بدأ الحديث عن "الفيلق الخامس" الموالي لروسيا في درعا يتزايد خلال الأيام الماضية، وذلك بعد حديث "أحمد العودة" عن جيش موحد جامع لكل حوران، وحادثة تفجير حافلة المبيت التي أودت بحياة 9 عناصر من الفيلق.
ومن الأحاديث التي تواردت عند ذكر عبارة الفيلق هي مسألة تدريب العناصر المنتسبين للفيلق في قرية "سلمى" بريف اللاذقية، حيث أبدى البعض استغرابهم تجاه هذا السلوك متسائلين عن الأهداف التي تسعى روسيا للوصول إليها.
* سر الرحلات إلى سلمى
وكشف قيادي في الفيلق الخامس ينحدر من درعا لـ"زمان الوصل" عن سر الرحلات التي بدأت روسيا تنظمها منذ ثلاثة أشهر لمجموعات تابعة للفيلق إلى اللاذقية وتحديدا إلى بلدة "سلمى"، مؤكدا أن الغاية منها هو تدريب قوات الفيلق الخامس على مكافحة "الإرهاب"، وتأهيله للقيادة والاندماج في جيش "وطني"، قادر على التعامل مع كافة صنوف الأسلحة، وله هيكلية عسكرية نظامية، وتنظيم دقيق وفق القواعد الأساسية لتشكيل الجيوش.
وشدد القيادي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، على أنه "لا يشترط بأن يكون هذا الجيش مواليا للأسد، وإنما جيش تنحصر مهمته في المساعدة على ضبط الأمن خلال المرحلة الانتقالية، وحماية حدود الدولة، ينتمي للوطن بكامله، وليس له أي ولاء طائفي أو إقليمي".
وأوضح أنه "من المفترض أن يتمتع هذا الجيش باستقلالية كاملة عن نظام الأسد، ويتلقى دعمه المالي والعسكري والتمويني من قبل روسيا مباشرة، ويجب أن يكون نواة لجيش سوريا المستقبل مع بدء عملية الانتقال السياسي". وأشار إلى أنه "بالفعل توجهت مجموعات من الفيلق إلى محافظة اللاذقية، وكان من المفترض أن تصل إلى قاعدة (حميميم)، ولكنها لم تدخلها على الإطلاق، مع أن الاتفاق كان ينص على أن يتم التدريب في القاعدة وبإشراف مدربين روس فقط، لكن روسيا غيرت الخطة بشكل منفرد، وأرسلت هذه المجموعات إلى بلدة (سلمى) مباشرة".
وقال: "سكنت هذه المجموعات في منازل المدنيين المهجورة في (سلمى)، ولم يتم تدريبهم على أي شيء، فقط تم تأمين كل المتطلبات التي يحتاجونها، وكأنهم جاؤوا لقضاء إجازة سياحية صيفية من طعام وتبغ ومشروبات"، لافتا إلى أنه لم يسمح لعناصر قوات الأسد المتواجدين كحرس في بلدة "سلمى" الاحتكاك بهم أبدا، كما لم يسمح لعناصر الفيلق مغادرة البلدة أو التجول في محيطها وانحصر تواجدهم وحركتهم في البلدة بالإضافة على بلدة "دورين" القريبة ومنتجع "حزيرين" الواقع بين البلدتين.
وأضاف أن "ثلاث مجموعات تم إرسالها على التوالي، وبقيت كل مجموعة شهرا كاملا دون عمل، بل كان رحلتها عبارة عن شهر اصطياف وسياحة". وكانت قوات الأسد سيطرت على بلدة "سلمى" تحت الغطاء الجوي الروسي الكثيف، باستخدام كافة أنواع صنوف الأسلحة في نهاية عام 2015، وبداية عام 2016، بعد مقاومة وصمود أسطوري، سطّره أبناء المنطقة بالتعاون مع فصائل الجيش الحر، حيث استمر هذه الصمود أربع سنوات، تعرضت خلالها البلدة إلى آلاف القذائف والغارات الجوية والبراميل المتفجرة، لكن القوات الروسية اتخذتها مقرا لقيادة قواتها في المنطقة، ومنطقة رصد واستطلاع أرض ولا سلكي.
وأفاد المصدر بأنه يتم تجميع مجموعات الفيلق الخامس في منطقة يتم اختيارها في درعا، حسب أماكن تواجد هذه المجموعات، ومن ثم يتم نقلهم بحافلات على محافظة اللاذقية، حيث يرافقها قوات من الفرقة الرابعة التي يقودها "ماهر الأسد"، وهي موالية بشكل كامل لإيران، ولم يسمح لهم بالتوقف طيلة الطريق، أو النزول من الحافلات إلا في استراحة أو استراحتين على الطريق حسب مخطط الرحلة، التي يبلغ طول طريقها حوالي "500" كم، وتستغرق "8" ساعات.
وبين المصدر أنه "وعند النزول في الاستراحة لا يكون متواجد فيها أي مدني، ومدة كل توقف نصف ساعة فقط، يتناولون فيها الطعام والشراب ولقضاء الحاجة دون مغادرتها أبدا، يتوزع عناصر الفرقة الرابعة حولها كي لا يهرب أحد من عناصر الفيلق، ولا يسمح لهم باصطحاب سلاحهم حين الترجل من الحافلات".
وروى محدثنا أن "العناصر بعد ذلك يتابعون طريقهم، وسط حراسة مشددة من قبل سيارات مدججة بالسلاح، تسير في المقدمة والمؤخرة وعلى جوانب الحافلة حسب الطريق، وإذا تعطلت إحدى الحافلات فلا يسمح بالترجل منها حتى إصلاحها أو استبدالها، ويتوقف الرتل بالكامل حينها.. كما تحلق طائرات استطلاع روسية مسيرة فوق الرتل حتى وصوله إلى بلدة (سلمى)".
اعتبر المصدر أن هذه العملية "هي عبارة عن خطة مدروسة من قبل روسيا لإفراغ الفيلق الخامس من مضمونه، والقضاء عليه من داخله، وتحجيم دوره"، مؤكدا أن روسيا "مازالت تعتبر الفيلق الخامس والمجموعات المنضوية تحته معادية لبشار الأسد، وهي لا تريد ذلك، وبالتالي فهي تحاول إشغال عناصر الفيلق وقادته بأمور جانبية".
ونوه إلى أن "إصرار الروس على إرسال العناصر إلى بلدة (سلمى) في ريف اللاذقية قد يكون مقدمة لنقلهم بالكامل إلى المنطقة، وزجهم في معركة هناك، وهذا مخالف لما تم الاتفاق عليه أثناء المصالحة في درعا، معربا عن قلقه من موافقة بعض العناصر والمجموعات على الانتقال، وربما الاستقرار والتوطين في المنطقة، بعد منع أهل المنطقة المقيمين في مدينة اللاذقية من العودة إليها، ونزوح من كان مقيما فيها من أبنائها مع بدء التدخل الروسي، وهو شكل من أشكال التغيير الديموغرافي الذي يساهم في تعزيز سلطة الأسد".
ولم يخف المصدر استغرابه من إصرار روسيا على إضعاف الفيلق، وعدم قبولها لمن تقدموا بطلب الانضمام إلى صفوفه، والذين بلغ عددهم أكثر من 20 ألفا من عناصر فصائل الجيش الحر في درعا، مشددا على أنها رفضت قبول عناصر الجيش الحر لعدم تقوية الفيلق، وإجبار المتقدمين على ترك سلاحهم والتوجه على الخارج، أو الانضمام إلى جيش الأسد، باعتبار أن أغلبهم من المطلوبين للخدمة الإلزامية العامة في الجيش الأسدي، أو من الملاحقين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، أو أنهم ملاحقون بقضايا جنائية بدعاوى كيدية. ورغم أن الاتفاق مع فصائل الجنوب نص على احتفاظ الفصائل بسلاحها الخفيف والمتوسط وبهيكلتها، لكن هذه الأسلحة تحتاج إلى التزود الدائم بالذخيرة، وهذا الأمر أصبح مستحيلا الآن، وبالتالي فقد أصبح مصير عناصر هذه الفصائل في مهب الريح، ومجبرة على العمل وفق ما تمليه عليهم روسية، كي لا يقعوا فريسة قوات الأسد وميليشياته.
*لا خلاف بين روسيا وإيران
ونفى المصدر أن "يكون هناك أي خلاف بين روسيا وإيران، مؤكدا أن التعاون مستمر بين الميليشيا الإيرانية في المنطقة والقوات الروسية، وروسيا تعتمد على الفرقة الرابع الموالية لإيران في درعا".
وشدد على أن "الدليل على ذلك هو مرافقة الفرقة الرابعة لقوات الفيلق في تنقلاتها، لحراستها ومنعها من الخروج عما هو مخطط له، لافتا إلى أن التفجير الذي استهدف قافلة الفيلق الخامس قبل أيام على طريق "بصرى الشام – كحيل"، أثناء عودتهم من "سلمى" هو من تدبير المخابرات الجوية الموالية لإيران وبالتنسيق مع الفرقة الرابعة.
وقال: "انطلقت قافلة قوات الفيلق الخامس من بلدة (سلمى) فجر يوم السبت، ووصلت الظهر إلى منطقة (الصورة) في ريف درعا الشرقي، وسط حراسة مشددة جدا من قوات الفرقة الرابعة، وفي هذه المنطقة انسحب كافة عناصر الفرقة، وتخلوا عن مرافقة القافلة وحراستها، لتتابع هي مسيرها وحيدة في منطقة تخضع بشكل كامل لقوات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية، وتحت السيطرة الأمنية الكاملة للمخابرات الجوية".
وأضاف: "هذه المنطقة لا يمكن الدخول إليها من قبل أي شخص أو مجموعة مسلحة دون التنسيق مع الجهات الثلاث، (الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية والمخابرات الجوية)"، مشيرا إلى أن "التفجير حدث في منطقة مكشوفة، لا يمكن لا يمكن الدخول إليها من قبل أي شخص دون مشاهدته، والمرور على حواجز النظام".
وأوضح أن التفجير كان بكمية من المتفجرات لا تقل عن 300 كغ من مادة "سي فور" شديد الانفجار، حسب تقديرات الضباط المختصين، وهذه الكمية تحتاج إلى سيارة لنقلها، ووقت كاف لزرعها وضبطها، وكانت مزروعة على مسافة بطول حوالي 500 متر، بهدف استهداف الرتل بكامله، والقضاء على كافة عناصر المجموعة العائدة من محافظة اللاذقية.
لكن الذي حدث وفقا للمصدر هو أن الحافلة التي انفجرت كانت تسير في مقدمة الرتل بمسافة تزيد عن 1 كم، حيث انفجرت كافة المتفجرات المزروعة دفعة واحدة أثناء مرورها، وبالتالي فلم تتعرض باقي القافلة للإصابة.
وأكد المصدر وقوع كل من كان في الحافلة بين قتيل وجريح، دون إصابة أحد من الحافلات الأخرى، وأنه قد شاهد الإصابات بعينه، وساهم بإسعاف بعضها، مشددا على أنه لا يمكن تنفيذ مثل هذا التفجير، دون تنسيق بين الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، وموافقة الميليشيات الإيرانية والتنسيق معها بل والاشتراك في التنفيذ، وربما تكون العملية بكاملها من تنفيذها، وهذا يؤكد رغبة روسيا في إنهاء الفيلق الخامس، وعلمها الأكيد بموعد التفجير والمنفذين، وإلا لما سمحت بتخلي قوات الفرقة الرابعة عن حراسة القافلة قبل مكان التنفيذ.
وكان إعلام نظام الأسد أعلن أن التفجير استهدف عناصر من قواته ووجه الاتهام إلى أبناء المحافظة ممن كانوا منتمين لفصائل الجيش الحر، في محاولة منه لتبرير أعماله الإجرامية في المنطقة.
عن تفجير الحافلة والرحلات إلى "سلمى".. قيادي في الفيلق الخامس يؤكد تغيير روسيا لموقفها

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية