أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لمن تقرع طبول الحرب في إسرائيل لإيران أم للبنان؟... مهى عون

 

منذ فترة وجيزة بدأت تغزو شاشات الفضائيات العربية صور لأسراب من طائرات الشبح F35، الفائقة التطور، والحديثة الصنع، فيما تتحدث الأخبار عن تزود  إسرائيل بعدة أسراب منها عن طريق الولايات المتحدة، لتحل محل طائرات ال15F وال F16 التقليدية الصنع، والتي كانت قد أغارت في تموز (يوليو) سنة 1981 على ما كان يسمى بالمفاعلات النووية العراقية.

 زائد أخبار حيازة إسرائيل حديثاً على ترسانة من الصواريخ التي تسمى ذكية، نسبة لسرعة إصابتها للأهداف المتحركة كالطائرة مثلاً، ولقوة الدفع الذاتي التي تتمتع بها ، مما يؤهلها لإصابة مواقع وأهداف أبعد وأصغر حجماً، كونها تعتمد في عملية استهدافها على أشعة الليزر الفائقة الدقة. ويأتي هذا الاستعراض الإعلامي للترسانة الاسرائيلية حالياً وكأنه رد على التهديدات المباشرة التي صدرت في الآونة الأخيرة على لسان قائد عام قوات الحرس الثوري الإيراني الباسيدج، حيث قال أن الأهداف الاسرائيلية هي جداً سهلة، وان القوة الضاربة الإيرانية هي قادرة على "طي صفحة إسرائيل إلى الأبد"، في حال أقدمت هذه الأخيرة على مغامرة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، كما هددت بذلك مراراً.
يبقى أن ادعاء القوة شيء، والتفوق الفعلي شيء آخر.

فصواريخ شهاب لم تزل تصنّع على أسس وتقنيات متخلفة نسبياً، مقارنة بالتقنيات المعتمدة في تصنيع الصواريخ الأميركية. وسبب تخلفها هو افتقادها لعنصر الدقة في إصابة الهدف كونها غير مجهزة بمعدات توجيه الكترونية.

هذا لا يعني أن الأضرار التي من الممكن أن تحدثها في إسرائيل ليست كبيرة. فالأضرار سوف تكون عظيمة نظراً لكثافة الصواريخ التي من الممكن أن ترسلها إيران في وقت قياسي، ولكثافة السكان في المدن والدساكر الإسرائيلية.
 في كل الأحوال من المستبعد أن تبدأ هذه المرة إسرائيل بشن الحرب، والمتوقع أكثر هو أن تتصرف فقط من موقع الدفاع، حيث تعمد على استعمال أقصى قوتها الضاربة.
 أما السؤال فهو لماذا تتهرب إسرائيل اليوم من القيام بهذه المغامرة؟ وما مغزى كل هذه المناورات على حدودها الشمالية مع لبنان، واستعراضها لترسانتها العسكرية إذاً؟

وهل هي فقط للتخويف والترهيب، أم أنها فعلا عازمة على المضي في نواياها العسكرية تجاه إيران، بعد أن تكون قد قامت بدراسة عنصر الوقت جيداً بحيث تتمكن من تعطيل قوة إيران الضاربة قبل أن تتلقى وابل حممها على مناطقها؟

في هذا الخصوص تفيد بعض التقارير الواردة من الداخل الإسرائيلي، بأن الأجهزة العسكرية الإسرائيلية هي اليوم في حالة استنفار عسكري قصوى، ولكن مع توجيهات لضبط أي هفوة تؤدي إلى اندلاع شرارة الحرب، بانتظار التطورات في الداخل الإيراني، وذلك تماشياً مع الإرشادات والتوصيات الأميركية الصارمة. والأخبار الواردة من إسرائيل باتت تفيد اليوم بأن شبح الضربة العسكرية على إيران قد همد واستكان على أقله في المرحلة القائمة.
 إنما الأمر فهو مختلف اليوم بالنسبة لإيران. فإيران بدأت تراهن على التداعيات السياسية على ساحتها الداخلية لأي نزاع عسكري مع إسرائيل.

 فالحرب باتت بالنسبة للمحافظين بقيادة الولي الفقيه بمثابة المنفذ الوحيد لهم، كونها الوحيدة القادرة على نشلهم من آتون الحروب الأهلية الداخلية. وذلك من زاوية قدرتها على تأمين الالتفاف حول النظام المركزي، وحول الرئيس المنتخب لدعمه في مواجهة إسرائيل العدو المشترك لكل التيارات السياسية في إيران مهما اختلفت وتباعدت مواقفها الحالية.
 ولكن هل هذا يعني أن إيران هي بوارد التحرش بإسرائيل أو بالولايات المتحدة لإحداث شرارة الحرب؟ الأمر الأكيد أن خبر خطف بعض الرعايا الأميركيين يصب في هذه الخانة ولكنه ليس سببا كافياً يدفع بإسرائيل إلى أرض المعركة. يبقى التحرش بإسرائيل بالواسطة أو عن طريق أطراف إيران، أو حلفاء إيران في العالمين العربي والغربي.

وفي هذه الخانة يمكن وضع الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية الإيراني  منوشهر متكي، الذي دعا من خلاله الدول العربية والإسلامية لمساندة ومناصرة حزب الله في حربه المقبلة مع إسرائيل. ولكن أين هي هذه الحرب التي يتكلم عنها، والتي لم يرى أحد بعض بوادرها؟ في الحقيقة ليست سوى في مخيلة الوزير الإيراني، وفي أحلام اليقظة عنده، حيث يدغدغ أمل تحول هذا الحلم إلى واقع، ولكن إلى واقع على أرض بعيدة عن إيران. ولما لا تكون الحرب بالإنابة على أرض لبنان وجنوبه على وجه التحديد؟
 أما السؤال فهو اليوم حول مدى استعداد حزب الله للتحول إلى هذه الواسطة، وإلى تحويل لبنان إلى أرض محروقة، وبنيته التحتية إلى ركام، أما وقد هدد بذلك وزير الدفاع الإسرائيلي إيهودا باراك، محملاً الدولة اللبنانية بكاملها مسؤولية أي تحرش يخرج من الأراضي اللبنانية.

 فما المتوقع أن يقوم به حزب الله؟ هل يرضخ لإرادة الولي الفقيه مرجعه الأول والأخير، أم ينظر إلى الداخل اللبناني وينجذب للإغراءت التي تقدم له اليوم على كل مستويات هذا الداخل، فمن تقليص موقع الأكثرية في الحكومة لمصلحته، إلى فرط تكتلات سياسية على شاكلة 14 آذار كان يتوجس منها، وإلى موقف وليد جنبلاط الذي يعمل اليوم بشعار"كرمال عيون تكرم مرجعيون".

وهو مستعد لفلش الورود أمام أقدام حزب الله؟ وهل يخاف من سيف ديمقليس، سيف المحكمة الدولية الذي من الممكن أن يصدر بشكل يشابه تقرير صحيفة دير شبيغل الألمانية؟

في الحقيقة كل ما يجري حاليا على الساحة اللبنانية يمكن تفسيره من هذا المنطلق، من ناحية أنه يصب في خانة استيعاب حزب الله لبنانيا لدعمه حتى يتمكن من الصمود بوجه الضغوط الإيرانية التي تدفع به بالاتجاه المعاكس.

 أما الرئيس المكلف سعد الحريري، فلقد آثر إستراتيجية الخروج من الساحة، على أمل جلاء المشهد السياسي لبنانياً وإيرانياً، وأن تستقر التجاذبات الداخلية على صيغة جديدة للحكومة، بعد أن نسفت صيغة 15-10-5، حتى يتمكن من تشكيل حكومته العتيدة.
                                                

            
 

كاتبة وباحثة سياسية لبنانية
(101)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي