يظهر "غيث" عزيمة على إنهاء تسوية الطريق الواصلة من منزله في قرية "السعدية الصغيرة" إلى مدرسته في أعماق ريف محافظة الحسكة، رغم قواه المحدودة بالنسبة لإعادة تأهيل طريق عجزت عنه البلديات والمنظمات.
هطول الأمطار يعمق معاناة أهالي قرية "السعدية" ومن ضمنهم الطلاب لأنها تقطع الطريق إلى المدرسة لأيام أحيانا، ولا يلقى ذلك اهتماما من البلديات المحلية أو المنظمات الإغاثية.
وعندما توقفت الأمطار وسطعت الشمس على الطريق المرصوفة بالحجارة منذ 10 سنوات أحدثت عجلات السيارات أجزاء ناتئة وسط الطريق، يحاول "غيث المطر" (13 عاما) تذليلها حتى لا تكون عقبة في طريق وصوله مع نحو 70 طالبا من أقاربه وجيرانه إلى المدرسة.
على الرغم من أن "غيث"، وهو طالب في الصف السابع، عاش طوال حياته ضمن هذه الظروف الصعبة في تلك المنطقة الفقيرة، فهو من المتفوقين مع إخوته الأربعة الذين يرتادون ذات المدرسة وهو أوسطهم.
يتعجب الطفل، من حجم ارتفاع الطين المتصلب وسط الطريق الممتد 500 متر من المنزل حتى المدرسة مطلقا صيحته المعتادة " يااااارباااااااه"، لكنه يظهر إصراره على الاستمرار بالعمل، كما هو مصر على إنهاء تعليمه ليساعد والده الذي يتعب كثيرا خلال عمله في بناء البيوت الطينية مقابل أجور زهيدة تتراوح بين 15 - 25 ألف ليرة سورية للغرفة الواحدة لإعالة أطفاله وأمهم.
بعد إكمال دراسته، يأمل "غيث" في أن يصبح معلما في مدرسة "السعدية" ذاتها ويدرس أطفالها ليكونوا مستقبلا مشرقا لقريتهم النائية.
وعند انتهاء الدوام، يتناول "غيث" غداءه ثم ينطلق للعب مع أقرانه بكرة القدم المولع بها وبتقليد معلقيها، لكنه آثر هذه المرة على نفسه إصلاح الطريق قرب المنزل بموافقة من عائلته.
وتستقبل مدرسة "السعدية الصغيرة" قرب بلدة "تل حميس" أكثر من 150 طالبا وطالبة في الحلقتين الأولى والثانية للتعليم الأساسي يأتي غالبيتهم سيرا على الأقدام في هذه الطريق الموحلة شتاء، فيما تثير المركبات والأقدام غبارها بعد احتباس المطر، حالها كحال الغالبية الساحقة من قرى محافظة الحسكة شرق البلاد.
ووصل عدد الملتحقين في مدارس الحسكة إلى 104 آلاف تلميذ وطالب بداية العام الدراسي الحالي، حسب الأرقام الرسمية، إضافة لضعف العدد في مدارس الإدارة الذاتية.
الحسكة.. "غيث" يعيد تأهيل طريق المدرسة

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية