حكم القضاء الإسباني الجمعة الماضية على رفعت الأسد و13 شخصاً معه بمن فيهم زوجتاه وثمانية من أبنائه بتهمة تبييض 695 مليون يورو من خلال شراء العقارات.
ورأى قاضي المحكمة الوطنية "خوسيه دي لا ماتا" أن رفعت (82 عاماً) دأب على غسل أمواله من خلال شركاته منذ الثمانينات وخاصة فرنسا والمملكة المتحدة تلك الأموال التي نهبها من خزينة الدولة في سوريا ومن خلال التهريب غير المشروع للآثار والسيطرة على زراعة المخدرات والإتجار بها في سوريا ولبنان كما نقلت صحيفة elpais (البلد) الإسبانية.
وأضافت أن شقيق الرئيس السابق وعم الحالي استقر بعد مغادرته سوريا في فرنسا، وحصل على عقارات تزيد قيمتها على 90 مليون يورو.
في المملكة المتحدة، وبنى قصراً مكوناً من ثلاثة طوابق و65 غرفة مبنية على قطعة أرض مساحتها 4.5 هكتارات تعد أكبر مساكن خاصة في البلاد، بعد قصر باكنجهام.
وكشف التحقيق أيضًا عن "مؤشرات متعددة" على أن لدى الأسد خصائص أخرى في الملاذات الضريبية والأراضي التي تم استثمارها من قبل شركاته في جبل طارق أو سويسرا أو بنما أو جيرسي أو غيرنزي.
وأدرج القاضي "لا ماتا" شهادة الضابط السوري المنشق "عدنان الهواش" المليئة بالتفاصيل حول تمكّن الرجل القوي في نظام الأسد من النفوذ خلال فترة الثمانينات ونهبه للثروة الأثرية والإثراء من خلال جميع أنواع الأعمال غير المشروعة من تهريب المخدرات إلى الابتزاز والتهديد واغتصاب ملكية العقارات وتجارة الأعضاء البشرية وغيرها.
*سيرة ذاتية
وينحدر العميد "عدنان الهواش" من بلدة "التريمسة" بمحافظة حماة ينتمي إلى بيئة فلاحية، تخرج برتبة ملازم من الكلية الحربية في حمص عام 1982 وتم فرزه إلى فوج المهام الخاصة التابع لسرايا الدفاع وبعد مضي 3 أشهر تم ندبه إلى شعبة المخابرات العسكرية- فرع حماة في تشرين الثاني نوفمبر/1982 أي أثناء مجزرة حماة، وبقي هناك حتى نهاية العام 1987 لينُقل بعدها إلى الفرع 293 في الأركان العامة الذي كان يمثل شعبة المخابرات، واستمر على ملاكه، وتم ندبه من قبل اللواء "غازي كنعان" إلى فرع الأمن والاستطلاع في لبنان وبقي إلى العام 2005 أثناء خروج جيش الأسد من لبنان، واستلم القسم المسؤول عن الدبلوماسيين والمنظمات الدولية والرعايا السوريين الموجودين في الخارج في شعبة المخابرات إلى حين انشقاقه بتاريخ 19 /6/ 2012.
وروى "الهواش" في حديث لـ"زمان الوصل" أنه لمس جرائم "رفعت الأسد" من خلال عمله في الاستخبارات، ولم يكن على معرفة مباشرة به، ورأى كيف كانت تتم مصادرة واعتقال مهربي الآثار مثلاً وبعد خمس دقائق يأتي اتصال من مكتبه (رفعت) بإخلاء سبيلهم ويتم إجبار من صادروهم على إيصال المهربات إلى لبنان أو إلى مرفأ اللاذقية، وكذلك موضوع حاميات الرعي في البادية التي تم استصلاحها بأمر من "رفعت الأسد" من قبل وزارة الأشغال سابقاً أو وزارة الإسكان، أو من خلال الإنشاءات العسكرية فيما بعد وتجهيزها بالري والبناء وكانت معدة لزراعة المخدرات وكذلك كان للأسد العم دور في زراعة المخدرات في لبنان وتهريبها منه وكذلك خطف البشر وتجارة الأعضاء في المرفأ التابع لسرايا الدفاع.
*"الشاهد الرئيسي"
وحول طبيعة الشهادة التي قدمها بخصوص محاكمة المجرم "رفعت الأسد" وكيف تم استدعاؤه للشهادة أشار الضابط المنشق إلى أن الدعوى ضد "رفعت الأسد" كانت مقامة منذ سنوات، وتم دعم الملف مؤخراً بإحضار شهود بالتعاون مع "مركز الدراسات السوري" الذي يديره المحامي والناشط الحقوقي "أنور البني".
وأردف أن المركز المذكور قام بدور كبير في تحريك الادعاء، وكانت شهادته-أي الهواش- حية بالأرقام التواريخ وإفادات الشهود بالنسبة لموضوع الآثار التي تم نهبها من المتاحف في سوريا وكذلك الاستيلاء على الأراضي وحفرها وقتل أصحابها وإخراج الآثار منها، وتجارة الأعضاء والمخدرات إلى جانب الدلالة على العقارات التي يمتلكها "رفعت الأسد" في أوروبا.
الهواش نوّه إلى أن القضاء الإسباني والفرنسي هما من تحركا بالادعاء، ولكن لم يكن لديهم أدلة قانونية وبالاتفاق مع المحامي "البني"، ومجموعة من الناشطين تم توفير مناخ مناسب للمحاكمة.
وتابع أنه تولى توفير الشهود ومنهم من كان يخدم مع "رفعت الأسد" وكانوا يستلمون الآثار المصادرة وتهريبها.
ولفت المصدر إلى أن القضائين الإسباني الفرنسي اعتبراه "الشاهد الرئيسي" في محاكمة رفعت الأسد لأن شهادته كانت مثبتة بالأدلة والقرائن التي لا يمكن دحضها، مشيراً إلى أنه يملك توثيقات كثيرة تخص ملفات سوريا ككل وهي حصيلة خدمته لمدة 36 سنة في الاستخبارات العامة ولديه أيضاً –حسب قوله- وثائق تتعلق بالكثير من رموز السلطة سابقاً ولاحقاً يعمل عليها لتقديمها إلى القضاء الأوروبي الذي يسعى إلى محاكمة النظام، وبعض هؤلاء الرموز صدر بحقهم بالفعل مذكرات توقيف وتم ملاحقة 16 شخصية مرتبطة برفعت الأسد و76 مؤسسة كانت تعمل معه أفصح عنهم وقدم أدلة بخصوص هذا الارتباط بمساعدة المحامي "أنور البني".
*موعدنا في "جنيف"
ولفت المصدر الذي يعيش في فرنسا إلى أن دعوى سابقة تم تحريكها ضد رفعت الأسد منذ سنوات في جنيف حول مسؤوليته عن مجزرة حماة ومجزرة سجن تدمر.
وبعد جلب الشهود الحقيقيين من دول الخليج -كما يقول- امتنعوا عن الإدلاء بشهاداتهم بعد وصولهم إلى أوروبا لأسباب غير معروفة، فأقفل الملف ولم يتم توقيف رفعت الأسد لعدم وجود أدلة وشهود، وفي العام 2017 تم دعم الملف بالشهود وأُضيفت إليه ملفات أخرى ومن المقرر أن تكون هناك جلسة في جنيف شباط فبراير القادم.
ورفض "الهواش" الإفصاح عن أسماء الشخصيات المرتبة برفعت الأسد إلى ما بعد القصاص منها –حرصاً على سلامته وسلامة من معه من الشهود وسرية التحقيق - كما قال- لأنهم منتشرون في كل أوروبا.
وكشف أن بعضهم كانوا من المقربين جداً من "رفعت الأسد" وبعضهم عملوا معه في السابق وعادوا إلى النظام لإيجاد موطئ قدم لهم بعد أن انتزع منهم رفعت كل أملاكهم –حسب قوله- وهم يملكون شركات في أوروبا ودعموا النظام المجرم تحت اسمها وتتم ملاحقتهم الآن.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية