*خلّفهم آباؤهم الجهاديون الذي اغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال في شرق حلب
*مفتي حلب صديق عزيز لنا، وصداقتنا متوطدة وعظيمة، قبل الحرب وأثناءها.
*اثنان من زملائي الكهنة ما زالا يعيشان في مناطق سيطرة الجهاديين لرعاية شؤون المسيحيين
كشف راهب سوري عن أن كنيسته تتولى رعاية نحو ألف طفل وطفلة من السوريين المسلمين، الذين أصيبوا بالصدمة النفسية وخلفهم آباؤهم الجهاديون الذين سيطروا على شرق حلب خلال السنوات الماضية، حسب وصف الكاهن.
ففي تقرير نشره الموقع الرسمي للفاتيكان وتولت "زمان الوصل" ترجمته، قال الأب الفرنسيسكاني فراس لطفي، إن المعارك توقفت في بعض المناطق لكن الحرب التي دامت 9 سنوات "خلفت دمارا هائلا، وهدمت منازل، وباتت أحياء بأكملها في حالة خراب، وفضلا عن كنائس ينبغي إعادة إعمارها... نصف سكان سوريا البالغون 23 مليونا مضوا، بين ميت ولاجئ ومشردين".
"لطفي" الذي أخطأ "صوت الفاتيكان في تسميته طوال المقال (في 5 مواضع)، فنعته بـ"لفطي"، قال إنه كفرنسيسكاني وكمسيحي لم يفقد الأمل أبدا، وبقي يسأل نفسه على الدوام: "كيف يمكنني مساعدة شعبي؟"، موضحا أن المجتمع الفرنسيسكاني الدولي قدم الكثير بالفعل، عبر حملات التضامن، فتمكن من توزيع الطرود الغذائية ومياه الشرب، كما مول المشروعات الصغيرة، وساعد في تزويج الشباب، وهذه المشروعات هي "شهادات يقدمها الرب ولا يزال يقدمها".
الأب "لطفي" الذي وصفه الفاتكيان في تقريره بأنه وزير كنيسة القديس بولس (مقر الكنيسة الكاثوليكية) في كل من سوريا ولبنان والأردن، أكد أن ضغوط الحرب أجبرت بعض الكهنة على الرحيل، لكن غالبية الأساقفة والكهنة قرروا البقاء في سوريا، ومنهم اثنان من رفاقه الفرنسيسكان يعيشان في الشمال السوري، بالقرب من الحدود التركية، معقبا "إنهما يعيشان هناك تحت سيطرة الجهاديين... يعتنيان بالمجموعة الصغيرة من المسيحيين الذين بقوا". ويقدر عددهم بحوالي 200 شخص، "لا يحملون المسيحية في الحمض النووي فحسب، بل أيضا يعانون للإبقاء على شهادة صلبة للوجود المسيحي منذ 2000 عام في المنطقة"، حسب قول "صوت الفاتيكان".
ويشرف "لطفي" على مشروعين مخصصين للأطفال في حلب، الأول يطلق عليه اسم "الفن العلاجي"، يستفيد منه نحو ألف طفل، وهو يسخّر مجموعة من المتخصصين والمتطوعين لمساعدة الأطفال على التعافي من الصدمة النفسية الناجمة عن الحرب، وتشمل أنشطة المشروع الموسيقى والرياضة والسباحة.
ويعلق "لطفي" على ذلك: "لقد قدمنا بركة سباحة جميلة للأطفال، فخلال الحرب لم يتمكنوا من اللعب أو مغادرة المنزل أو الدراسة خوفا من القتل".
ويبدو أن هذا المشروع مخصص للأطفال المسيحيين فقط، بدلالة القول إن المشروع الآخر للأب لطفي يتعلق بـ"المجتمع المسلم"، حيث يقول واصفا بكلماته: "كان المسلمون وحدهم يعيشون وما زالوا يعيشون في شرق حلب. لقد احتل الجهاديون أرضهم أثناء الحرب. تعرضت النساء للاغتصاب، والأطفال للقتل ... وحضر الأطفال مشاهد مرعبة لأشخاص تقطع أعناقهم بواسطة هؤلاء المتعصبين".
ولم يكتف "لطفي" بذلك بل إنه تحدث عما وصفه بالزواج القسري للجهاديين من النساء السوريات، وعن نتائج هذا الزواج، وهم الأطفال، الذين لم يتم الاعتراف بهم رسميا (لدى النظام) ولم يتم تقييدهم في السجلات، إنهم موجودون جسديا، ولكنهم ليسوا كذلك من الناحية القانونية.
وينقل "صوت الفاتيكان" عن الأب السوري الفرنسيسكاني، كيف كان الوضع مرعبا عندما غادر الجهاديون حلب عام 2017، وكيف كان الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات يعيشون مع أمهاتهم أو جداتهم لأن آبائهم قتلوا، وكيف حرموا الذهاب إلى المدرسة وتعرضوا لصدمة نفسية وتراكم رعب.
وحول تفاصيل مشروعه الخاص بـ"المجتمع المسلم" في حلب، يوضح "لطفي" أن لديهم مركزين يضم كل واحد منهما نحو 500 فتى وفتاة، تتراوح أعمارهم بين 3 و 4 سنوات، وصولا إلى 16 سنة.
وينوه "لطفي" بأهمية علاقته مع مفتي النظام في حلب، والتي كان لها دور مؤثر في انطلاق وسير هذين المركزين، معلقا: "مفتي حلب صديق عزيز جدا لنا... جنبا إلى جنب مع النائب الرسولي للمجتمع اللاتيني في سوريا، نمت علاقة عظيمة بيننا (أنا والنائب الرسولي والمفتي)، قبل الحرب وأثناءها على حد سواء "... [مفتي حلب هو: محمود عكام].
وفي الختام يشير "صوت الفاتيكان" إلى العبارة التي يرددها "وزيره" لطفي عندما يتم سؤاله عن سبب بقائه في بلد مزقته الحرب، حيث يقول ويكرر: "لأنني فرنسيسكاني، لأنني مؤمن. وعندما خلقني الرب هناك، كان غرضه: أن أكون وجهه وقدميه ويديه التي تجلب الأخبار السارة واللطف والرحمة".
إن "لطفي" يشعر ببساطة أن الرب "دعاه" ليشهد التجربة المريرة لبلاده، حيث يعاني الناس ويموتون كل يوم، معتبرا أن ذلك يطابق قول يسوع في الإنجيل، حيث يتحدث عن "حبة القمح التي يجب أن تموت من أجل إنتاج الكثير من السنابل".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية