أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إلى أين تمضي؟ ... عمر حكمت الخولي

 

1-

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

كَأَنَّ الْجِبَالَ أَمَامَكَ سَهْلٌ

كَأَنَّ السَّمَاءَ الَّتِي تَسْتَظِلُّ بِهَا سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى

تَنْتَهِي دُوْنَ طُوْلٍ وَعَرْضِ

كَأَنَّ الطَّرِيْقَ سَيُوْشِكُ أَنْ يَخْتَفِي في السَّحَابِ

وَأَنْ يَجْعَلَ الْغَيْمَ حَقْلاً لأَرْضِي!

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

وَتَحْمِلُ شَعْبَاً عَلَى رَاحَتَيْكَ

وَتَحْمِلُ عَرْشَاً عَلَى كَتِفَيْكَ

وَتَحْمِلُ فُسْتَانَ عُرْسٍ جَدِيْدَاً

يُمَزَّقُ في كُلِّ رَكْعَةِ فَرْضِ!

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

وَهَذِي الدَّقَائِقُ يَا سَيِّدِي الْكَهْلَ أَمْسَتْ سِنِيْنَاً

وَكُلُّ الْبَوَادِي سَتَدْخُلُ مَرْحَلَةَ الشَّيْبِ

كُلُّ الْمَطَارِحِ شَاخَتْ

وَكُلُّ الْمَقَاعِدِ في طَرَفِ الشَّارِعِ الْعَرَبِيِّ تَخَطَّتْ صِبَاهَا

وَمَا عَادَ يُؤْنِسُهَا غَيْرُ تِذْكَارِ حَيْضِ!

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

أَهَذَا الطَّرِيْقُ الَّذِي خَطَّهُ كَعْبُكَ الصُّلْبُ أَمْسَى طَرِيْقَكَ نَحْوَ التَّحَدِّي؟

أَهَذَا الطَّرِيْقُ الْمُعَبَّدُ

بِالْوَجَعِ الشَّاقِّ كَالْكِبْرِيَاءِ اسْتَحَقَّ الْمِضِيَّ عَلَيْهِ؟

وَهَلْ أَصْبَحَ الدَّرْبُ يَا سَيِّدِي جُلَّ بَعْضِي؟!

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

حِجَارَةُ دَرْبِكَ تَصْرُخُ طَالِبَةً نَجْدَتِي

وَتُنَادِي عَلَيَّ كَأَنَّ النَّجَاةَ تُرَابِطُ في جَوْفِ جِسْمِي

كَأَنَّ الإِلَهَ تَجَلَّى عَلَى طَرَفِ الْمَرْكَبِ المُتَحَرِّكِ

يَعْفُو عَنِ الإِنْسِ عَطْفَاً، وَيَحْمِي

كَأَنَّ الْوُجُوْدَ هُنَا اسْتَحْضَرَ الرُّوْحَ حَتَّى تُصَلِّي

عَلَى أَحْرُفِ اسْمِي!

 

2-

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

أَمَا زِلْتَ تَبْحَثُ عَنْ ظِلِّكَ الأَسْوَدِ؟
تُرَاهُ سَيَظْهَرُ حَقَّاً؟

وَهَلْ يَتَجَلَّى كَمَا قُلْتَ دَوْمَاً جَلِيْلاً؟

وَهَلْ يَتَخَلَّى عَنِ الأُفْقِ حَقَّاً لِيَرْعَى غَدِي؟

تَوَقَّفْ لِلَحْظَةِ صَمْتٍ

تَصَوَّرْ شِرَاعَ الصِّبَا يَتَرَاجَعُ نَحْوَكَ يَوْمَاً

تَصَوَّرْ جَمِيْعَ الدُّرُوْبِ الَّتِي زُرْتَهَا تَتَقَدَّمُ نَحْوَ النِّهَايَةِ

تَسْتَخْدِمُ الظِّلَّ نُوْرَاً

تَخَيَّلْ يَدِي

هِيَ الطَّرَفُ الآخَرُ الْمُسْتَحِيْلُ

مِنَ الدَّرْبِ يَا سَيِّدِي!

 

3-

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

أَرَاكَ تُمَشِّطُ كُلَّ الْجِبَالِ

تُلاحِقُ أَشْبَاحَ هَذَا الطَّرِيْقِ

وَتَسْقِي الْحِجَارَةَ بَعْضَ الْعَرَقْ

أَرَاكَ تُقَدِّسُ صَوْتَ الضِّبَاعِ

تَعِيْشُ وَحِيْدَاً كَمِثْلِ الْمَدَى

لِتُؤَسِّسَ مَمْلَكَةً لِلْقَلَقْ

وَتَغْرُسُ رَأْسَكَ تَحْتَ التُّرَابِ

كَأَنَّ الثَّرَى بَاتَ نَبْعَ شَبَقْ!

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

أَمَا زَالَ حُلْمُكَ يَفْرِضُ تِلْكَ الْوِصَايَةَ

يُمْلِي عَلَيْكَ صَلاةَ اللَّيَالِي

لِتَعْبُدَ زَهْرَ الْحَبَقْ؟

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟

إِلى أَيْنَ تَمْضِي؟!

سَأَبْقَى أُلاحِقُ وَجْهَكَ في كُلِّ صُبْحٍ

تُطَارِدُ ظِلِّ الْهَوَى

وَتُسَبِّحُ بِاسْمِ الطُّرُقْ!

19 كانون الثَّاني 2009م

(68)    هل أعجبتك المقالة (78)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي