أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

درعا.. رافضو "التسويات" دريئة لانتقام الأسد وميليشياته

من درعا - جيتي

منذ إبرام اتفاق "التسوية" في الجنوب السوري بين روسيا وفصائل المصالحة، صيف عام 2018، وأوضاع المئات من عناصر "التسويات" الرافضين لها معلقة دون مصير واضح، فلا هم عادوا إلى ممارسة الحياة الطبيعية خوفا من عمليات الاغتيال والاعتقال التي باتت تستهدفهم في كل يوم، ولا هم قبلوا الانخراط في صفوف ميليشيات النظام وروسيا وإيران كما عرض عليهم، لتكف عنهم بطاقات البحث وتُشطب أسماؤهم من الحواجز وقوائم الأفرع الأمنية.

هكذا بقيت مصائر الرافضين الانضمام إلى ميليشيات الأسد في "مهب الريح"، تتربص بهم مكائد النظام الهادفة إلى التخلص منهم، وازدادت هذه المخاوف بعد الحملة على مدينة "الصنمين"، وإرسال تعزيزات ضخمة إلى ريف درعا الغربي الخزان الأكبر لرافضي العمل مع النظام بالإضافة إلى "درعا البلد" وحي "طريق السد".

وبين هؤلاء والمنضمين بالفعل لقوات الأسد يوجد المئات ممن هم أسوأ حالا والذين لم يبرموا بالأساس اتفاق "تسوية"، ويتركزون في "درعا البلد، وحي طريق السد، وطفس، وجلين"، فهم من ضمن المناطق التي قال عنها الاتفاق مع الروس "تسير أمورها من قبل الأهالي"، وهو للتخفيف من مصطلح "الجيش الحر"، حيث يمنع دخول قوات النظام وروسيا وإيران إليها، لكنهم باتوا مع مرور الأيام أشبه بالمحاصرين وبعيدا عن أي دعم أو مساعدة لمناطقهم.

*بين الاغتيال والاعتقال
وبالرجوع إلى "مكتب توثيق الشهداء في درعا" تبين أن عدد الضحايا من عناصر فصائل المعارضة الذين لم ينضموا إلى ميليشيات النظام بلغ 55 عنصرا منذ شهر آب/أغسطس عام 2018 وحتى اليوم، فيما وصل عدد المعتقلين منهم 495 شخصا على الأقل قضى منهم تحت التعذيب في سجون الأسد 23 شخصا.

الناشط "معاذ الحوراني" أكد لـ"زمان الوصل" أن أعداد الضحايا من العناصر الرافضين لـ"التسويات" والانضمام إلى قوات الأسد بالعشرات، بينهم شخصيات قيادية كان لها حضور ثوري كبير في السنوات السابقة على امتداد ساحة الجنوب، مثل "معتز قناة" الملقب - أبو العز" و"أبو النور أبازيد" القياديين البارزين في غرفة عمليات "البنيان المرصوص" و"حركة أنصار الهدى"، والقيادي في لواء "شهيد حوران"، وقائد كتيبة الدفاع الجوي "فهد الكور" الملقب "أبو عدي مضاد"، و"محمد الكميتي أبو قاسم" القيادي في كتائب "الصديق"، والقيادي "محمد أبو نبوت".

وأوضح أن "هؤلاء عملوا ضمن التشكيلات التي أذاقت قوات الأسد الطائفية الويلات، وهم من الأشخاص الرافضين للتطبيع الروسي بالمباركة العالمية"، مشيرا إلى أنه "قُدمت لهم عروض بالالتحاق بمليشيا الأسد الطائفية كـ(الفرقة الرابعة، والأمن العسكري، أو المخابرات الجوية، أو حزب الله الإرهابي، والفيلق الخامس التابع للروس أو تشكيل جديد يتبع مباشرة للروس، أو جمعية البستان)".

وشدد "الحوراني" أنه وبعد "رفضهم لكل العروض اضطروا لقبول الوضع الحالي، وسرعان ما بدأت تستهدفهم الاغتيالات عناصر وقيادة، حيث تشتت بعض الفصائل والتشكيلات الثورية، فيما بقيت أخرى قائمة على حالها كما كانت قبل الحملة على الجنوب في صيف عام 2018".

وقال: "لم يتسنّ لهذه التشكيلات والأشخاص حماية بعضهم لذلك لجؤوا لنشر حواجز مؤقتة كما حدث في (درعا البلد، وطريق السد، والمخيم)، وبعد انتهاء مدة الحراسة، يبقون في المنازل ولا يستطيعون الخروج من هذه المناطق إلى مناطق (الشياح) ومزارع (السد) أو الريفين الغربي والشرقي.

وأضاف أن "الحجج وراء اغتيال هذه الشخصيات هي الانتماء لتنظيم "الدولة" الذي ليس له وجود بالمنطقة إلا بمجموعات التابعة للنظام"، مشيرا إلى أن "هناك دعوات مطالبة بالخضوع إلى اتفاق جديد أكثر إذلالا، لكنها جوبهت برفض شديد من قبل الجميع".

ووفقا لـ"الحوراني" فإن "المخاطر التي تواجه هؤلاء تتمثل في عمليات الاغتيال أو الاعتقال والتهديدات التي وصل بعضها بشكل مباشر من رئيس الأمن العسكري العميد (لؤي العلي)، والمليشيات التابعة له مثل (مصطفى المسالمة) الملقب بـ(الكسم)، و(عماد أبو زريق، وشادي بجبوج - العو، وأيسر الحريري ، وأبو عريب بجبوج، ورضوان الشامي)، مؤكدا أنهم "على ارتباط بالمدعو (سامر عمران) المسؤول الأول عن قسم الاغتيالات بدرعا وكل قائد ميليشيا منهم له قطاع خاص مسؤول عنه في تصفية العناصر الموجودين فيه". وأفاد بأن هذه المجموعات تتخذ من "جمرك درعا البلد" و"نقطة المكب" الحدودية مع الأردن مقرات لها، تعتقل فيها من يعارضها وتقوم بتعذيبه، علما أن الاتفاق الأخير نص على انسحاب هذه الميليشيات من المناطق الحدودية فهي تحت إشراف المدعو "سامر عمران" مسؤول الاغتيالات الأول في المنطقة وصندوق إيران الأسود في الجنوب.

ورأى أن "الحل الوحيد لحفظ حياة عناصر هذه التشكيلات هو إعادة هيكلة صفوفها وتشكيل جسم عسكري جديد يواجه الجميع تحت مطالب الثورة أو الترحيل إلى الشمال لمتابعة المسيرة من هناك"، فعمليات التصفية جارية على قدم وساق وتستهدف الجميع كما حدث مع القيادي البارز "أدهم الأكراد" الذي نجا من محاولة اغتيال ومثله عضو اللجنة المركزية "عدنان مسالمة".

* خياران لا ثالث لهما
أُغلقت السبل بوجه عناصر "التسويات" والثابتين على مواقفهم في رفضها، دون بارقة أمل تحفظ حياتهم وتنصفهم وتقيهم شرور النظام، فآلاف الشبان الذين أبرموا التسوية وغير المحسوبين على أي جهة عسكرية أو أمنية للنظام مقسومين إلى فئتين كما يقول الصحفي "سمير السعدي"، الأولى عرضة للتصفية والاغتيال بطريقة ممنهجة على أيدي النظام وبمساعدة خلايا أمنية شكلها بهدف التخلص من المناوئين أو الذين يشكلون خطرا عليه مستقبلا، وهذا ما يتم في مناطق "درعا البلد" و"طفس" ومحيطها على وجه الخصوص. وأضاف "السعدي" لـ"زمان الوصل" أن القسم الثاني يشمل من أبرم التسوية والتزم ببلده من دون أي حراك ضد النظام، وهذا القسم تركه النظام في هذه المرحلة، لكنه سيعود إليهم لاحقا ليكونوا جزءا من قواته، سواء طوعا أو كرها".

وفيما يتعلق بالمنشقين لفت "السعدي" إلى أن قسما منهم عاد والتحق بمكان خدمته العسكرية بعد إجراء التسوية، فيما حول القسم الآخر إلى محكمة عسكرية وغالبيتهم موجودون في سجن (صيدنايا) العسكري، مؤكدا أن بعضهم حكم ميدانيا بحسب ذويهم.

واستذكر ما جرى في مدينة "الصنمين" قبل أسابيع بعد الحملة التي كانت بتحريض من أبناء المدينة العاملين مع الأمن العسكري، حيث كان أمام عناصر "التسويات" خياران إما التسوية والالتحاق بالخدمة أو التهجير إلى الشمال. وربط "السعدي" بين الحشود العسكرية التي استقدمها النظام مؤخرا إلى محيط "طفس" ومع سياسته التي تستهدف عناصر "التسويات"، تحت ذريعة وجود "خلايا تنظيم الدولة"، رغم أن الجميع يعرف أن عناصر التنظيم كانوا في سجون النظام وأفرج عنهم حتى يكونوا حجة للتوغل بالمنطقة.

وختم بالقول إن "الروس لا يهمهم اتفاق التسوية والدليل ازدياد أعداد الحواجز بدل من إزالتها، كذلك أعداد المعتقلين زادت 1600 معتقل من تموز/يوليو 2018 حتى اليوم، وعليه يمكن اعتبار الروس طرفا لصالح النظام وليس كضامن".

محمد الحمادي - زمان الوصل
(183)    هل أعجبتك المقالة (162)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي