انتهت جلسات مؤتمر المستقلين في المعارضة السورية في العاصمة السعودية، ولم تنتهِ مفاعيل مجرياته، فتزايدت مساحات الخوف من "انشقاق عامودي" بحسب تصريحات لرئيس هيئة المفاوضات الدكتور "نصر الحريري".
ومع تزايد الاستياء الشعبي في صفوف شارع المعارضة السورية "لاذت" كلٌّ من السعودية وتركيا بالصمت المطبق، بما يوحي بأن الخلاف سوري- سوري، فيما يصب الشارع المعارض " تهمه" على الارتماء تبعا لأجندة هذه الدولة أو تلك.
*بين دعم المعارضة وتصنيعها
خلص اجتماع المستقلين لانتخاب قائمتين، الأولى مكونة من 13 ليشكلوا ما سمي بالأمانة العامة، ولتكون مرجعية لمكون المستقلين في الهيئة، والقائمة الثانية مكونة من 8، ليكونوا أعضاء في هيئة التفاوض عن مكون المستقلين، أما بالنسبة لمجموع المشاركين في الاجتماع وعددهم 68 مشاركا، فقد اتفق على أن يكونوا كهيئة عامة للمستقلين، وترك الباب مفتوحا لانضمام أي شخصية مستقلة لاحقا، وفق آليات ستضعها الأمانة العامة وتقرها الهيئة العامة.
بحسب مصادر من هيئة المستقلين "القديمة" فإن المخاوف مشروعة، تبدأ من التجاوز القانوني بطريقة الدعوة وصولا لإمكانية تحالفات جديدة داخل الكتلة الجديدة وبقية المكونات، وهذا طبيعي بالظروف المعتادة، لكنه حكما سيؤثر على تشكيل اللجنة الدستورية والتي يعتمد عليها لأول مرة "كند" لنظام الأسد، إضافة لما ستتركه الانتخابات إن استمرت الأمور على حالها بتغييرات تطال كامل هيئة التفاوض".
هل مخاوفكم منصبة باتجاه عدم تغير نصر الحريري؟
يجيب المصدر"أبدا بالأساس رئيس الهيئة تنتهي ولايته خلال الأسابيع القادمة، ولم يكن مطروحا التمديد له، بعد استنفاذه ما ينص عليه النظام الداخلي سنة ويمكن التمديد سنة إضافية واستثنائيا جرى التمديد لثلاثة أشهر لظروف تتعلق ببدء أعمال الدستورية".
مضيفا :"مخاوفنا المشروعة عبر عنها نصر الحريري ورسالتنا للملكة السعودية، دعم المعارضة ومساندتها يختلف عن تصنيع المعارضة، يجب التركيز على الاستحقاقات وعدم بيع الشارع السوري المنهك مزيدا من الأوهام، فهل التغيرات القادمة بالدستورية مثلا هي المشكلة أم النظام وداعموه ممن أفشلوا الدستورية ولم تجتمع سوى مرة واحدة".
*جبهات التواصل الاجتماعي
بين مؤتمري الرياض "الجدد" وزملائهم " القدامى" التهبت صفحات التواصل الاجتماعي، بالمواقف المعبرة عن "وابل" من الشتائم، والتهم لكلا الفريقين، متسائلة عن دورهم بما يجري في إدلب من قتل وتهجير ودمار، ومترافقة مع "يوتيوبية" تشرح القراءات بحسب ما لديها من معلومات، ومواقف من هذه الكتلة أو تلك، وهو ما زاد" الطين بلة".
وظهر الشارع السوري بعمومه غير عابئ بالمتغيرات المتسارعة، والكتل المتجاذبة، محتفظا حينا ببعض الاعتبارات لشخصيات عرفها خلال سنوات الثورة.
" لا شيء يتغير إذا لم نتغير نحن، ونرفض الانقضاض على بعض، ونرسخ نتائج العمل كقياس مرجعي للحكم على ممتهني الشأن العام، ولغايته لا أجد فروقات تذكر بين القدامى والجدد، فالنتائج الكارثية متواصلة على الجميع، ويبدو أن ثمة استحياء من المعارضة أن تصرخ أن القضية السورية باتت دولية وليسوا فاعلين في أيا من تحولاتها" يعلق "أمجد العلي".
يعلق السياسي سمير نشار: "تناسى الزملاء أعضاء كتلة المستقلين كما تناسى رئيس هيئة التفاوض أن مؤتمر "الرياض 2" لا أساس ولا سند قانوني له، وأنه جرى في مرحلة سياسية كان هناك توافق سياسي بين تركيا والسعودية وروسيا أدت إلى مشاركة وحضور مندوب روسيا لمؤتمر "الرياض 2"، وهذا الحضور بحد ذاته مخزٍ ومشين للمعارضة أن تقبل بوجوده وروسيا فعلت ولا تزال تفعل بسورية وبشعبها وبثورتها من جرائم الإبادة وانتهاكات ضد السوريين من قصف وقتل وتدمير وتهجير.
مضيفا:"للأسف يأتي المؤتمر الصحفي لرئيس هيئة التفاوض وكتاب كتلة المستقلين كنوع من الاصطفاف السياسي في الصراع الإقليمي مع تركيا ضد السعودية، وهذا غير مقبول بالنسبة لأكثرية مجتمع قوى المعارضة والثورة".
من جانبه يرى الدبلوماسي "بشار الحاج علي" أحد حضور اجتماع المستقلين في الرياض" ليس بوارد أحد انشقاق في صفوف قوى الثورة والمعارضة بما فيها هيئة التفاوض، كل ما جرى في سياق ضخ دماء جديدة وواجبة بعد سنتين من تولي زملائنا العمل السياسي في هيئة التفاوض، والمستقلين بحاجة لمكتب أمانة عامة يمثلهم في هيئة التفاوض، ويعول عليهم في دور مركزي بتقريب وجهات النظر بين كافة مكونات الهيئة".
وينفي الحاج علي :"أن ثمة متغيرات في بنية الدستورية باعتبارها وظيفية وليست تمثيل سياسي".
*بين تركيا والسعودية
ماذا لو تمسكت تركيا بهيئة التفاوض المعترف بها، بدون التغيرات الأخيرة، هل سنكون أمام هيئتين يحيب الحاج علي:"لا أحد بهذا الوارد وثمة جهود دبلوماسية مشكورة لرأب الصدع والعمل كفريق واحد".
مصادر مراقبة ترى أن باب الاحتمالات مفتوح على مصراعيه، فعلى الرغم أن السعودية تتحرك بالتكليف الدولي، الذي أقره بيان "فيينا" والقرار 2254، إلا أن لتركيا أدواتها التي يمكن أن تستثمرها في هذا الجانب، ولن تقبل بتحييد ما تعتبره "حلفاء" من هيئة التفاوض السورية، سيما وأنها باتت ممسكة بالملف السوري على الأرض شمالا".
عضو كتلة المستقلين "مهند الكاطع" قال على صفحته الشخصية: "الشائعات التي استبقت الاجتماع ثبت عدم صحتها، وبالتالي من المتوقع ظهور مزيد من الشائعات للتشكيك في انتماءات الأعضاء الجدد واستقلالهم وهذه كلها لا قيمة لها".
مضيفا: "المهم أن يحقق الأعضاء الجدد تأثيرا إيجابيا في عمل الهيئة مستقبلاً".
وكان اجتماع المستقلين بالرياض أعلن بيانه الختامي بالإشارة لتكريس وحدة قوى الثورة والمعارضة السورية حول رؤية وطنية للحل السياسي "تقوم على الالتزام التام ببيان "الرياض 2"، وما بني عليه تنظيمياً وسياسياً ووفقاً لبيان جنيف لعام 2012 وقراري مجلس الأمن الدولي رقم (2118) لعام 2013 و(2254) لعام 2015، لبناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية تعتمد مبدأ المواطنة المتساوية، وتعكس تنوع وغنى المجتمع السوري، وتحترم حقوق الإنسان ويضمن دستورها حقوق وثقافات ولغات جميع مكونات المجتمع التي تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها على قاعدة وحدة سورية أرضاً وشعباً وسلامتها الإقليمية".
واتفق المجتمعون على تكليف الأمانة العامة المنتخبة بالعمل على توسيع الهيئة العامة لوفد المستقلين بحيث يُضم إليها أوسع شريحة من الشخصيات الوطنية المستقلة وإشراك المرأة والشباب وتأطير عملهما بموجب آليات تعدها الأمانة العامة وتقرها الهيئة العامة في أول اجتماع لها".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية