لا يبدو الوضع الحالي في لبنان أكثر من تطبيق عملي لمقولة "المصائب لا تأتي فرادى"، فالشوارع تغلي بالمحتجين وأصحاب الإقطاعيات السياسية والحزبية والمالية يتناحرون، وكل يلقي باللوم على الآخر، وشبح كورونا يبقى مخيما على بلد لا تنقصه الأشباح، وفوق كل ذلك يأتي انهيار الليرة الضعيفة أمام الدولار مقتربا من حاجز 4300 ليرة للدولار الواحد، ومقربا البلد الصغير من نقطة الانفجار.
وفي ظل هذه الأوضاع يتصدر اللاجئون السوريون المشهد، بوصفهم الحلقة الأضعف التي يقول منطق الأمور إنها ستدفع ثمنا مضاعفا لهذا التناحر والغليان والانهيار المستمر، ولا يستبعد أن يتخذها المتسلطون على الشأن السياسي والحزبي شماعة لفسادهم وفشلهم، مكررين نفس الأسطوانة التي ترجع كل كارثة يشهدها لبنان إلى اللاجئ السوري.
وإذا كانت الدول القوية قد بدأت فعلا بالأنين من تداعيات كورونا المدمرة على اقتصاداتها، فإن لبنان الممزق والهش أصلا، منذور حكما لاضطرابات قد تكرر صورة الحرب الأهلية التي اكتوى بنارها البلد لعقد ونصف، ولكن ربما هذه المرة بشكل آخر.. أعقد وأكثر شراسة وأشد تداخلا من ذي قبل.
وبناء على هذا السيناريو الكارثي المحتمل، بات على منظمات العالم المعنية أن تتعامل بشكل أكثر جدية وأسرع استجابة مع أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، أقله في سبيل تخفيف وقع الاضطرباات والانهيار عليهم، مخافة أن يكون اللاجئ السوري الذي تكسرت عليه عصي القمع أولا واللجوء ثانيا.. أن يكون "مكسر عصا" في ظل وضع مهدد بالانفلات، ومفتوح على احتمالات التصعيد.
وإذا كانت لفظة اللاجئ بصفة عامة ترتبط بالبؤس والكآبة، كونها تصف إنسانا مفارقا لوطنه هاربا من الاضطهاد والقتل، فإن اللاجئ السوري وما زال من "أتعس" أصناف اللاجئين، مقارنة بإخوانه السوريين الذين لجؤوا في شتى بقاع الأرض وبلدان العالم.
وإزاء هذا الوضع التعيس، الذي تقاسمه فيه شريحة من أبناء البلد (لبنان) وسكانه، فإن آخر ما يريد اللاجئ السوري أن يراه، كابوس قادم يخبره أن الكابوس الذي هو فيه حاليا، ليس إلا حلما جميلا!، وبمعنى آخر أن يبكي على الأيام الماضية من لجوئه في لبنان، فيما كان قبل يبكي منها.
لا نريد أن نكون متشائمين، ولكن السوريين خير من يدركون ترتيب البيت اللبناني، وخير من عاينوا عمليا ماذا يعني انهيار هذا البلد وانفلاته، وهم بمكابدتهم أهوال اللجوء في لبنان خلال 9 سنوات صاروا أكثر يقينا أنهم "الدريئة" التي يسدد عليها الجميع –تقريبا- سهامهم، و"الورقة الجوكر" التي يسارع كل لاعب سياسي لرميها بوجه خصمه، بمنتهى الاستسهال ودون كثير تفكير.. لسبب بسيط ومخز في آن معا، وهو أن هؤلاء اللاجئين أضعف من أن ينتصر لهم أحد، وانهم مجبرون على قبول السيء بل والأسوأ، فسوريا الأسد من ورائهم والمجتمع الدولي الغافل عنهم والمتبلد من أمامهم.. فأين المفر؟
نداء من "زمان الوصل" إلى المجتمع الدولي.. احموا اللاجئين السوريين في لبنان وادعموهم قبل أن يجرفهم انهيار لبنان

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية