منبه الفقر لا يرحم وهو يجلجل بين جدران منزله المحاصر بالجوع والفاقة ليوقظه من نومه بوحشية، غير آبه بطفولته وصغر سنه، ليجبره على حمل بضاعته من الثياب ليبيعها على "بسطة" جهزها بين أرجل العابرين والمتسوقين في إحدى ساحات بلدة "عفرين".
الطفل "مصطفى محمد سالم" (13 سنة) النازح من ريف حلب الغربي قرية "عنجارة" الذي سلبته ويلات النزوح ومآسيه المريرة حصته من النوم والراحة في شهر رمضان، وجد نفسه مجبراً على ترك مدرسته أيضا ليلتحق بالعمل في ورشة للخياطة ليعيل أسرته.
يقول صاحب الورشة "ضياء الدين محمد العبسي" لـ "زمان الوصل" : "كان (أبو صطيف) يعمل في ورشة الخياطة التي أديرها في منطقة عفرين وهو وحيد لوالديه، كان مصراً على تعلم مهنة الخياطة، وقد عمل في ورشتي لأكثر من عامين، كان طفلاً طيباً بريئاً دفعته الحاجة التي ألمت بعائلته مؤخراً لأخذ الثياب من ورشتي ليبيعها على البسطة في ساحة عفرين".
يضيف صاحب الورشة متحسراً على "صانعه الصغير": "أصروا أن يحرموه من أبسط حقوقه في الحياة وهي طفولته ليسقط اليوم شهيد تفجير ظالم، مات مصطفى محروقاً خلف بسطته التي يبيع من خلفها ثياب العيد. أحرقوه كما أحرقوا أحلامه الطفولية سابقاً وكما أحرقوا قلب والديه عليه اليوم وهو الذكر الوحيد لديهم".
"مصطفى هو قصة ابني وإبن كل مظلوم في المحرر، مات ظلماً، والدماء ستحاسب كل مجرم ساهم بقتل مصطفى بداية من رأس هرم الإجرام بشار الأسد مروراً بمجرمي قسد وصولاً لكل متسلق على ثورتنا"، يضيف صاحب الورشة.
كان الطفل "مصطفى محمد سالم" واحدا من 40 مدنيا قضوا في التفجير الذي استهدف سوقا شعبيا في مدينة "عفرين"، يوم الثلاثاء.
بائع "البسطة" الذي احترق مع ثياب العيد في ساحات "عفرين"

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية