بدأت تركيا في الآونة الأخيرة بمحاسبة بعض الفصائل المنضوية في صفوف "الجيش الوطني"، بعد أن فاض بها الكيل من عدم انضباط تلك الفصائل -قيادة وعناصر- واستمرارها في خلق توترات أمنيّة تؤثر سلباً على حالة الأمن والاستقرار في مناطق العمليات التركية على الأراضي السورية.
وحول هذا الموضوع، قال مصدر عسكري خاص، فضلّ عدم ذكر اسمه لـ"زمان الوصل"، إنّ الحكومة التركية قطعت الدعم المالي عن فصيل "جيش الشرقية" كعقوبة له على قيام عناصره باستهداف دورية تابعة لجهاز المخابرات التركية في منطقة "سلوك" شرقي نهر الفرات خلال شهر أيار/ مايو الماضي، إضافةً لعدم انضباط عناصره وقيامهم بالاعتداء على مؤسسات محليّة في مدينة "جرابلس" بريف حلب الشمالي الشرقي.
وأضاف "جرى كذلك تخفيض الكتلة المالية المخصصة لفصيل (تجمع أحرار الشرقية)، حيث ألغت تركيا اعتماد رواتب 400 عنصر من أصل حوالي 1200 عنصر، وذلك على خلفية كثرة الانتهاكات التي يقوم بها عناصر الفصيل بحق المدنيين في مناطق (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام)، وأيضاً بسبب دخول الفصيل في حالات اقتتال متكررة مع فصائل أخرى في (الجيش الوطني)".
وأردف بالقول "على الرغم من الإمكانات المالية الكبيرة التي يمتلكها فصيل (أحرار الشرقية)، إلاّ أنّ قيادته قامت بتخفيض قيمة آخر راتب تمّ منحه لعناصر الفصيل، إذ تراوحت قيمتها بين 300 و500 ليرة تركية، وذلك تبعاً لمكانة وطبيعة عمل كل عنصر".
وأوضح المصدر ذاته أنّ "أحرار الشرقية" بإمكانه مواكبة قرارات تخفيض الدعم المالي أو انقطاعه بشكلٍ كامل لفترة لا تقل عن 6 أشهر، الأمر الذي دفع بقائد الفصيل المدعو "أبو حاتم شقرا" إلى الانصياع وتسليم عددٍ من قادته البارزين الذين شاركوا بالهجوم على مبنى الشرطة العسكرية في "جرابلس" إلى القضاء، فضلاً عن قبوله بحلّ الخلافات والإشكالات العالقة مع فصائل ثانية مثل "الفرقة 20"، التي تصالح "شقرا" مع قائدها قبل ما يزيد عن الأسبوعين..
*مخاوف تركيا
ودأبت السياسة التركية في الفترة الماضية على اتباع أساليب أكثر مرونة في تعاملها مع الانتهاكات والتجاوزات التي تقوم بها فصائل "الجيش الوطني" العاملة في ريف حلب الشمالي، واقتصرت بمعظمها على مطالبات مستمرة لقادة تلك الفصائل بالحدّ منها أو معاقبة العناصر المتورطين فيها فحسب. ويرجع ذلك -كما يقول المصدر- إلى أنّ مسألة ضبط تلك الفصائل وإلزامها بوقف ممارساتها لم تكن تشكل أولويّة للأتراك في الفترة الماضية، كما أنّ لدّى الأخيرة مخاوف من حدوث أي انقلاب عليها وتغيير تلك الفصائل لولاءاتها السياسية لصالح قوى دوليّة أو إقليمية ثانية إذا ما ضغطت كثيراً على مرتكبي التجاوزات وسعت إلى محاسبتهم.
لكن المصدر عاد وأشار إلى أنّ قادة "الجيش الوطني" باتوا لا يجرؤون في الوقت الراهن على مخالفة التعليمات الصادرة عن الحكومة التركية، إمّا بسبب الخوف من خسارة مراكزهم، أو خوفاً من قطع الدعم المادي واللوجستي عن فصائلهم التي أصبحت مجرد أداة طيعة يحركها المسؤولون الأتراك وفق أهوائهم.
وتشكل "الجيش الوطني" في أواخر العام 2017، بدعمٍ من الحكومة التركية، وهو يتبع لـ"وزارة الدفاع" في "الحكومة السورية المؤقتة"، ويتألف من سبعة فيالق عسكرية، تتفرع بدورها إلى العديد من الألوية، كذلك فإنه يضم في صفوفه عدداً كبيراً من الضباط المنشقين عن قوات النظام، بالإضافة إلى ضباط آخرين تمّ تدريبهم داخل الأراضي التركية.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية