أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السرطان يهزم الطفلة السورية "هبة" بعد أن قاومته بشراسة

هبة

توفيت الطفلة والرسامة السورية "هبة درعوزي" يوم الجمعة الماضي في تركيا بعد معاناة امتدت لأكثر من عام مع مرض السرطان الذي أنشب مخالبه في كل أنحاء جسدها النحيل، وظلت حتى آخر لحظات حياتها مليئة بالفرح والنشاط ومتمسكة بالتفاؤل والأمل وبقدرتها الاستثنائية على مقاومة هذا المرض العنيد بشراسة رغم صغر سنها ولم تتخلى في أصعب ظروف مرضها عن الريشة والألوان حتى وهي على سرير المرض.
ولدت الطفلة هبة في مدينة حلب عام 2006 وعندما بلغت الخامسة من عمرها بدأت تشكو من ألم في أسفل البطن -كما يروي والدها- "محمود درعوزي" لـ"زمان الوصل" مضيفاً أنه عرض طفلته على العديد من الأطباء ولكن دون نتيجة لأن الأطباء لم يتوصلوا -حسب قوله- إلى سبب الألم الذي تعانيه، بل كانوا يكتفون بإعطائها مقويات ودوار "فلاجيل" للأمعاء، واتضح فيما بعد–كما يقول –أنها مصابة بداء الزلاقي الذي يتمثل في الحساسية للقمح بكل منتجاته كالخبز والطحين والمعكرونة والبرغل والسميد ومادة الغلوتين، ولكنهم اكتشفوا هذا الأمر متأخراً -كما يقول- وأردف الأب أن حالة ابنته بدأت بالتدهور عند بلوغها السادسة وتأخر نموها وفي العام 2012 مع بداية الحرب في حلب انتقلت مع عائلتها إلى مدينة "الباب" وعاشت حالات لا توصف من الخوف والرعب.

وتابع محدثنا أنه انتقل بعدها بمفرده إلى تركيا ليعمل في مهنة تركيب العطورات وترك هبة مع أهله في مدينة بانياس.
في عام 2014 انتقلت الموهوبة الراحلة إلى تركيا وهناك قام بعرضها على العديد من الأطباء والمشافي فلم يكتشفوا أيضاً سبب مرضها وكانوا يكتفون بإعطائها مضادات التهاب للأمعاء ومقويات فحسب، دون البحث عن أسباب افتقارها للحديد في جسدها وانخفاض خضاب الدم إلى ما دون الـ 7 درجات، وأُجري للطفلة بعد ذلك تحليل لسوء امتصاص الأمعاء فتم اكتشاف مرض "داء الزلاقي" الذي لا علاج له سوى الحمية من القمح ومنتجاته فقط.

وأردف "درعوزي" أن ابنته اتبعت حينها حمية خاصة، وبدأت ملامح التحسن تظهر على صحتها، حيث بدأت بالنمو والطول إذ كانت متأخرة 3 سنوات عن نموها الطبيعي، واستطرد المصدر سارداً تفاصيل معاناة ابنته حيث ظهر في الجانب الأيسر من مقعدها حبة صغيرة لم تلبث أن كبرت وبعد تصويرها في أحد المشافي اتضح أنها كتلة سرطانية، وبعد 10 أيام من مكوثها في المشفى بدأت الكتلة بالتحجر والنمو وبعد تصويرها العام الماضي اكتشف وجود ورم في العقد اللمفاوية وفي الرئتين والرأس، وخضعت للعلاج الكيماوي في مشفى "سريان حميدي" للأطفال في اسطنبول منذ الشهر التاسع 2019. وتدخل قريب العائلة "بلال عمر الواكي" في الحديث ليشير إلى أن عائلة هبة كانت متفائلة بشفائها الكلي من هذا المرض لأنها بدأت بالتحسن التدريجي، وبعد 5 أشهر من علاجها الكيماوي خضعت لعملية تجريف للخلايا السرطانية في مقعدها، وقبل شهرين من عيد الأضحى الماضي أُوقف العلاج الكيماوي. وأردف أن مشفى "شيشلي" طلب من عائلتها صور أشعة للرئتين والرأس، وأجرت تصويراً لكامل الجسم بعد ذلك، وجاءت نتيجة الفحوصات غير متوقعة، إذ اتضح -حسب قوله- وجود ورم جديد تحت المعدة وفوق الحالب من الجانب الأيسر في البطن وأسفل الظهر من الجانب الأيسر أيضاً، وأخطرها تلك التي فوق الحالب وهي بطول 3 سم -كما يقول- مضيفاً أن الدكتورة فوجئت بعودة المرض المبكرة قبل 6 أشهر دون معرفة الأسباب، وأصيبت هبة بعد ذلك بتضخم في الكلية اليسرى وسوائل في بطنها وهنا بدأت حالتها بالانتكاس مجدداً وتضخمت الكتلة الموجودة فوق الحالب إلى 6 سم.

وكشف "الواكي" أن طبيبة هبة أعطتها أثقل جرعة من الكيماوي وهو الحل الوحيد لأن جسدها ضعيف ولا يتحمل الجراحة فعاودت الكتلة التضخم إلى 8 سم وبدأت تضغط على الحالب الأيسر وحصل معها ضيق تنفس وتسارع في دقات القلب إلى أن فارقت الحياة يوم الجمعة في 3/10/2020.

وكشف محدثنا أن هبة كانت إلى ما قبل وفاتها بشهرين قوية ومتفائلة وترسم لوحات مميزة حتى أن جاراً تركياً له باع عدداً من اللوحات كدعم نفسي لها، وكانت في منتهى الفرح والسرور.

وقالت "جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية" أن هبة عندما زارتهم قبل 3 أشهر أعطت فريقها دفعة معنوية مليئة بالطاقة والأمل وحب الحياة حتى آخر لحظة من العمر، وأضافت الجمعية في منشور على صفحتها في "فيسبوك" إن هبة كانت طفلة موهوبة بالرسم وتتسم الذكاء وجمال الروح، ورغم مرضها بالسرطان كانت شديدة الحماس لأن تقدم شيئاُ مميزاً للأطفال لكن شدة المرض ووصولها إلى نهاية المشوار كان هو الأسبق.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(111)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي