أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رُفِعَت الْجَلْسَة ... عمر حكمت الخولي

-
أَخَذَتْ بِيَرَاعِي وَانْتَظَرَتْ
تِلْكَ الأَحْلامُ مُعَاتَبَتِي
وَالْوَقْتُ هُنَالِكَ مَرْقُوْمُ!
أَأَقُوْلُ لَهَا وَالْعُمْرُ قَضَى
أَنِّي مَنْسِيٌّ مَحْرُوْمُ؟
لا الشَّوْقُ يُسَامِرُ أَبْخِرَتِي
لا الدَّمْعُ يُنَظِّفُ أَوْرِدَتِي
يَا حُلْمَ الطِّفْلِ بِذَاكِرَتِي
إِنِّي لِفُرَاقِكَ مَظْلُوْمُ!
أَبْكِي.. وَالْكُلُّ يُصَاحِبُنِي ضَحِكَاً
فَعَرفْتُ أَخِيْرَاً
أَنَّ الْعِشْقَ مُغَامَرَةٌ
اَلدَّاخِلُ فِيْهَا مُنْهَزِمٌ
وَالْخَارِجُ مِنْهَا مَهْزُوْمُ!


2-
وَتَلَوْتُ مَزَامِيْرَ الْعُشَّاقِ وَرُحْتُ أُرَتِّلُ تَجْرِبَتِي:
كَلَفٌ، وَطَنٌ، ذَهَبٌ، وَهُدَى
وَاللهُ يُنَادِيْنِي أَبَدَا:
"يَا طِفْلُ تَرَيَّثْ فَالدُّنْيَا
زَمَنٌ مَقْضِيٌّ في لُغَتِي"!
مَا ذَنْبِي؟ إِنَّكَ خَالِقُنَا
فَامْسِكْ بِزِمَامِ الذَّاكِرَةِ
فَلُعِنْتُ، وَمَا زَالَتْ كُتُبِي
تَرْوِي اللَّعَنَاتِ لأُمَّتِنَا
تَرْوِي لَعَنَاتِ مُغَامَرَتِي!

3-
ذَنْبِي أَنِّي زَاوَلْتُ الْعِشْقَ مُجَاهَرَةً
أَنِّي قَدْ بُحْتُ بِأَسْرَارِي
بِعَقِيْدَةِ حُبٍّ أَتْبَعُهَا
بِالشَّوْقِ وَثَوْرَةِ أَفْكَارِي!
صَرَّحْتُ بِأَنِّي صُوْفِيٌّ
لا أَعْرِفُ زُهْدَاً أَوْ تَرَفَاً
لا أَلْبَسُ صُوْفَاً أَوْ قُطْنَاً
لا أَحْمِلُ صَخْرَاً أَوْ ذَهَبَاً
مَدَدٌ يَا خَالِقَ أَشْعَارِي!
مَدَدٌ يَا عَازِفَ أَوْتَارِي
مَدَدٌ تَتَقَدَّسُ في كُتُبِي
يَا وَاضِعَ سِرٍّ لا يَفْنَى
في مُحْيِي الدَّيْنِ بْنِ الْعَرَبِي!
ذَنْبِي أنِّي أَعْتَقْتُ شَرِيْعَتَنَا
مِنْ قَيْدِ الْخَوْفِ، وَنِيْرَانِ
أنِّي قَدْ صِحْتُ بِجِيْرَانِي:
"اَلْعِشْقُ أَنَا"
فَصُلِبْتُ كَحَلاَّجٍ ثَانِ!

4-
إِنِّي في آخِرِ مَأْسَاةٍ قَدْ زَارَتْنِي
أَدْرَكْتُ عَلاقَةَ مَوْطِنِنَا
بِشُجُوْنٍ تَسْكُنُ قَافِيَتِي
وَعَلاقَةَ أَشْعَارِي بِدَمِي الْمُنْسَابِ عَلَى كَفِّي وَعَلَى الْجُدْرَانِ لِمَدْرَسَتِي!
وَعَلِمْتُ بِأَنَّ طَبَاشِيْرَ الْعُشَّاقِ تُلَوِّنُ غَبْرَةَ أَرْصِفَتِي
كَيْ تَلْعَبَ طِفْلَةُ جَارَتِنَا بِالْحَبْلِ مَعَ الصِّبْيَانِ
فَنَنْسَى الْخَوْفَ إِذَا لَعِبَتْ..
وَهُنَاكَ تَهُبُّ الرِّيْحُ لِتَعْصِفَ بِالأَلْوَانِ
وَيَرْوِي الْغَيْثُ أَزَاهِيْرَ الْجِيْرَانِ
وَتَأْتِي الشَّمْسُ بِلا صِفَةِ
كَسَدِيْمِ الْكَوْنِ تُظَلِّلُنَا
وَاللَّيْلُ يُنِيْرُ مُحَاكَمَتِي!
اَلْجَلْسَةُ قَدْ بَدَأَتْ
وَالْقَاضِي يَطْلُبُ أَجْوِبَتِي:
"أَسَأَلْتَ اللهَ عَنِ الدُّنْيَا؟
أَدَخَلْتَ سَرَادِيْبَ النِّسْيَانِ وَقُلْتَ بِأَنَّكَ تَذْكُرُهَا؟
أَفَتَحْتَ خَزَائِنَ حِكْمَتِنَا بِالشِّعْرِ لِتَسْرِقَ أَسْئِلَةً
مَا كَانَ الْكَوْنُ يُبَاحِثُهَا؟"
فَأَجَبْتُ: نَعَمْ...
اَلْجَلْسَةُ قَدْ رُفِعَتْ
وَسُجِنْتُ، وَمَا زَالَ الإِنْسَانُ يُشَاهِدُنِي
في الأُفْقِ، وَكَمْ أَتَجَرَّعُ أَسْئِلَتِي!
وَحِبَالُ ألَمْ
تَلْتَفُّ عَلَى قَلَمِي.. تَلْتَفُّ عَلَى بَدَنِي
وَصُلِبْتُ قُبَيْلَ نِهَايَةِ مَحْكَمَتِي!


7 تشرين الأول 2008م
من ديوان: عندما زرتُ القدر

شاعر سوري
(115)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي