أذكر خلال مرحلة التسليح في الثورة السورية وعندما انتشرت الفصائل، فصائل المعارضة على معظم مساحة الجغرافية السورية، كان في حي الوعر بحمص، وأعتقد أن مساحته لا تتجاوز 50 دونما، كان فيه 27 فصيلا مسلحا، أما في درعا، فقاعات اجتماعات غرفة الموك في الأردن لم تكن تتسع لكل "القادة" لكثرتهم، ولا اعلم إن كانت تلك الكثرة والانقسام بداعي البحث عن المزيد من الأموال و"الدعم" أو بقصد التخريب، ربما السبب في العجز عن ايجاد جسم عسكري موحد مرتبط بأسباب مصلحية ضيقة.. كثيرة هي الاسباب لمن يريد البحث..
في تلك الفترة كان أرباب السياسة والثقافة والصحافة والإعلام يبيتون ويصحون على دعوات ضرورة توحيد الفصائل وضبط حركتها بما يساعد في تحقيق أهداف الثورة، ولكن "الأرباب" أنفسهم في "مؤسساتهم" السياسية والإعلامية والمدنية، كانوا في حالة تشظ أبشع بعشرات المرات مما هو الحال عند جماعة "السلاح"، هذا التشظي أيضا لايبتعد في أسبابه عن الأسباب نفسها التي أبقت على الفصائل ممزقة، وربما يضاف إليها أسباب نفسية، لا أنفي وجودها عند جماعة السلاح، أسباب نفسية تتعلق بعقد المنصب والاعتقاد بأن الوصول إلى منصب ما في مؤسساتهم "الهشة أصلا" لا يعني امتلاك هذا المنصب و"التأبييد" وان مهمة ما يجب تحقيقها خلال الوجود في هذا المنصب وأن "الخصم" بالمعنى السياسي هو النظام الذي كان السبب في كل ماسبق وليس التشفي والانتقام والدخول بمعارك جانبية مع من يفترض أنهم في الخندق نفسه، ليس انطلاقا- في معظم الأحيان- من اختلاف في وجهات النظر حول الطريق الاسلم لتحقيق الهدف المنشود، بل انطلاقا من عقد وأمراض نفسية واجتماعية وجغرافية وربما اقتصادية، جلبناها معنا من سوريا إلى عوالم اللجوء، ولعل الكثر لم يتعلموا من الغرب بما فيه من مؤسسات لا تدير بلادهم فحسب بل تدير العالم برمته، سوى قشور، المجتمع الغربي نفسه يعتبرها حالة مرضية.
خلال الأيام الأولى للثورة كان كثر من طائفة النظام، العابرة للطوائف الدينية، يقولون لاضير إن تم قتل مليون سوري في سبيل انهاء "الأزمة" وباتت عبارة "بلا مليون من درعا" من العبارات الشهيرة.
يثبت السوريون يوما بعد يوم أنهم قد يكونوا قصص نجاح مميزة على المستوى الفردي، لكنهم في كثير من الأحايين قصص فشل مقرفة على مستوى العمل الجماعي..
وللوجع بقية.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية