في الشهر الأول من 2019 ارتفعت عقيرة المحللين من موسكو لتخفيف وقع الصفعة المهينة التي تلقاها السلاح الروسي، عندما استهدفت غارة للطيران الإسرائيلي موقعا لجيش النظام، فدمرت واحدا من أشهر أنظمة الدفاع الجوي المصنعة في روسيا، وهو نظام "بانتسير".
يومها أحست موسكو أن الغارة صعقت وأحرقت بطاقة دعاياتها المنتفشة، التي تتحدث عن قوة وتطور وعظمة السلاح الروسي، ولم تجد خيارا سوى إطلاق يد ثلة من المحليين، ليردوا على الصفعة بالكلام الذي ليس له أي وزن، تارة بالقول إن الإسرائيليين ضربوا المنظومة وهي في وضع إعادة تذخير، أي بمعنى آخر غدروا بالمنظومة!، وتارة باتهام الطاقم القائم على المنظومة بأنه يفتقر للكفاءة التي تحسن التعامل مع العتاد الروسي الجبار، شأنهم شأن بقية جيش الأسد الذي لاينفع معه أي تأهيل، إذن فليس هناك أي خلل من السلاح الروسي وإنما الخلل من طرف الطاقم الأسدي، حسب قولهم.
واليوم وبعد 14 شهرا من واقعة سقوط "بانتسير" وأسطورته، هوى الروس في حفرة أعمق لا قرار لها، عندما استطاعت طائرة مسيرة تركية توثيق لحظة تدمير لنظام "بانتسير" على تخوم سراقب بريف إدلب، بضربة واحدة ساحقة.
ويبدو أن محللي موسكو هذه المرة سيكونوا مجبرين على اتخاذ وضع المزهرية، لأن صورة المسيرة التركية واضحة للغاية، ولا تدع مجالا للشك أن النظام (نظام بانتسير طيعا) كان في أوج عمله وجاهزيته، عندما تلقى الضربة "من فوق رأسه" تماما، وهو النظام المفترض أن يرصد ويسقط الأهداف من ارتفاعات عالية تصل إلى 20 كم، حسب ما يقول الروس في كتيبات الترويج التي يطرحونها على من يستغفلونهم من زبائن السلاح الصدئ.
لقد مثل تدمير "بانتسير" الأخير ضربة أكثر إيلاما وإهانة وازدراء للسلاح الروسي، أكثر من أي ضربة تلقتها روسيا خلال عقود، بل حتى أكثر إيلاما من إسقاط 3 طائرات روسية الصنع (تابعة للنظام) خلال 3 أيام على يد سلاح الجوي التركي.
ففي واقعة إسقاط الطائرات الثلاث، كان السلاح الروسي في مواجهة السلاح الأمريكي متمثلا بطائرة إف 16، والروس يعرفون تماما أن سلاحهم يبقى متهالكا، مهما ادعوا تطوره، أمام السلاح الأمريكي.
أما في واقعة تدمير "بانتسير" فقد كانت المنافسة بين السلاح الروسي، والسلاح المصنع بخبرات تركية، والمتمثل بطائرة مسيرة، ربما سخر البعض من قدراتها وشككوا بأن تكون حتى قادرة على التحليق، يوم أن أعلنت أنقرة أنها امتلكت زمام صنع هذه الطائرات.
لقد بات من الواضح أن الحرب في إدلب لن تكون بعد اليوم مجرد صراع على مناطق ومواقع فقط، ولا حتى صراعا لفرض إرادة طرف على آخر، بل ستذهب، وقد ذهبت فعلا، لتكون صراع إثبات التفوق العلمي والتقني في ميدان التصنيع العسكري، وهذا ما من شأنه أن يعصف بالسلاح الروسي ويعري تهافته، ما يمرغ "هيبة" موسكو فعليا في الوحل، إذ ليس لدى الروس ما "يفتخرون" به أكثر من سلاحهم، ما سيجعل "القيصر" الروسي أشبه بكلب مجهد من لعق جراحه المتفتحة في جسده واحدا تلو الآخر.
موسكو في وضع المزهرية.. ضربة أقوى من 3 والقيصر كلب مجهد من لعق الجراح

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية