نعى آل المالكي وأقرباؤهم اليوم الأحد وفاة "ثروة بنت محمد شمس الدين المالكي" التي وصفوها بالمربية الفاضلة، وهي شقيقة واحد من أشهر الشخصيات التي لعبت دورا مؤثرا في التاريخ السوري، وجرّ اغتيالها على البلاد تداعيات، استغلتها شخصيات وتيارات لتثبيت مواقعها واختطاف القرار والإرادة السوريين، وتحديدا حزب البعث.
فالمتوفاة "ثروة" هي شقيقة العقيد عدنان المالكي، الذي كان من أشهر ضباط الجيش وأكثرهم نفوذا وشعبية، حتى حل يوم اغتياله ليمثل انعطافا في التاريخ السياسي لسوريا.
ورغم كثرة الكتابات والشهادات التي دارت حول اغتيال العقيد "المالكي"، فقد بقي اغتياله لغزا محيرا وصندوقا شبه مقفل، لعدة أسباب أولها أن قاتل العقيد أو المستأجر لقتله انتحر مباشرة بعد إطلاق عدة رصاصات على "المالكي"، ما يشي بأن القاتل (الرقيب يونس عبد الرحيم) أراد، أو كانت لديه تعليمات صارمة بأن يدفن سر جريمته معه.
"المالكي" الذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره حين قضى اغتيالا ربيع عام 1955، رويت حول "شجاعته" و"وطنيته" كثير من المواقف ومن بينها، قيامه إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا، بنزع صورة الرئيس الفرنسي "شارل ديجول" من الثكنة التي كان يخدم فيها، وصدامه المتواصل مع رؤسائه من الضباط الفرنسيين، في سبيل حرية سوريا، التي حفظت له هذه المواقف وكافأته بأن جعلته أول ضابط يحمل العلم السوري في الاستعراض العسكري الذي أقيم بمناسبة جلاء آخر جندي فرنسي، وذلك في 17 نيسان من عام 1946.
ثم جاءت المعارك ضد جيش الاحتلال الصهيوني، والتي شكلت مشاركة "المالكي" فيها علامة فارقة في سيرته، حيث أثنت القيادة العسكرية على شجاعته وحسن تخطيطه، ليترقى بعدها في المناصب، قبل اغتياله.
وبالعودة إلى الفقيدة "ثروة المالكي" فإن المعلومات المتوفرة عنها قليلة نوعا ما، فقد قضت عمرها في التدريس، وكانت متزوجة من طبيب عقيد (سبقها إلى دار الآخرة).
ولكن التفصيل الأكثر إثارة للانتباه في حياة "ثروة المالكي" أنها قضت في دار السعادة للمسنين، التي عاش فيها نخبة من أشهر شخصيات سوريا آخر سنواتهم، وشيعت جثامين بعضهم منها، ومن بينهم: الفنان التشكيلي ممتاز البحرة، وأحد مؤسسي التلفزيون السوري "محمد رياض ديار بكرلي"، والمذيعة هيام طباع التي قدمت أول برنامج للأطفال على شاشة التلفزيون السوري، وقبل هؤلاء مديرة دار السعادة لعقود (نحو 40)، لميس الحفار، التي شيع جثمانها خريف عام 2018 من "دار السعادة".
ورغم مرور عقود على إنشاء دار السعادة وغيرها من دور رعاية المسنين، فإن عموم المجتمع السوري ينظر إلى إيداع الأب أو الأم أو حتى الأقارب كالعم والخال والعمة والخالة.. ينظر إلى إيداع هؤلاء في دور المسنين كنوع من العقوق، ومن التقاليد الدخيلة على البلاد.
دمشق.. وفاة شقيقة الشخصية التي هز اغتيالها سوريا وغير مجرى تاريخها السياسي

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية