أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الثورة "اليتيمة" تدخل عامها العاشر.. القوى العظمى تتآمر و"الأصدقاء" يتخاذلون

مظاهرة في "مارع" يوم 31 أغسطس / آب 2012 - أرشيف

مع كل ذكرى سنوية للثورة السورية، تثار جملة من الأسئلة عن سوريا وشعبها المتروك لسياط الجلادين الذين يمارسون طقوس القتل ويتلذذون بسفك الدماء ونشر الخراب في كل مكان صدحت فيه شعارات الحرية، دون وقفة إنسانية وأخلاقية جادة من المنظومة الدولية لإيقاف سهام الموت الموجهة إلى صدور المدنيين العزل، وإبعاد ما حرمته الشرعة الدولية من أسلحة مدمرة حاقدة مثل البراميل والصواريخ والسلاح الكيماوي.

تسعة أعوام مرت، لن ينقضي فيها يوم واحد دون حكم بالإعدام على طفل أو امرأة أو شيخ كبير، فمنظمة "يونيسيف" وحدها قالت قبل أيام إن "طفلا يقتل كل 10 ساعات في سوريا"، هذا عدا عن المجازر الجماعية التي كانت فيها أعداد الضحايا بالجملة، وأطفال المخيمات الذين لا يجدون ما يقيهم من برد الشتاء أو حر الصيف، أو المحاصرين داخل بلداتهم من قبل الجيش "الباسل" يصارعون الجوع أمام أعين ذويهم الذين كسرتهم قلة الحيلة، فهم في "سوريا الأسد" لا حول لهم ولا قوة.

ورغم هول المأساة المستمرة منذ عام 2011، إلا أن المؤشرات لا توحي باقتراب حل ينهي المعاناة، ومرد ذلك لفشل السياسة الدولية، وهذا ما أكده المبعوث الدولي إلى سوريا "غير بيدرسون" في بيانه بمناسبة ذكرى الثورة، حيث قال إن "الطبيعة المخيفة للصراع السوري دليل دامغ على فشل الدبلوماسية الجماعية"، مؤكدا على أن "معاناة الشعب السوري خلال هذا العقد المأساوي والمرعب، ما زالت تتحدى العقل والمنطق".

في هذه الذكرى تحول حال السوريين من متظاهرين سلميين أذهلوا العالم بشجاعتهم، إلى هائمين على وجوههم في السهول والبراري هربا من الموت، ومنهم من ركب البحر بحثا عن الآمان بعد أن عرفوا أن ثورتهم "يتيمة" محاربة من الجميع حتى من بعض من أسموا أنفسهم بـ"أصدقاء الشعب السوري"، كما تقول "أية الخلف"، مضيفة أنهم "تآمروا على الشعب وعملوا على إبقاء النظام في الحكم ولن يقفوا عند هذا فحسب بل أقاموا علاقات دبلوماسية معه لتعويمه وإعادة الحياة السياسية له".

الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثقت في تقرير لها بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة السورية، مقتل 226247 مدنيا بينهم 14391 بسبب التعذيب وإخفاء 100 ألف مدني قسريا، وتشريد 15.2 مليون سوري، كما وثقت حدوث 222 هجوما كيميائيا، و492 عنقوديا، و81916 برميلا متفجرا.

عضو الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" (أحمد تلاوي) قال إنه ورغم حالات التوثيق الكثيرة للمجازر والجرائم التي قام بها النظام، إلا أنه لم يتم محاسبة أحد من مرتكبي الجرائم، مبديا استغرابه من عدم توفر غطاء حماية دولي لفرق الدفاع المدني، التي من المفترض أنها مدعومة دوليا، فبعد كل غارة على منطقة ووصول فرق "الخوذ البيضاء" كانت الطائرات تعيد الغارات لاستهداف عناصر الإسعاف وقتلهم.

وأكد لـ"زمان الوصل" أنه وفي كل معركة أو قصف أول ما يستهدف النظام وروسيا هو مراكز الدفاع المدني، حتى سيارات الإسعاف، لمنع تقديم المساعدة للمدنيين ولقتل أكبر عدد منهم، مشيرا إلى أن حالة العجز عن مساعدة المدنيين، كانت مؤلمة وكارثية لعناصر "الخوذ البيضاء"، وهنا كانت يتكشف الخذلان الدولي تجاه السوريين.

وأضاف "تلاوي": "مرة تم استهداف عائلات نازحة من قبل الطيران الحربي وقتل عدد كبير من المدنيين أغلبهم أطفال ونساء وجرح آخرون لم نستطيع تقديم المساعدة لهم، لأن جميع مستشفيات المنطقة الميدانية تحت الاستهداف أو استهدفت ودمرت ولم يبق مكان يذهب إليه الجرحى، كل هذا تعرفه الجهات الدولية وبقيت صامتة متفرجة على المذبحة".

خذلان من اليوم الأول قبل أيام قال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" إن "ملايين السوريين يواجهون مخاطر عدم حصولهم على الحماية، كما أجبِر أكثر من نصف السكان على ترك منازلهم، فيما يعيش الملايين في ظروف محفوفة بالمخاطر مع حاجة اللاجئين و11 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة"، مضيفا: "لقد شهدنا تسعة أعوام من الفظائع المروّعة من بينها جرائم حرب، وتسعة أعوام من انتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع ومنهجي، مما أدّى إلى تآكل المعايير الدولية وبلوغ أعماق جديدة من القسوة والمعاناة".

الحقوقي والصحفي "منصور العمري" أكد أن "المجتمع الدولي بمنظماته وحكوماته اتخذ موقفاً ثابتاً من سوريا منذ آذار مارس/2011 وحتى اليوم، وهو تصريحات إدانة، بلا تحرك فعلي، حيث وقف متفرجاً على مذبحة السوريين، وقضى آلاف وآلاف المعتقلين تعذيبا في سجون الأسد، أمام نظر العالم الذي يعرف تماماً معاناتهم وموت العشرات منهم يومياً".

وشدد لـ"زمان الوصل" على أن "الذريعة القانونية لعدم التدخل في سوريا وحماية المدنيين على الأقل، كانت القوانين الدولية التي تمنع بالفعل التدخل بالقوة إلا بقرار من مجلس الأمن عموماً، رغم أن العالم شهد تدخلات بلا إجماع في مجلس الأمن، لكن هذه التدخلات كانت تعتمد على مصالح قصوى للدول".

وقال: "من الناحية الحقوقية ومراقبة الانتهاكات في سوريا، بذلت المنظمات الدولية الحقوقية جهوداً واضحة في توثيق الجرائم المرتكبة في سوريا، وإيصالها لمجلس الأمن والأمم المتحدة، ومن بينها "هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ومراسلون بلا حدود".

كما أن منظمات الأمم المتحدة المعنية وثقت تفاصيل الجرائم في سوريا، وأصدرت تقارير منذ البدايات، لكن هذه صلاحيات هذه المنظمات، فهي لا تملك صلاحية أو قدرات التدخل مثل الدول، أو الأمم المتحدة التي لا تستطيع التدخل بالقوة عند اعتراض أحد أعضاء مجلس الأمن الدولي".

وأضاف "العمري": "نظراً لهذه المنهجية التي اتبعها المجتمع الدولي تجاه سوريا والسوريين خلال السنوات الماضية، لا يبدو أن هناك مؤشرات على تغيير هذه المنهجية اللاأخلاقية، فالأولوية لدى الاتحاد الأوروبي هو ملف اللاجئين، وهو ما يدفعه لدعم جهود الأمم المتحدة لوضع دستور وحل سياسي يشمل نظام الأسد، والذي من المفترض أن ينتج عنه وضع يسمح لدول الاتحاد الأوروبي بتصنيف سوريا دولة آمنة لإعادة اللاجئين إليها".

بدوره اعتبر الصحفي "عباس الديري" أن "المنظمات الدولية تعاملت بشكل مخزي مع القضية السورية، فمن وجهة نظري يوجد تعمد وشيء مقصود من المجتمع الدولي في عدم دعم الثورة السورية وفي أفضل الأحوال دعمت منظمات غربية بعض المؤسسات الناشئة والغرض كل الغرض من ذلك الدعم هو تروج لأفكارهم أولا وثانياً دور استخباراتي بامتياز".

وقال لـ"زمان الوصل": "عملت في مؤسسة سورية جميع من كان فيها هم شباب طامحون، هدف الشباب هو نصرة القضية السورية والثورة السورية، واستمرينا ببث البرامج والنشرات الإخبارية قرابة العام لم يطلب أحد من الزملاء أجرا بل كان كل حلمهم أن يستطيعوا شراء معدات لتحسين المنتج وتقديمها بشكل أفضل.

بعد هذا العمل الدؤوب استطعنا أن ننافس كبرى القنوات العربية، ولكن بسبب تقصد المخابرات العربية ومن خلفه المنظمات الدولية لإسكات صوتنا وصوت الثورة السورية تم إغلاق القناة وترحيل جزء كبير من العاملين فيها إلى دول أخرى".

الدعم العسكري الجانب العسكري لم يكن أحسن حالا من بقية قطاعات الثورة، حيث حرمت فصائل الجيش الحر من السلاح النوعي، ومن الدعم الحقيقي من قوى عظمى ادعت وقوفها إلى جانب الشعب.

العقيد الركن الدكتور "عبدالله الأسعد" ذكر بأن الثورة بدأت سلمية من قبل السوريين وأطفالهم الذين نادوا بشعارات عفوية، لكن نظام الأسد الأمني العسكري رد عليهم بالسلاح وهو ما أجبر الثورة على التسلح بأسلحة كانت في البداية تقليدية وقديمة، هدفها حماية المظاهرات، مضيفا لـ"زمان الوصل" أنه "وفي السنة الثانية تم تأليف مجموعة سميت بـ(مجموعة أصدقاء سوريا) مؤلفة من حوالي 117 دولة وكانت ظاهرة للعيان، وأجمع العالم حينها على أن هذه الثورة ثورة شعب وثورة حق مشروع للشعب السوري".

وأوضح أنه تم إنشاء غرف لدعم الثورة السورية، وكان التسليح عن طريق هذه الغرف، حتى نهاية عام 2015، قبل دخول المحتل الروسي، حيث كان الثوار يسيطرون على 70٪ من الأراضي السورية ولم يبق مع نظام الأسد إلا القليل، رغم أن الثوار كانوا مدنيين، إلا أنهم حققوا الشيء انتصارات عسكرية عظيمة، واستطاعوا أن يقهقروا الهيكل التنظيمي لنظام الأسد ويعملوا خلخلة في هذا النظام الهش".

وأضاف: "الآن وبعد أن جاء ترامب إلى حكم الولايات المتحدة الأمريكية لم يبق أحد من 117 دولة، حيث ألغى برنامج الـ(CIA) المتضمن تسليح المعارضة المعتدلة، وهنا الطامة الكبرى لم يعد هناك من يسلح الثورة والثوار، وتمت المصالحات بعد أن وجدت قوى الثورة نفسها وحيدة في منتصف الطريق، عدا تركيا التي تقاتل الآن إلى جانب الجيش الحر لأن مصالحها القومية التقت مع مصالح الشعب السوري".

ويرى "الأسعد" أنه لم يكن هناك "تشتت" في صفوف الفصائل الثورية، رغم أن الثورة "عانت من بعض الخلافات المبنية على الولاءات الإقليمية والدولية، مثل ما حدث بالغوطة الشرقية من اقتتال بين (فيلق الرحمن وجيش الإسلام) نتيجة تابعيتهم لدولتين متحاربتين، وربما هذا يكون قد أثر على الثورة".

وقال: "البطولات التي حققها الجيش الحر كبيرة جداً مقابل دول عظمى، وبعد تسع سنوات لا نقول هناك تشتت وإنما بوركت جهود هؤلاء الذين صمدوا أمام ثلاث دول منها الدولة العظمى روسيا وهناك كتائب للصين وكوريا الشمالية تقاتل على الأرض وهناك سلاح من الدول العربية أعطي للأسد لتقويته ضد الشعب السوري، وهناك دول عربية تجد أن تركيا تقف إلى جانب الشعب السوري المظلوم لذلك تقوم بتقوية الأسد على الشعب السوري نكايةً بتركيا، وقدموا له دعماً كبيراً، أضف إلى ذلك أن قوات الأحزاب الانفصالية كـ(قسد وpkk)".

وأكد أن "معظم القادة وحتى الشعب السوري في المناطق المحررة ليس لديهم أمل بالمجتمع الدولي وإنما أمله بالله عز وجل و بالدولة التركية التي يعتبرها المخلص له من الاحتلال الروسي وظلم الأسد ومن الحقد الإيراني الدفين الذي يفرغه على الشعب السوري من أجل طرده وتوطين الميلشيات الإيرانية والأفغانية وحزب الله والحشد العراقي بدلاً منه".

محمد الحمادي - زمان الوصل
(199)    هل أعجبتك المقالة (177)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي