قبل أيام أعلن قائد اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الموالي لروسيا "أحمد العودة" عن قرب تشكيل جسم عسكري جديد جامع لكل حوران، لكن اليوم وبعد قرابة العامين من سيطرة النظام على الجنوب، تبدو هذه الفرضية في غاية الصعوبة لأن المنطقة أصبحت تعج بالميليشيات الإيرانية واللبنانية وحتى التابعة للنظام المقسومة بالأساس في ولائها بين روسيا وإيران.
ورغم أن اتفاق "التسوية" مع الروس صيف عام 2018، نص على إخراج كافة الميليشيات الإيرانية والشيعية من المنطقة مثل "حزب الله، وفاطميون وأبو الفضل العباس"، الذين بالفعل خرجوا مؤقتا، لكنهم عادوا بقوة من خلال الميليشيات التي قامت على عناصر المصالحة، وهذا ما جرى تحديدا في ريفي درعا الغربي والقنيطرة وصولاً إلى مدينة "البعث" كما يقول الناشط "معاذ الحوراني".
وكشف "الحوراني" أن فصائل بكامل عديدها وعتادها المتبقي تواصلت في السابق مع لجان المصالحة في درعا ومع مسؤول قاعدة "حميميم" معبرين عن رغبتهم في تشكيل فصيل تابع للفيلق الخامس إلا أن القوات الروسية رفضت هذا الغرض بشكل قطعي، مشيرا أنهم ما زالوا إلى اليوم خارج حسابات روسيا وإيران. وأوضح أن المنطقة الشرقية وصولاً لحدود ما بعد بلدة "عرة" في السويداء هي منطقة نفوذ روسية متمثلة بميليشيات "مصالحة" تابعة للفيلق الخامس وقوات متفرقة تابعة للفرقة الرابعة تتركز بحواجز حول القرى التي أخذت بقوة السلاح أثناء الحملة العسكرية الأخيرة وهناك أيضاً خلايا تتبع لهذه الحواجز داخل القرى ولكن عملها محدود جدا. كما تبسط ميليشيات روسيا نفوذها على مناطق "سكاكا، ورخم، والدارة، وسميع"، بهدف حماية مطار "الثعلة" ومدخل محافظة السويداء الغربي المحاذي لدرعا، وهي مناطق ذات غالبية مسيحية عمل الروس على إعادة الكثير من أهلها إليها. أما منطقة الشريط الحدودي مع الأردن فهي مسيطر عليها من قبل قوات مشتركة روسية وتابعة لنظام الأسد، فيما تقسم مدينة درعا إلى قسمين الأول يسيطر عليه الأمن العسكري والفرقة الرابعة ومليشيات المصالحة التابعين لإيران والقسم الآخر يتبع للجنة المركزية التي تتمثل من فصائل الجيش الحر المنضوية تحت سقف الاتفاق ولكن غير راضخين للتسوية وتتواجد هذه اللجنة في مناطق التي لم يستطع قوات الأسد وروسيا أخذها بقوة السلاح، وفقا لـ"الحوراني".
وأكد أن روسيا لا تملك قوات فعلية على الأرض غير الفيلق الخامس والشرطة العسكرية، والتي أكثرت من تواجدها في الأشهر الأولى من الاتفاق لكنها حضورها تقلص كثيرا لاحقا، كما تتواجد في غرفة عمليات مدينة "ازرع"، لافتا إلى أنها تركز اهتمامها في معبر "نصيب" والطريق الدولي دمشق عمان. وبحسب "الحوراني" فإن الفصائل التابعة لـ"اللجنة المركزية" لا تتبع لأحد، بينما تخضع جميع الأفرع الأمنية مثل المخابرات الجوية والأمن العسكري والفرقة الرابعة وجمعية البستان للميليشيات الإيرانية ويتمثلون في غرفة عمليات قوات بعيدة عن نقاط التماس مع الفصائل المتعاونة مع روسيا، كما أن رؤساء الأفرع الأمنية مثل "لؤي العلي" يعملون لصالح دول خارجية ولا يعودون إلى النظام ومنهم أيضا "سامر عمران" المسؤول الأمني عن ملف الاغتيالات والخطف وتحريك مليشيات المصالحة التابعين للأمن العسكري وتبعيته المطلقة لإيران.
وتسعى الميليشيات الموالية لإيران على بسط نفوذها على الريف الغربي لضمان عمليات التهريب التي تعتبر شريان حزب الله وإيران، ولذلك بدأت الفرقة الرابعة مؤخرا في التوسع بالمنطقة عبر نشر نقاط وحواجز عسكرية في العديد من البلدات مثل "سحم الجولان ونافعة" كما عملت على إنشاء تجمعات رئيسية ومعسكرات لإخراج مؤازرات عند الحاجة.
وفيما يتعلق بالقرى الواقعة على الطريق الدولي وقرى "خط الشام القديم"، والتي كانت في السابق محررة، بين "الحوراني" أنه تنشط فيها اللجان المركزية والحزبية بتغطية روسية، بهدف ضمان هدوء المنطقة وتأمين الطريق الدولي، فيما بقيت التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد على حالها تختلف إدارتها حسب القوى العسكرية المتواجدة على أرضها مثل الفرقة الرابعة أو الأمن العسكري التابعين لإيران والفرقة 15 أو القوات الخاصة الموالية لروسيا.
ولفت إلى أنه ورغم أن روسيا وإيران تتعاونان في إدارة "الجمرك والسوق الحرة"، إلا أن التوازنات العسكرية اختلفت اليوم عن ما كانت عليه قبل عامين، مؤكدا على وجود صراع بين روسيا وإيران يترجم في قيام الفرقة الرابعة بعمليات ضد الفيلق الخامس، والأخير يحشد في المناطق الشرقية الشمالية الشرقية.
وخلص "الحوراني" إلى القول إن روسيا لا تسمح إلى اليوم بتشكيل عسكري جديد تحت الفيلق الخامس في المنطقة الغربية أو القنيطرة، لأنها تسعى لتجنيد الشبان من أجل القتال ليبيا إلى جانب "خليفة حفتر" وهذا ما يحدث وبأعداد كبيرة، أما كلام "العودة" عن جسم جديد هو مجرد كلام وتهديد لأنه يسعى منذ نحو عامين لتشكيل هذا الجسم تحت قيادة الفيلق وهو ما تصر روسيا على رفضه دائما.
بعد عامين من "تسوية" الجنوب.. صراع نفوذ متصاعد على الأرض بين روسيا وإيران وفصائل المصالحة

محمد الحمادي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية