التصريحات الإيجابية التي أدلى بها أوباما، فإن العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عام 2004 على سورية بقيت كما هي. والأهم من ذلك ان دمشق تنتظر من واشنطن أن تمارس ضغوطاً على إسرائيل لحل مشكلة هضبة الجولان السورية المحتلة. ويقول مدير المؤسسة «كرايسيس غروب»، بيتر هارلينغ، إن الدول «لمعتدلة التي راهنت على نجاح المحافظين الجدد بقيادة بوش ونائبه ديك تشيني، في تحقيق تقدم كبير في عملية السلام، كانت مخطئة». وأكد مصدر في الخارجية السورية أنه مع تغير السياسة الأميركية نظرياً، «لا نرى شيئا على أرض الواقع». وقال مستشار في الرئاسة السورية «يبدو أن هناك فريقين متنافسين في واشنطن، ولحد الآن لم يتفقا على استراتيجية واضحة».

الإمارات اليوم - اللوموند الفرنسية
(105)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي