أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"أوركسترا أورنينا".. مشروع فني يستلهم التراث الموسيقي السوري في ألمانيا

تقديم التراث الموسيقي السوري والعربي عامة، بتوزيع موسيقي خاص

من الاسم الأسطوري لأقدم مغنية معروفة في التاريخ كانت تصدح بصوتها في جنبات معبد "عشتار" بمملكة أوغاريت على الساحل السوري، اختار المؤلف الموسيقي "شفيع بدر الدين" اسم أوركسترا "أورنينا" التي تتوجه إلى تقديم التراث الموسيقي السوري والعربي عامة، بتوزيع موسيقي خاص، وتستعد لتقديم حفل على مسرح فيلهارموني برلين وهو الحفل الثاني لها في هذه القاعة التي اكتسبت طوال العقود الماضية أهمية خاصة على الساحة الموسيقية العالمية.

وينحدر الفنان السوري "شفيع بدر الدين" من قرية "شقا" بريف السويداء، تخرج من المعهد العالي للموسيقى عام 1998 باختصاص عود و"كلارينيت"، ثم تابع دراسته في التأليف الموسيقي عام 2002 في المعهد الوطني لمدينة "ليون"، ودرس قيادة "الأوركسترا" في المعهد الوطني بمدينة "ديجون" في فرنسا، كما عمل قبل ذلك مدرساً في المعهد العالي للموسيقى بدمشق بعد تخرجه وكذلك بعد عودته عام 2007 وكتب العديد من الأعمال، كما أعد عدداً من القطع الموسيقية للآلات الشرقية مع الأوركسترا، وفي نهاية عام 2010 عاد إلى أوروبا -دولة لوكسمبورغ- حيث يقيم حالياً.

ويروى الفنان "بدر الدين" لـ"زمان الوصل" أن فكرة تأسيس أوركسترا "أورنينا" بدأت عام 2016 من خلال جمعية غير ربحية مسجلة في دولة لوكسمبورغ، وهي امتداد لفرقة صغيرة كان قد أسسها عند قدومه للدراسة في فرنسا عام 2002 لكن الظرف الحالي والرغبة بخلق أوركسترا ذات هيئة رسمية والقيام بعمل مؤسساتي جعله يتجه لإنشاء أورنينا بشكل محترف شكلاً ومضموناً، واستدرك الموسيقي السوري أن الحرب البشعة على الشعب السوري أدت إلى جروح عميقة في الهوية السورية. فكان لا بد له ولغيره من الفنانين والمثقفين عموماً-كما يقول- التحرك للعب الدور المنوط بهم ، إذ إن الثقافة والفنون هي روح الشعوب وشبكة علاقاتها الوجدانية.

مع تصاعد الحديث عن تقسيم سوريا لأعلى مستوياته 2016 قدمت أوركسترا أورنينا العديد من الأغاني الشعبية من كل المناطق السورية مستحضرة لهجاتها المتنوعة التي تعكس فسيفساء المجتمع السوري ومن ضمنها عمل موسيقي بعنوان "المتتالية الشعبية السورية" وهو عبارة عن عدد من الأغاني الشعبية التي تعكس فسيفساء المجتمع السوري.

ولفت محدثنا إلى أن وجود الكثير من الموسيقيين والمغنيين السوريين الذين خرجوا عنوة من البلد ساعد في تشكيل الفرقة٬ ولكن ذلك لم يكن بالاختيار السهل نظراً لأن أعضاء الفرقة منتشرون في كل الدول الأوروبية وحتى خارجها مما شكل عبئاً تنظيمياً ولوجستياً على مشروع الأوركسترا، ونوّه المصدر إلى أن فرقته تعتمد مبدأ التشاركية في عملها بحيث تقدم الأعمال الموسيقية بمشاركة عازفين غربيين من البلدان التي تستضيف عروضها أينما حلت.

وأوركسترا أورنينا -كما يوحي اسمها- ليست فرقة للموسيقا الكلاسيكية، بل -كما يوضح مؤسسها- فرقة تقدم الموسيقى العربية عموماً والسورية على وجه الخصوص، وتتعامل مع هذه المواد الموسيقية بشكل مختلف عن المألوف، مضيفاً أن "الأوركسترا هي دمج ما بين الأوركسترا الغربية وإن بشكل مصغر وبين التخت الشرقي التقليدي. وهذا من شأنه منح أفق واسع للتلوين الصوتي لهذه الأعمال. مع الحذر طبعاً لعدم المساس أو تشويه المادة الأصلية".

وحول فريق "أورنينا" أشار محدثنا إلى أن أغلبهم من السوريين المتواجدين حالياً في أوروبا وهم من الموسيقيين المتميزين والمغنيين اللامعين والذين كان لهم دور أساسي في الثقافة السورية فلدى الفرقة المغنية "لبانة القنطار" و"رشا رزق" بالإضافة للمغنيين "شادي علي" و"علي أسعد" ومن المزمع أن يكون ضمن الفريق في حفله القادم المغني المعروف "أبو غابي".

واستدرك بدر الدين بأن الموسيقيين السوريين عموماً لازالوا من أنشط الفئات في الحفاظ على المسألة السورية حاضرة شعبياً على الأقل، وهذا من خلال الأنشطة التي يقدمونها باسم سوريا والثقافة السورية، وبالطبع هذا رغم الظروف القاسية التي لا تساعدهم على الكثافة في الإنتاج.

وتتأهب "أورنينا" لتقديم حفل على مسرح "فيلهارموني برلين" خلال الأيام القادمة سيضم العديد من الأعمال الجديدة التي عمل الموسيقي "بدر الدين" على كتابتها وسيتناول فيها -التراث الشعبي السوري مرة أُخرى في متتالية موسيقية، لكن هذه المرة سيتوجه أكثر إلى أغاني الأعراس ورقصات الدبكة٬ هذه الرقصة التي لا توجد إلا في شرق المتوسط.

وأبان مؤسس "أورنينا" أن مرد هذه الأعمال طقس مقدس قديم مارسه سكان الحضارة القديمة في ما بين النهرين وشرق المتوسط، ولهذا سيعرج في هذه المتتالية على فلسطين ولبنان والعراق لتكون تحية من السوريين لشعوبهم. وسيتم تقديم بعض الأعمال التي سبق للفرقة أن قدمتها مثل "متتالية الربيع" وهي عمل فني يطوف على الموسيقا العربية متتبعاً حركة الربيع العربي.

واستدرك محدثنا أن الفنون بحاجة لمؤسسات داعمة مؤمنة بأهميتها، وإن كان هناك من قصور فمردّه لغياب أي مؤسسة سورية تُعنى بهذا الشأن وتُدرك أهميته.

وأردف أن "الفنون عموماً هي درع في وجه الاستبداد، -أي استبداد إن كان حكومياً أو عرقياً أو دينياً- كما أن الفنون لا تتألق أو تنمو إلا في أجواء حرة ومنفتحة من هنا نلمس مدى ارتباطها بحركة الشعوب وطموحاتها إلى التحرر.

وكشف بدر الدين أن لدى "أوركسترا أورنينا" مشروعا فنيا مهما سيتم الإعلان عنه قريباً وسيكون من أهم وأكبر الأعمال الفنية منذ عقود.

وتابع أن أي عمل فني في أوروبا يحتاج إلى تحضير مسبق وعلى أي فنان أن يستبق الوقت بسنوات أحياناً ليتسنى له إيجاد مستلزمات تحقيق مشروعه الفني.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(707)    هل أعجبتك المقالة (619)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي