أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شاركت في "الكهف".. طبيبة سورية تنال جائزة مجلس أوروبا تقديراً لعملها الإنساني

د. أماني بلور في المشفى - نشطاء

نالت الطبيبة السورية "أماني بلور" جائزة "راؤول والنبرغ" 2020 التي يمنحها "مجلس أوروبا" كل عامين تقديراً للإنجازات الإنسانية الاستثنائية التي يقوم بها فرد أو مجموعة من الأفراد أو منظمة، وجاء هذا التكريم الذي أُقيم في مقر المجلس بمدينة "ستراسبورغ" الفرنسية مساء الجمعة الماضي تقديراً لشجاعتها والتزامها بإنقاذ الناس أثناء إدارتها مستشفى تحت الأرض في الغوطة الشرقية في الفترة 2012-2018.


وأشارت الأمينة العامة لمجلس أوروبا "مارييا بيجينوفيتش بوريتش" إلى أن الطبيبة أماني بلور "مثال ساطع على التعاطف والفضيلة التي يمكن أن تزدهر حتى في أسوأ الظروف، فحقوق الإنسان والكرامة الشخصية ليست رفاهية في زمن السلم".


ويأتي تكريم الطبيبة الدمشقية بالتوازي مع عرض فيلم "الكهف" للمخرج "فراس فياض" الذي شاركت فيه وفاز بالعديد من الجوائز السينمائية العالمية، وتدور أحداثه في مشفى تحت الأرض بمدينة "كفر بطنا" في الغوطة الشرقية، ونقلت عدسات التصوير أحداثاً حقيقية داخل المشفى، من عمليات جراحية وإسعافية وتوثيق لحظات قصف قوات النظام على المشفى، والجوانب اللوجستية، وأظهرت العدسات مشاهد حقيقية للجهود الجبارة التي كان يبذلها الكادر الطبي في المشفى لإنقاذ حياة المدنيين وعلى رأسهم الطبيبة المكرّمة.


وتخرجت "أماني" التي تنحدر من الغوطة الشرقية من كلية الطب نهاية 2012، ودرست اختصاص طب الأطفال لفترة قصيرة، ولكن الحرب حالت دون إكمال اختصاصها، واختارت البقاء في الغوطة الشرقية مخاطرة بسلامتها وأمنها لمساعدة الجرحى والمصابين، وعاشت حصار الغوطة بكل وطأته لخمس سنوات قبل أن تُجبر كغيرها من أهالي الغوطة المحاصرين على التهجير القسري إلى الشمال السوري عام 2018 بعد اشتداد الحملة الأخيرة على الغوطة الشرقية.


وروت الطبيبة أماني لـ"زمان الوصل" أن فكرة فيلم "الكهف" بدأت في بداية العام 2016 بعد أربع سنوات من الحصار المرير وتخاذل المجتمع الدولي عن معاناة أهالي الغوطة المحاصرين وعدم التفاته لهذه المعاناة، مما شجعها -كما تقول- على قبول تصوير الفيلم، مشيرة إلى أنها رفضت في البداية فكرة التصوير لأن النظام كان يقصف ويستهدف المشافي، وكانت هناك خشية من نشر فيديو يستدل النظام من خلاله على المكان فيقصفه، لافتة إلى أن أهالي الغوطة كانوا يشعرون بمرارة الخذلان لذلك كانوا ينزعجون من الكاميرات ويتحاشونها.


وكان على الطبيبة "أماني" أن تعمل كل شيء بيدها باعتبارها كانت مديرة المستشفى آنذاك ووقعت على عاتقها مسؤولية تأمين المواد وتأمين الجرحى وحماية المشفى من القصف وتجهيز الأنفاق والتحصينات أحياناً، وكان فريق التصوير المكون من ثلاثة ناشطين مصورين في الغوطة وهم "أبو الخير الشامي" و"محمد إياد" و"عمار سليمان" يتابعونها بعدساتهم ويصورون مفاصل الحياة داخل المشفى دون أن تنتبه أكثر الأحيان.


بعد فترة وجيزة من إنجازه حصل فيلم "الكهف" على عدة جوائز ورُشح للأوسكار وأشارت بطلة الفيلم إلى أنها فخورة بما حققه الفيلم لكونه ساهم في توضيح صورة ما يجري في سوريا واستهداف النظام وحلفائه للمدنيين وتعامله الوحشي ضد الثورة السلمية منذ بداياتها، مضيفة أن توثيق الحقيقة من خلال هذا الفيلم وغيره أمر في غاية الأهمية، ويدحض كل أكاذيب النظام وحلفائه الذين يدعون أنهم يقاتلون إرهابيين وعصابات مسلحة.


وفي معرض تعليقه على ترشيح فيلمه للأوسكار قال المخرج "فراس الفياض" إن السينما السورية لم تبدأ اليوم، بفيلم أو فيلمين، ولن يصنع لها تاريخ فيلم أو فيلمان, بل لديها تاريخ، وأضاف في منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك" أن هذه السينما هي "سينما ذاتية حميمية صادمة تنتمي للمخرج، هناك تاريخ بدأ بسينمائيين كعمر أميرلاي، وأسامة محمد، وهالا العبد الله، وآخرين وضعوا كاميراتهم بيد وحياتهم بيد أخرى ليرووا قصص تحررنا من سطوة السلطة، فصنعوا أفلاماً ملهمة، ويأتي فيلمه الكهف –كما قال- استكمالاً لتلك السينما الصادمة، واستدرك: "لست الاول ولن أكون، أنا جزء من سلسلة نُسجت بسواعد سينمائيين أبطال لهم كل التحية أشاركهم في هذا الترشيح بكل تواضع".


ونالت د. أماني جائزة "راؤول وولينبرغ" بشكل شخصي وهي جائزة إنسانية تعني لها الكثير-كما تقول- لأنها تحمل اسم الدبلوماسي السويدي الذي قدم الكثير للإنسانية وأنقذ أرواح عشرات الآلاف من الناس في هنغاريا نهاية الحرب العالمية الثانية وهذا مبعث فخر لها، لأنها تمكنت -حسب قولها- من إيصال صوت السوريين ونقل جزء بسيط من حقيقة ما يجري في سوريا، معربة عن أملها بأن يكون فيلم "الكهف" قد أحدث تغييراً على المستوى الإنساني أقله.


وتم إنشاء جائزة "راؤول ولينبرغ" في عام 2012 من قبل مجلس أوروبا بمبادرة من الحكومة السويدية والبرلمان الهنغاري بهدف المساهمة في الحفاظ على ذاكرته والإنجازات البارزة على قيد الحياة، ومنحت الجائزة في السنوات الماضية للعديد من الرؤساء والشخصيات السياسية والثقافية والفنية والاقتصادية في العالم، ومنهم "بوجار نيشاني" الرئيس السابق لجمهورية ألبانيا، والمغني "شارل ازنافور" ورئيس الوزراء السويدي السابق "جوران بيرسون"، وهي المرة الأولى التي تمنح فيها لامرأة من خارج الإتحاد الأوروبي.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(154)    هل أعجبتك المقالة (163)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي