لطالما شكلت محافظة درعا السكين الأكثر صلابة بوجه نظام الأسد منذ بداية الثورة السورية وحتى في زمن الذي يعتبر به النظام نفسه منتصرا بعد تدخل روسيا وإجراء التسويات في الجنوب السوري، فلا يزال ملف الجنوب يشغل الاهتمام الأكبر من قبل أجهزة أمن النظام وخصيصا بعد تزايد حدة المظاهرات المدنية التي ينظمها أهالي درعا ويطالبون بها نظام الأسد بالإفراج عن المعتقلين وإظهار مصير المفقودين من أبنائهم.
هذه المظاهرات دفعت نظام الأسد لتكليف اللواء "حسام لوقا" لإدارة وإنهاء ملف الجنوب بأقرب وقت ممكن، الأمر الذي دفع بالأخير إلى إجراء لقاءات أمنية غير معلنة مع لجان المصالحات والتسويات في الجنوب، فارضاً عليهم شروطه الخاصة وفق ما أكدته مصادر خاصة لـ"زمان الوصل".
وذكرت المصادر الخاصة أن اللقاءات الأمنية بين "لوقا" ولجان المصالحات لكل منطقة على حده تجري في فرع أمن الدولة بمدينة درعا وبحضور العميد "لؤي العلي" رئيس الشعبة الأمن العسكري في الجنوب ولا تزال مستمرة. وأضافت المصادر أن الطرح الذي قدمه "لوقا" هو فرض ما أسماه بهيبة الدولة على كل من درعا المدينة ومدينة "الصنمين" و"طفس" ومنطقة حوض اليرموك، مقابل إطلاق سراح عدد من المعتقلين الذين سيتم اختيارهم من قبل أجهزة الأمن ودون شروط من قبل الأهالي.
كما تتضمن إعادة فرض هيبة الدولة وفق رؤية النظام تسليم المطلوبين الذين تجاوز عددهم أكثر من 3500 مطلوب وتسوية أوضاع الذين رفضوا المصالحة الأولى مع النظام أو ممن تورطوا بحمل السلاح بعد تسوية أوضاعهم، وتسليم السلاح الفردي، وإنهاء كل المظاهر المسلحة في المناطق المذكورة وفق ما أكدته المصادر الخاصة.
وأوضحت المصادر أنه بعد أن وصل خبر مقترح التسوية للضباط الإيرانيين في الجنوب السوري تم استدعاء اللواء "لوقا" لاجتماع ضم رؤساء أفرع الأجهزة الأمنية لإخبارهم برفض تسوية أوضاع جميع الشبان في محافظة درعا، مدعين بأن العديد منهم يعمل لدى مخابرات خارجية من بينها المخابرات الإسرائيلية، وقدم الضباط الإيرانيون لائحة بأسماء هؤلاء الشبان لمنع الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد من تسوية أوضاعهم.
وعن مكان اللقاء الذي جمع الإيرانيين باللواء "لوقا"، ذكرت المصادر أن الاجتماع جرى في محافظة القنيطرة بوجود عدد من الرتب العليا عرف من بينهم اللواء "حكمت سليمان".
تأتي هذه التحركات من قبل نظام الأسد بعد أيام قليلة على تصريحات "خالد عبود" عضو مجلس الشعب سابقاً لدى نظام الأسد، والتي دعا بها ما أسماهم بالأصدقاء الروس للحسم العسكري لفوضى الجنوب مخاطبا إياهم: "نحن أبناء الجنوب، نحن الجمهور، نطالب أولا الأصدقاء الروس، وللمرة الرابعة، أن ما يواجهه أهلنا في الجنوب، إنما هو إرهاب منظم مدعوم، من قبل أطراف خارجية".
كما ودعى "العبود" أبناء العشائر ووجهائها، وكل الأحزاب والاتحادات، والعوائل الكريمة للعمل على إقناع الطرف الروسي، والتركيز على مطالبة الحكومة بإنهاء هذه البؤر التي تعتبر خزان الفوضى جنوبا"على حسب زعمه. من جهتهم أجاب ناشطون في محافظة درعا على تساؤلات "زمان الوصل" حول رأيهم عن تحركات النظام ممثلة باللواء "حسام لوقا" قائلين "إن لجان المصالحات الذين قابلوا ضباط النظام هم لا يمثلون أهالي الجنوب وأنهم مجرد تابعين لهؤلاء الضباط".
وأضاف الناشطون أن تلك اللجان لم تعرض ما قدمه النظام من شروط على المدنيين في درعا، مشيرين إلى رفض الأهالي لتلك الشروط فيما لو تم إعلامهم بها.
وفيما إذا كانت ستنتفض درعا من جديد أجاب الناشطون "إن درعا الآن في مرحلة غليان البركان الذي سيثور من جديد بوجه نظام الأسد وأكبر دليل على ذلك المظاهرات التي تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وإخراج الإيرانيين وميليشيا حزب الله وعملائهم من الجنوب السوري".
وأكد الناشطون على أن تصريحات "خالد عبود" ليست سوى بروبوغندا إعلامية مخابراتية، الهدف منها تبرير أي حماقة قادمة سيرتكبها نظام الأسد بحق الجنوب السوري على حد قولهم.
الجدير بالذكر أن أحد قادة الفصائل العسكرية في درعا البلد سابقا "أدهم الأكراد" كان قدر رد على تصريحات "خالد عبود" عبر صفحته الشخصية كاتباً "كانت سوريا دولة إقليمية، وبكامل عافيتها فاقتحم الجيش مدينة درعا برتل قوامه 125 دبابة وعربة في مواجهة عشرة بنادق..قرار أحمق أوصلنا إلى ما نحن عليه، لغة القوة مشروع خاسر، والمعنى في قلب ثائر".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية