وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "قانون سيزر لحماية المدنيين في سوريا"، مؤخرا ويعول كثيرون على الأسبوع القادم، بعد تصديق مجلسي الكونغرس والشيوخ الأمريكي عليه، بما يطرح تساؤلات أهميته للسوريين بعد قرابة 8 سنوات من الثورة، وهل يمكن للرئيس الأمريكي أن يمضي في تطبيقه، أم يستخدمه في "المراوغة السياسية"؟.
ولأي حد يمكن التعويل على قانون "سيرز" خلال المرحلة القادمة، هل سيحمي المدنيين، في سابقة لم تحصل خلال سنوات الثورة، أم سيخضع للكواليس السياسية، وهل وبات من المسلم به، ونترقب إرادة الحياة تغلب القتلة ولو طالت؟.
*بعيون سورية
تفاوتت القراءات السورية بين مرحب ومتخوف من القانون الجديد، وثارت مع كل سيرة للقانون مواجع سنوات من الخذلان شهدها الشارع السوري، فيما تساءل كثر لماذا اليوم؟ ولمصلحة من سيصب القانون.
محمد الغانم أحد الناشطين بالملف وممن استقبل قيصر وتقديمه لاحقا للمؤسسات الأمريكية يحلل ببعض القانون بالقول:"أولا يمكن قراءة القانون بسياق وقف التطبيع المتسارع، من بعض الدول الإقليمية والعربية، وبالتالي توجيه رسالة قوية اللهجة وقادرة على التنفيذ، إضافة لبنود القانون ذاته بما يتعلق بحماية المدنيين وقف دعم نظام الأسد بما في ذلك حلفاؤه روسيا وإيران".
وفي تعليقه على إمكانية فرض عقوبات على روسيا وشركاتها في سوريا رد الغانم :"القانون يعطي هذه الصلاحية للرئيس ترامب، ويعطي بذات الوقت صلاحية رفعها، إذا تحققت شروط رفع العقوبات، ومن هنا يمكن فهم الرسالة، بوجوب التقيد أو العقوبات".
من جانبه المحامي "أنور البني" توجه "بالشكر لكل من عمل وساهم وشارك، من أجل إقرار هذا القانون، وأنا أعلم أن جهود وأموال الكثير من السوريين، بذلت دون حساب من أجل ذلك".
وأضاف رئيس "المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية: "من الناحية القانونية، فإن إصدار هذا القانون، يشكل ضربة قوية جدا لتحالف المجرمين السوريين والدوليين، وهو أقصى وأقسى ما يمكن اتخاذه من عقوبات ضد المجرمين من قبل الحكومات َوالإدارات السياسية، وهو ما طالبنا وتطالب به كل منظمات حقوق الإنسان السورية والدولية من الحكومات والدول، ونأمل أن يقوم الاتحاد الأوروبي بخطوة مماثلة".
مضيفا: "إن أهمية هذا القانون في أنه يقطع الطريق نهائيا على أي محاولة بإعادة تأهيل المجرمين، وإعادة التعامل معهم، أي بصريح العبارة، يعتبرهم نفايات سامة غير قابلة لإعادة التدوير نهائيا، وليس لهم أي مستقبل في سوريا".
المعارض السوري "ميشيل كيلو" قال في تسجيلات صوتية، تناقلتها غرف التواصل الاجتماعي: "إن الرئيس ترامب "مستعجل" على إقرار القانون، لظروف انتخابية، باعتباره جرى تمرير القانون ضمن موازنة وزارة الدفاع، والتي يريد ترامب أن يمنحها بعض التحسينات، سواء اللوجستية أو المالية".
ولفت كيلو إلى: "أن ما يروجه البعض، بأن القرار لن يطبق قبل ستة أشهر غير صحيح، باعتبار الأصل في المؤسسات التشريعية، أن تمنح السلطات التنفيذية وقتا للتنفيذ، وبالتالي المؤسسة التنفيذية راغبة بالقرار، ويعني ذلك أنها ستكون جاهزة للتنفيذ قبل الوقت الممنوح لها بأصل الصك التشريعي".
واعتبر كيلو:"إن العقوبات قد تصل بنوع من المبالغة لشوفيرية المخابرات" وملاحقات للكل، وتوصيات بعدم عودة العلاقات مع نظام الأسد، وإحالة بشار الأسد وزمرته، على المحاكم الجنائية المختصة بالجرائم ضد الإنسانية، وهذا لن يبقى لنظام الأسد أي شرعية".
على أن المخاوف السورية حضرت بالتوازي مع آراء السابقين، سيما في صفوف أبناء الثورة، متسائلين بمن سنثق بعد خذلان ترامب إن لم يطبق مفاعيل القرار، وهل سيعمل الرئيس الأمريكي بما يحقق العدالة للسوريين، مضيفين "لقد خبرناه أيضا".
فيما بدت أصوات الأنين قادمة من الداخل السوري مع فقدان الليرة السورية لأية مقاومة اتجاه ارتفاع الدولار وتساءل العشرات من يحمي الناس المدنيين من مغبة الجوع والعوز، وهل تسقط هذه الأنظمة بالحصار الاقتصادي الذي يدفع الفقراء وحدهم ثمنه".
*موجبات الفرض وتوقيت رفع العقوبات
يشرح "محمد الغانم" عبر فيديو مسجل أهم فقرات القانون وما يتعلق بالقضية السورية، معتبرا:"أن مشروع القانون ينص على فرض عقوبات على النظام السوري والدول الداعمة له (روسيا وإيران)، لمدة 10 سنوات، بالإضافة إلى كل من يدعم النظام في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى كل "جهة أو شخص يتعامل مع الحكومة السورية أو يوفّر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، والمصرف المركزي السوري".
وستشمل العقوبات "الأشخاص الذين يقدّمون دعماً أو يشاركون في صفقات مع الحكومة السورية"، بما في ذلك "القوات العسكرية أو المقاولون الذين يتصرفون نيابة عن سوريا أو روسيا أو إيران".
كما يفرض عقوبات على من "يبيعون أو يقدمون عن قصد البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات المهمة التي تسهّل أو توسّع الإنتاج النفْطي المحلّيّ للحكومة السورية"، وعلى من يبيعون "الطائرات، أو الأجزاء، أو الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للحكومة السورية"، وكذلك على من يقدّمون "الخدمات الإنشائية أو الهندسية للحكومة السورية".
ويستهدف القانون شخصيات سياسية وأمنية تشمل بشار الأسد ووزراءه ورؤساء الفرق والقوات المسلحة، ومديري السجون والمحافظين ورؤساء الأفرع الأمنية وغيرهم".
ويقدّم القانون بحسب الغانم "حلولاً جديدة عسكرية وغير عسكرية لحماية المدنيين المتعرضين للقصف والعالقين عند الحدود أو المهجَّرين".
وتشير أوساط السوريين في أمريكا إلى أن أكثر من 300 شخص شاركوا بهذا العمل على مدى السنوات الثلاث الماضية، وساهموا بأكثر من مليوني دولار من تبرعات الجالية، لأعضاء الكونغرس للفت نظرهم لأهميته.
وفي بنده الرابع يشير القانون إن:"الرئيس الأمريكي وحده من بإمكانه رفع العقوبات، حين تتخذ الحكومة السورية خطوات "واقعية" تجاه ضمان حقوق الإنسان، بما في ذلك إنهاء القصف، وإطلاق سراح المعتقلين، والسماح بالعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين".
يشار إلى أن قيصر، هو أحد العاملين سابقا في القوى الأمنية السورية، ووثّق بشكل مفصل ومصوّر عمليات التعذيب، والموت الجماعي، الذي لحق بعشرات آلاف السوريين في سجون نظام بشار الأسد. وبعد فراره، نجح عدد من السوريين بنقله إلى الولايات المتحدة، وبتعاون جمعيات سورية قدم شهاداته مفصّلة أمام الكونغرس، وجرى تقديم القانون الذي حمل اسمه طيلة السنوات الثلاث الماضية، ولم تنجح في تمريره من مجلس النواب ليقدم اليوم عبر موازنة وزارة الدفاع وهو ما ساعد على إقراره.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية