أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"مهندس الحرية" فيلم درامي يتناول حياة "رائد الفارس"

من الفيلم

أنجز الصحفي الاستقصائي ومخرج الأفلام الوثائقية السوري "أنمار السيد" مؤخراً فيلماً درامياً بعنوان "مهندس الحرية" يتناول جوانب من حياة الإعلامي "رائد الفارس" الذي تم اغتياله قبل سنتين في ريف إدلب مع صديقه الناشط "حمود جنيد" ويصور الفيلم، وهو من إنتاج " تلفزيون الآن" بأسلوب درامي الأحداث والتحديات التي واجهت "الفارس" وأصدقائه وفريقه من ملاحقات وحملات اعتقال وحتى عمليات اغتيال على أيدي أدوات الاستبداد والإرهاب من "الدولة" و"النصرة" وغيرها.

وعمل "أنمار السيد" مديراً لشبكة مراسلي "أورينت" وترك العمل فيها عام 2019 حصل على ماجستير في "الصحافة الاستقصائية" ولديه اهتمام بعملية بناء التحقيقات والأفلام الوثائقية، حيث أنجز من قبل فيلماً وثائقياً بعنوان (العبور إلى سوريا) الذي شارك في مهرجان "توبنغن" للأفلام العربية في ألمانيا عام 2018، وعمل على تقرير وثائقي بعنوان "الناهبون الجدد".

واستغرق إعداد "مهندس الحرية" حوالي الثلاثة أشهر ونصف، بدءاً من كتابة السيناريو ودراسة التصور الفني العام للفيلم والأهم التواصل مع مصادر مقربة جدا من الشهيد "رائد الفارس" لتوثيق شهاداتهم حوله، وحول الظروف والتحديات التي كان وكانوا يعيشونها سويا، وكشف السيد لـ"زمان الوصل" أن فكرة فيلمه كانت حاضرة في ذهنه بتقديم عمل سوري يحاكي تطلعات السوريين وآمالهم في مستقبلهم، خاصة ضمن الظروف الحالية القاهرة التي تعصف بالمدنيين من قتل وتهجير وتدمير للقرى والبلدات على يد أعتى أنظمة الاستبداد بالعالم، ناهيك عن غرق البلاد بالأجندة الطائفية والدولية، فكان لابد–حسب قوله- من اختيار موضوع يبرز أصالة الهوية السورية وتمسكها بالوطن والمستقبل، وتسليط الضوء على شخصية سورية ملهمة بهذا الشأن يؤدي دور التذكير بها وبإنجازاتها وتضحياتها بكل ما سبق، لذلك جاء اختيار قصة الناشط الراحل "رائد الفارس" لأن قصته هي قصة السوريين وقصة السوريين هي قصة رائد بكل مافيها حيث الحرية تبدأ ولا تنتهي بفكرة لاتموت.


وحول اختياره لأن يكون فيلمه روائياً على عكس ما اعتدنا عليه في الأفلام الوثائقية التي تسعى لتسليط الضوء على شخصيات ورموز الثورة أوضح السيد أنه لطالما تساءل أثناء إعداده للفيلم عن الجديد الذي سوف يقدمه عن "رائد الفارس" للناس في الوقت الذي قُدمت فيه عدة أفلام وثائقية عنه سابقاً، وهذا التساؤل كان مفتاح التصور الفني العام من خلال تقديم تصور بصري جديد يوضح جانباً من الضغوط والتحديات الكبرى التي واجهها الناشط الراحل في حياته وعمليات الاغتيال التي تعرض لها مع رفاقه قبل أن يقضي في الاغتيال الأخير، إضافة إلى تقديم معلومات وأسماء جديدة من خلال سرد شهادات أصدقاء رائد وابنه حول الجهة المسؤولة عن عمليات الملاحقة والاغتيال.

ولفت المصدر إلى أنه أراد أن يكون "مهندس الحرية" فيلماً رشيقاً ومنساباً بتواتر التفاصيل والأحداث ليحاول في محصلة كل ما سبق تقديم عمل وثائقي درامي مميز يليق بـ"رائد الفارس"، وكل من يشبهه فكراً وعملاً، ويستطيع أن يوصل كل ما أراد إيصاله من رسائل بنجاح.

وكشف المخرج الشاب أن تصوير الفيلم في إدلب أو حتى "كفر نبل" بلدة "الفارس" لم يكن ممكناً بسبب وجود تنظيم "النصرة الإرهابي" الذي لا يسمح بأي شكل أن يتم تصوير هكذا عمل يدينه في المناطق التي يسيطر عليها، ومن هنا كان خيار ريف حلب بديلا قهرياً للتصوير، الأمر الذي نجح به زميله "أيمن سويد" مدير التصوير باختيار أماكن أقرب ما تكون إلى البيئة التي عاشها "الفارس"، وتم اغتياله فيها، لافتاً إلى أن فريق العمل من ممثلين ومصورين كان رائعاً ومتعاوناً وصادقاً خاصة في أداء المشاهد التمثيلية، وهو ما ساعد على تقديم العمل بهذه الصورة الفنية الجيدة.

وحول معالجة الفيلم لموضوع الإرهاب والمفهوم الملتبس لهذا المصطلح في فيلمه الجديد، أشار محدثنا إلى أنه لا يخفى على أحد الدور الذي قام به تنظيم "الدولة الإرهابي" ومن بعده "جبهة النصرة" في ترويع الناس وإرهابهم بكل الطرق والوسائل المتبعة لديهم من قتل واعتقال واخفاء وغيره، ناهيك عن دور النظام وحلفائه في المسألة طبعاً.

ونوّه "السيد" إلى أن معالجة فيلمه "مهندس الحرية" تختلف عن فيلم "الآباء والأبناء" للمخرج "طلال ديركي" الذي لاقى اعتراضاً من أهالي إدلب وناشطيها بسبب اعتقادهم بأن الفيلم لم ينصفهم وشملهم جميعا بفئة واحدة قدمت للجمهور الغربي، موضحاً أنه حاول من خلال "مهندس الحرية" إظهار جانبين من الصراع جانب "رائد الفارس" والثورة والتحديات التي تواجهها مع كل أشكال الإرهاب والاستبداد وأن كل الطرفين على نقيضين تماماً، وأن المدنيين في الشمال السوري ليسوا كلهم "نصرة" أو "قاعدة" أو تنظيم "الدولة"، وإنما يعانون من إرهابها.


وشدد "السيد" على أن فيلمه الدرامي هذا أراد أن يوصل فكرة وهي أن السوريين جميعاً يحاربون إرهاب النظام وحلفائه وإرهاب الجماعات المتطرفة وشذاذ الأفاق وأن هؤلاء المتطرفون هم أدوات الاستبداد لتدمير الإنسان السوري وحلمه في بناء وطن سوري كريم يتسع لجميع أبنائه وساميا فوق خطابات الطائفية والعرقية والأجندة.

واستدرك:"علينا جميعا في هذه المرحلة أن نتمسك بسوريتنا كوطن يتسع لجميع أبنائه هذا هو طوق النجاة الوحيد لنا كسوريين هو الإلتفاف حول هذا المفهوم، أما غيره من المفاهيم القادمة من خارج الحدود وخارج التكوينية النفسية والثقافية السورية سيكون مدمراً ربما وسيزيد من معاناة الناس أكثر".

ولم يُخفِ "السيد" وجود صعوبات وتحديات لوجستية أثناء إنجاز الفيلم الذي يمتد على 51 دقيقة ومنها عدم وجود بيئة آمنة تمكن من إنجاز مثل هذا العمل بحرية وأمان، وهذا-حسب قوله- أكبر تحدٍ لأي عمل يتم انجازه في بيئة خطرة مثل سوريا.

وختم أن السوريين لا ينقصهم الإبداع أبداً بل تنقصهم البيئة الآمنة التي تمكنهم من إظهار هذا الإبداع أولاً لأنفسهم وثانياً للعالم كله.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(137)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي