أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جملتان تشيران إلى نمط تفكير ... حسن الصفدي

قال أحدهم حسبما ورد في صحيفة زمان الوصل7/8/09: "لقد سمعت أن الصفدي شيوعي.. كيف يكتب مثل هذا الكلام". وقائل هذا القول مكلف بمهمة وظيفية، ولكن بعض المكلفين، وربما معظمهم، يفضلون تسميتهم بالمسئولين. القائل سَمِعَ أنني شيوعي!! وهو كمسئول يعرف تمام المعرفة أن السماع ليس بشيء إذا لم يدعم بدليل. بالتأكيد سمع ذلك ممن لا يعرفني بتاتاً. فأنا بعثي ولكنني لست حزبياً حالياً.

غير أنني، وقد سبق أن استنكرت اعتقال الشيوعيين أيام الشيشكلي، ونددت بالتنكيل بهم أيام الوحدة، كما سبق أن رفضت البطش بالقوميين السوريين عقب اغتيال المأسوف عليه "عدنان المالكي" الذي كنت شديد الإعجاب به.
هذا لأنني ربّيت في مدينة حمص المحبة للجميع، والتي كانت منذ تأسيس الجمهورية السورية تحتفي وتضم جميع أحزاب البلد، وكلها كانت نشطة وفاعلة، وليس على غرار مدن أخرى. وهنا تبدو المفارقة، فالحمصي يتوجب عليه أن يكون محباً لكل أبناء بلده على أساس: "إن خلاف الرأي لا يُفسِدُ للود قضية". ولما كنا جميعاً نرمي إلى رفع شأن بلدنا ولكل شيخ طريقته، ولهذا فـ"نحن الحماصنة متعصبون لحمصيتنا".
أما عن "كيف يكتب هذا الكلام"!!!!! والتعجب هنا من عندي على جملة كهذه يقولها من يفترض أنه يعمل في الصحافة وليس في محكمة تفتيش تاريخية.
سأقدم أولاً مثالاً عن كيفية فهم الذهن الرقابي للمفردات. عندما قدّم كتاب "أعياد الربيع القديمة في حمص" إلى وزارة الإعلام للحصول على موافقة النشر. لاحظ الرقيب وجود ذكر لمقام "العبريني" فطلب حذف الاسم - وكيف يكون مقام من دون اسم؟- فتساءلنا لماذا؟ فقال إنه مشابه لكلمة العبراني!!! كان الرد أن عبريني غير عبراني ومقامه موجود في حمص، فلم يأبه. فقلنا له هذا المقام خاص بطريقة لمذهب فسكت محرجاً.
أما كيف أكتب؟ أنا الذي أكملت منذ شهور ستون عاماً في الكتابة، أي قبل أن يولد هذا القائل. إذ لو كان ولد لتوجب أن يكون قد أحيل إلى التقاعد. لقد كتبت في العروبة منذ تأسيسها أيام حكومة التجمع. وإذا كنت قد كتبت في "النور" فقد سبق أن كتبت في دراسات اشتراكية، لأن النشر في البعث والثورة وتشرين ليس متيسراً إلا لمن رحم ربك. غير أن مسؤولي النور استاؤوا مني لعتاب وجهته إليهم على موقفهم المتعسف من موقعي بيان دمشق - بيروت. وهم لم ينشروا العتاب طبعاً، إي إنهم شأننا جميعاً غير قابلين للخطأ... وما عادوا نشروا لي حتى تعقيباً. وأعتقد أن هذا قد صار حال "العروبة" فقد أسلمتهم قبل "الفنّة" مقالة لم تنشر لأن بركات "الفيتو" حلّت.
أما لماذا يتعصب الحمصي لحمص؟ فإليكم الوقائع التالية:
- كانت مدينتنا آخر معقل لعبادة إله الشمس، الذي أورثنا كاهنه باسيانوس ثلاثة أباطرة لروما.
- حفظت حمصنا زمناً طويلاً أعظم موكب احتفالي يختتم أعياد الربيع القديمة السبعة بخميس المشايخ، الذي ألغي في منتصف القرن الماضي وفقدت حمص بفقدانه جزءاً من ذاكرتها.
- قبيل منتصف الخمسينيات تأسست في حمص جمعية البر والخدمات الاجتماعية، وكانت في نهاية العقد أول جمعية مدنية (ليست أهلية فهي شاملة) تنجح في مكافحة التسول في الشرق... بشهادة إذاعة "لندن" آنذاك.
- قبل نهاية عقد الخمسينيات تأسست في حمص أول جمعية تعاونية سكنية في القطر.
- مدينتنا العدّية أنجبت ثلاثة رؤساء للجمهورية. على غرار الأباطرة الثلاثة.
- حمص على حد قول البعض: "مدينة الشعر".
فكيف لا نفخر؟ ولم لا نتعصب لحمصيتنا لنحافظ على الإرث الجميل الذي أُورثناه. ومن ليس فيه خيرٌ لمدينته، لا خير فيه لوطنه.
لقد شرحت في مقال سابق خطأ استخدام الطائفية في معرض المذهبية. ومن ناحيتي لست متديناً، ولهذا فكل أديان البلد ومذاهبها تخصني جميعها، وأتعصب لها جميعاً على حد سواء، بمعنى أنني لا أقبل أية إساءة إلى أي منها على الإطلاق. بل إنني أنادي بالاعتراف صراحة بمن ليسوا معترفاً بهم حتى الآن، وهذا ما لا يرضى عنه كثيرون بمن فيهم المتشنجون من "تعصب الحماصنة لحمصيتهم".
أما بالنسبة للصديق "أحمد تكروني" فما قاله حق، فليس في المقال سوى ما يمكن أن يتراءى للذين في نفوسهم مرض. وأخي أحمد في السنوات التي أدار فيها الجريدة، رفع من مستوى ليس التوزيع فقط بل ما يكتب فيها. وقد استعاد بعض الكتاب الذين انقطعوا عن الكتابة فيها.
وإذا كان صديقي قد تأذى، فإنني أرى في الإجراء المتخذ ضده "جزاء سِنِّمَار". فما من خطأ وقع، ومع ذلك فهناك من قال لرئيس التحرير الدؤوب مفاده إنه خسر صديقاً من أجل مقال.
أتراني في وسط مسرحية من مسرح اللامعقول، وأنا لا أدري؟؟!!


مقال راي يطيح برئيس تحرير العروبة الحمصية

 

(120)    هل أعجبتك المقالة (119)

عدنان

2009-08-12

فقط لو أنك كتبت أكملت منذ شهور ((ستين)) لكان خيراً من أن تكتب((ستون)).


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي