الساعة العاشرة و45 دقيقة من ليل الثلاثاء، والبلدة الغافية بين أذرع القمم الجبلية في منطقة القلمون تكاد تغمض جفونها لترقد بهدوء، لكن عصابات الجيش وضباع المخابرات يأبون ذلك، فيداهمون بيتا يسهر فيها عدد من الشباب، ليرتكبوا فيهم مجزرة بأسلوب "الحصيدة".
ففي الحي الغربي من مدينة "رنكوس" شمال دمشق، كان الليل يرخي عتمته الثقيلة مع نسمات البرد الجليدي التي تهب من رؤوس الجبال المكسوة بالثلوج، عندما استجابت فرقة قتل من جيش النظام ومخابراته لـ"إخبارية" من أحد الجواسيس عن وجود شخص مطلوب في أحد البيوت.
وبحقدهم الطائفي قبل أسلحتهم، انطلق جنود النظام فداهموا البيت، لا في سبيل اعتقال المطلوب ولا حتى كل الذين معه، بل في سبيل قتلهم و"حصدهم" عن آخرهم، ففتحوا النيران مباشرة من كل حدب وصوب، فسقط كل من كان في الغرفة من الشباب مضرجين بدمائهم.
كان الناس في البلدة يسمعون صوت الرصاص يمزق أحشاء الليل دون أن يعرفوا ما الخبر، لكن أحد القتلة كفاهم مؤونة البحث والتقصي، عندما تولى، و في وسط المجزرة، نقل صور مباشرة من "قلب الحدث" قوامها لقطات جثث شباب مكومة فوق بعضها والدم يتقاطر منها.

وتمكنت "زمان الوصل" من التعرف إلى هوية هذا القاتل الذي يدعى "ميلاد" ويكنى "أبو حيدر"، وهو من المرتزقة الذين وضعهم النظام في "رنكوس" خصيصا، ليمارسوا أبشع صور حقدهم على الأهالي.
ويعد "ميلاد" من بين أكثر عساكر النظام مجاهرة بطائفيته، التي تتبدى عبر الخلعة الخضراء في يده، وعبارة "يا علي مدد" على بدلته العسكرية.
وتعيش بلدة رنكوس هذه الساعات لحظات حداد عام يكاد يلف جميع أرجائها، فيما عمد النظام إلى فرض حظر تام للتجول فيها، محذرا الأهالي من مغادرة منازلهم، ومذيعا هذه التحذيرات عبر مكبرات الصوت في الجوامع.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، ما يزال أهالي البلدة يحاولون معرفة أسماء جميع الضحايا الذين قتلتهم قوات النظام واحتجزت جثامينهم، بعد تحميلها مكدسة في سيارة "بيك آب"، وقد قيل إن عددهم 10 شبان، عرف منهم حتى الآن 7 أسماء: ضياء خالد، هاني أبو بكر، بشار عودة، حمزة الخطيب
أحمد بكر الخطيب، محمد عكرمة الخطيب، مجد الخطيب.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية