أكد تقرير لوكالة "الأناضول" أن روسيا أسهمت بشكل فعال بمنع سقوط حليفها بشار الأسد، ومكنته من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من سوريا، مشددة على أنها تكبدت نفقات عسكرية كبيرة لتحقيق ذلك، ولم تحصل على عوائد مالية من النظام الذي يعاني لسنوات من تدهور اقتصادي ونفقات عسكرية كبيرة.
ووفقا للتقرير فإن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا بين 5 إلى 7 مليارات دولار، مشيرا أن "جل ما حصلت عليه روسيا، هي عقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز من نظام متهالك ومهدد بالسقوط في أي لحظة". وقال التقرير: "بعد مرور أكثر من 4 سنوات ونصف على التدخل العسكري المباشر في سوريا، أسهمت روسيا بشكل فعال بمنع سقوط حليفها بشار الأسد، ومكنته من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من يد المعارضة، لكن هذا التقدم العسكري لم يكن مجانا، فروسيا تكبدت نفقات عسكرية كبيرة لتحقيق ذلك، وبالمقابل لم تحصل على عوائد مالية من النظام الذي يعاني لسنوات من تدهور اقتصادي، جعلته عاجزا عن دفع أي مبالغ لحلفائه".
وأضاف: "صحيح أن روسيا عززت تواجدها العسكري الذي كان قائماً حتى قبل تدخلها المباشر، إلا أنها لم تستطع جني فوائد اقتصادية تذكر، ولم تتمكن حتى الآن من تهيئة الأرضية في سوريا لتحقيق عوائد تغطي ما تكبدته من نفقات".
وأوضح أن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا يبلغ بين 3 إلى 4 ملايين دولار يوميا وهذا يعني 5 إلى 7 مليارات دولار منذ تدخلها. ولفت التقرير أن من الجهات التي أجرت تلك الدراسات، مؤسسة البحوث الدولية "اي اتش اس" ومركزها لندن، وفي روسيا نفسها، مثل تقرير لحزب "يابلوكو" المعارض وصحيفة غازيتا، ويضاف إلى ذلك، الدعم بالسلاح الذي قدمته للنظام منذ لجوئه لاستخدام الحل العسكري في البلاد، حيث لم تقبض ثمن تلك الأسلحة وحولتها إلى ديون طويلة الأجل، أو اختارت تحصيلها من خلال مزايا أو اتفاقيات تضمن بها مصالحها وتواجدها بالمنطقة.
*عقود طويلة الأمد
يرى التقرير أن جل ما حصلت عليه روسيا اقتصاديا من سوريا، هي عقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز من نظام يبدو متهالكا ومهددا بالسقوط في أي لحظة، بالإضافة إلى أن الجدوى الاقتصادية من تلك العقود تبقى غير مؤكدة، وخاصة أن معظم الحقول الغنية تقع في شرق البلاد تحت الحماية الأمريكية. وقال إن "شركات روسية عقدت عدة اتفاقيات مع النظام للتنقيب واستخراج النفط والغاز من الحقول المتبقية في يد النظام، كذلك وقعت اتفاقيات لترميم وتطوير المنشآت النفطية، إضافة إلى عقود لتنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة واستخراج الثروات المعدنية". ونوه أنه "وفي عام 2019، وقعت وزارة النفط التابعة للنظام عقداً مع شركتي (ميركوري وفيلادا) الروسيتين، كما حصلت شركة (ستروي ترانس) على أحقية التنقيب واستخراج الفوسفات من المنطقة الشرقية الواقعة جنوب مدينة تدمر السورية، وعقد تأجير مرفأ طرطوس لشركة (STG ENGENEERING) لمدة 49 عاما.
كما وقعت عقودا في مجال الطاقة، في مدينة حمص، آذار/ مارس 2018 بين النظام وشركات روسية، وعقد آخر لإنشاء خط حديدي يصل مطار دمشق بمركز المدينة. ولفت أن "جميع هذه العقود حتى لو ثبتت جدواها الاقتصادية، فهي غير قابلة للتطبيق في حال لم يتم يتحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعسكري في سوريا، والبدء في إعادة الإعمار". واعتبر التقرير أن روسيا أصيبت بخيبة أمل كبيرة مع رفض المجتمع الدولي بشكل متكرر وحازم تمويل أي خطط لإعادة إعمار سوريا، طالما لم يتحقق انتقال سياسي في البلاد وفقا لقرارات مجلس الأمن، ولم تتمكن روسيا رغم كل التقدم على الأرض من فرض أمر واقع يدفع العالم إلى القبول ببقاء النظام مع تغييرات شكلية. كما زادت خيبة الأمل الروسية، مؤشرات لانهيار اقتصادي كامل في سوريا، حيث انخفضت قيمة الليرة إلى مستويات قياسية وبشكل متسارع غير مسبوق، بوصول سعر صرف الدولار الأمريكي 3200 ليرة قبل أيام، في حين كان قبل عام 2011 لا يتجاوز 50 ليرة.
* قانون قيصر
وتطرق التقرير إلى أن قانون "قيصر" الأمريكي الذي سيدخل حيز التنفيذ في 17 من الشهر الجاري، يشكل ضربة جديدة وقوية للآمال الروسية في تحقيق انتعاش اقتصادي في سوريا بعد حالة التقدم الميداني التي حققها النظام بمساعدة من موسكو وطهران، وهو ما يعني أن الشركات الروسية العاملة في سوريا، سوف تنال حظها من تلك العقوبات، مما سيزيد الضغط الاقتصادي على روسيا التي تواجه أساساً عقوبات أوربية وأمريكية بسبب دعمها للانفصاليين في أوكرانيا.
*تبخر آمال الوصول للنفط شرق الفرات
بعد عملية نبع السلام التي أطلقها الجيش التركي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي وانسحاب الولايات المتحدة من مناطق واسعة في شرق الفرات، دخلت القوات الروسية إلى المنطقة ونشرت أكثر من ألفين من جنودها هناك، لتملأ الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة.
وأشار أن هذا الأمر دفع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ووزير دفاعه إلى التأكيد أكثر من مرة، إلى أن المشاركة في الحرب في سوريا أفسحت المجال لاختبار الأسلحة الروسية ومدى فعاليتها، في محاولة لتبرير تلك النفقات بأنها ضرورية ومطلوبة. كما أن ترسيخ روسيا لوجودها في سوريا عبر استئجار قواعد هناك لمدد طويلة، قد يكون سبباً مقنعاً في ذهن "بوتين" ورجاله يستحق أن تضخ كل تلك النفقات من أجله، فالوصول إلى المياه الدافئة، هو هدف روسي قديم منذ سنوات طويلة، ولا يبدو أن هذه الغاية قد فقدت قيمتها بتقادم الزمن.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية