تسببت الحرب والظروف الاقتصادية المتردية في المناطق المحررة شمالي سوريا بحرمان الأطفال من الدراسة، بعد أن باتت مدارسهم ركاماً بفعل القصف الروسي، فيما يضطر الكثير منهم للعمل وتحمل أعباء الحياة.
على طرف جبل بالقرب من بلدة "سرمدا" الحدودية بريف إدلب يقع مخيم "الوليد" الذي يؤوي عشرات العائلات المهجرة من مختلف المناطق السورية حيث تنعدم المقومات الحياتية والخدمية.
تسعى الطفلة "تيماء" (بائعة العرقسوس) التي تبلغ من العمر (4 أعوام) إلى بيع المشروبات الرمضانية، "العرقسوس، والتمر الهندي، والجلاب بالقرب من معبر "باب الهوى" الحدودي من أجل مساعدة عائلتها على تأمين احتياجاتهم خلال شهر رمضان.
يقول والد "تيماء" في حديث خاص لمراسل "زمان الوصل" إنه نزح وعائلته من بلدة "كنصفرة" بجبل الزاوية منذ حوالي 5 شهور إلى مخيم "الوليد" قرب الحدود التركية باحثاً عن الأمان بعد تعرضه للإصابة لكن ظروفه الصحية منعته عن العمل مما اضطره للبحث عن طرق أخرى للدخل نتيجة الحالة السيئة التي تعيشها عائلته.
الوالد قرر إنشاء بسطة صغيرة للطفلة "تيماء" لبيع المشروبات بالقرب من خيمته حتى تكون تحت ناظريه لأنه لا يستطيع الحركة بشكل دائم فبدأ بتجهيز العرقسوس والجلاب والتمر الهندي بمساعدة زوجته ووضعها داخل أكياس صغيرة لتقوم الطفلة ببيعها على البسطة الصغيرة لتأمين ما تيسر من احتياجات العائلة.
يؤكد الوالد أن النازحين القاطنين في المخيمات وخاصة الأطفال يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على فرص عمل بعد تهجيرهم من مناطقهم وتركهم أرزاقهم وأعمالهم خلفهم، مشيرا إلى أن الكثير من العائلات بفعل النزوح المتكرر فقدت أراضيها وهي تعتمد على الأعمال الحرة من زراعة أو تجارة وغيرها ومع حالة النزوح فقدت مصدر الرزق هذا ولم تعد قادرة على العمل من جديد، وباتت تعتمد على المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الإنسانية التي لا تكفي شيئاً وأن كثيراً من العائلات التي فرت من لهيب القصف اضطرت للعودة لتأمين قوت يومها ولو كانت تحت خطر القصف.
العائلات بالعموم، كما يقول الأب، باتت تعاني من الدخل غير المستقر وامتنع كثير منها عن إرسال الأبناء إلى المدارس نظراً للدخل المحدود وارتفاع تكاليف العملية الدراسية وبالتالي يضطر الأهالي إلى دفع الأبناء إلى العمل رغم ما بها من حرج اجتماعي.
والد "تيماء" يشير إلى أن الطبقة الفقيرة هي الغالبة في المحافظة سواء من أهلها أم من المهجرين إليها ويعتمد جلهم على الأعمال متناهية الصغر في ظل غياب بيئة إنتاجية تمكن من تطوير المنطقة.
حولت الأوضاع في البلاد مع مقتل عشرات الآلاف من المدنيين عدداً كبيراً من الأطفال إلى أيتام فقدوا من يعيلهم فاضطرت الأجسام الصغيرة على تحمل مشاق العمل في عمر مبكر، ناهيك عن حدوث إعاقات دائمة لدى معيلي بعض العائلات وتوقف الحياة الاقتصادية بسبب النزوح مما دفعهم للبحث عن وسائل للحياة والعيش كل منهم يحمل مأساة وقصة وإن اختلفت تفاصيلها إلا أنها تتشابه.
تنتشر ظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير في ريف محافظة إدلب بسبب الفقر وصعوبة الحياة المعيشية حيث أتت الحرب على أرزاق الناس.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية