أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لاجئو "عرسال" في حضرة "كورونا".. الخبز أولا وأخيرا واستغاثة لمواجهة "القاتل الجديد"

من مخيمات "عرسال" - زمان الوصل

ما بين تنهيدة وشقيقتها، يمضي لاجئو المخيمات من السوريين ساعات يومهم في لبنان، أسبوع مضى على حجرهم داخل الخيام، ومعلومات عن أسبوعين آخرين سيتم إضافتهما إلى التعبئة العامة التي أعلنها لبنان لتطويق وباء "كورونا" والحد من انتشاره بين مواطنيه.

المدارس أقفلت لأجل غير مسمى، وكذلك الأسواق والمحال والحرفيات يقول مراسلنا من "عرسال"، حيث يوجد أحد أكبر مخيمات اللاجئين في لبنان، 60 ألف لاجئ في مخيمات البلدة ينفذون الحجر الصحي ضمن مخيماتهم التي تزيد عن 111 مخيما، خوفاً من الإصابة بالوباء الذي أجهز على أكثر من 20 ألف مصاب في العالم حتى الآن، وتحسباً للمخالفات والعقوبات القانونية التي قد تطالهم في حالة فكروا بمغادرة مخيماتهم، وحوّل منع التجوال والحركة المخيمات إلى سجن كبير، وجعل من المدينة الحدودية التي لجؤوا إليها أشبه بمدينة أشباح، يضيف المراسل.

*الخبز فقط
ويضيف "الأطفال المتوقفون عن الدراسة داخل المخيمات لم يعد يوقف نهمهم للإجهاز على ما تبقى من الأطعمة والمؤنة الغذائية التي رصدتها العائلة لاجتياز أيام الحظر التي كان من المفترض أن تنتهي في 29 من نيسان/ إبريل الجاري سوى المزيد من الضجة والصخب وابتكار أساليب للتسلية واللهو للقضاء على الرتابة والملل في سجنهم الكبير.

وينقل المراسل عن لاجئين أرباب أسر في المخيمات أن مواردهم المالية شحت بالكامل -أو تكاد- بعدما شل قرار الحجر الصحي جميع أعمالهم التي تتوزع في "مناشر الحجر" ورشات البناء وصب البيتون وحرفيات الحدادة والنجارة والدهان، وهو عمل الكثير منهم، يتزامن ذلك مع ارتفاع كبير في الأسعار طال معظم السلع الغذائية من خضروات ولحوم ومواد تموينية.

اللاجئ السوري "أبو عدنان" من مخيمات "عرسال" يشرح لـ"زمان الوصل" قائلاً: "الأسرة التي تتألف من 5 أشخاص وتعيش في خيمة من مخيمات عرسال، ومسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في زحلة اللبنانية تتقاضى من المفوضية ما قيمته 40 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد شهرياً مضروبة بخمس أشخاص أي 200 ألف لهذه العائلة ما يعادل أقل من 150 دولار" شهرياً.

ويتابع أبو عدنان: "يتم إنفاق تلك المنحة الأممية، وفق التالي: 25 ألف أجرة الخيمة، و20 ألفا ثمن فاتورة كهرباء و20 ألفا، ثمن بطاقة هاتف للاجئ المحكوم "قسرياً" أن يمتلك هاتفا ورقما لبنانيا من أجل أن تتواصل معه المفوضية من خلال رسائل "sms" و30 ألفا أجور نقليات لولدين على الأقل ممن هم في سن الدراسة و20 ألفا ثمن اسطوانة الغاز.

يتبقى من "المنحة الأممية" بحسب حسابات اللاجئ "أبو عدنان" 85 ألف ليرة لبنانية أي ما قيمته أكثر من 50 دولار بقليل كمصاريف للعائلة شهرياً

وتحتاج الأسرة السورية اللاجئة إلى 3 ربطات خبز يومياً بما يعادل 3 آلاف ليرة لبنانية أي 2 دولار، أي شهريا يصبح المجموع تسعين ألفا (60 دولار)، وبهذه الحسبة التي أوردها أبو عدنان تكون العائلة السورية المؤلفة من 5 أفراد قد وقعت في العجز المادي على 5 آلاف ليرة لبنانية ولم تحصل سوى على الخبز دون غيره من المواد الغذائية الضرورية.

ويتساءل أبو عدنان: أليس من حقنا كلاجئين أن نبيع الشادر الذي يقينا حر الصيف وبرد الشتاء ؟؟ أليس من حقنا أن نبيع مدفئتنا التي تقينا من صقيع الشتاء؟؟

أليس من حقنا أن نبيع خشب الخيمة كي نسدد ديون التعاونية أو محطة الوقود والصيدلية؟؟

*استغاثة
على ضفاف هذه الصورة السوداوية القاتمة لمستقبل اللاجئين دراسيا واقتصاديا استنفر لاجئو المخيمات لمواجهة تحد جديد وطارئ هو "وباء كورونا"، مواجهة بدت أنها ليست متكافئة منذ دقائق انطلاقتها الأولى، فشتان بين القوتين، قوة"جحافل" اللاجئين التي هبت لمواجهة "كورونا" بوجوه عارية من "الكمامات" وأيادٍ خالية من القفازات، وبخيام تفتقر لأدنى عناصر التعقيم والصحة والسلامة وقوة الوباء الأخطر والعصي على كل العقارات والمضادات الحيوية التي عرفها الطب الحديث.

"مواجهة" ربما مكنت اللاجئين السوريين من الصمود حتى اليوم من دون وقوع أي إصابات في صفوفهم بحسب تقارير رسمية، وقد يعدل كفتها "صرخات الاستغاثة " التي يبدو أنها ستكون السلاح الوحيد الذي سيدوي صداه طويلاً في ساحة المواجهة الحتمية مع "القاتل الجديد".

يقول أبو عبدو مشرف مخيم في "عرسال" مستغيثا: "نطالب كافة المنظمات والجمعيات الإنسانية والإغاثية والخيرية التدخل لمساعدتنا في محاربة هذا الوباء والمسارعة إلى تطبيق القرارات الخاصة بالوقاية من الأمراض المعدية منوهاً إلى أن البلدية والمؤسسات المسؤولة في عرسال وبالتعاون مع بعض الجمعيات والمنظمات ذات الصلة يقومون بواجبهم المتمثل بتعقيم كافة المخيمات والآليات الداخلة والخارجة ضمن برنامج متكامل وتنسيق عالٍ".

إﻻ أن اللاجئين بحاجة إلى تقديم الحاجات الضرورية، يضيف أبوعبدو، وأهمها الغذاء والماء والمنظفات والمعقمات والدواء، وسائل الوقاية (كمامات وكفوف) والتي يصعب عليهم الحصول عليها لأسباب كثيرة، أولها عدم وجود الإمكانيات المادية وعدم القدرة على القيام بأي عمل منتج.

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
(120)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي