أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دعوة سولانا الاعتراف بالدولة الفلسطينية فرصة أخرى ضائعة ... رشيد شاهين

دعا خافيير سولانا منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي مجلس الأمن الدولي قبل حوالي أسبوعين في محاضرة له ألقاها بالعاصمة البريطانية لندن إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى لو لم تتمكن الأطراف المعنية- إسرائيل وفلسطين- من التوصل إلى اتفاق سلام فيما بينهم.

هذه الدعوة تصدر برغم علم السيد سولانا بان المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية متوقفة بسبب التعنت الإسرائيلي والممارسات التي تقوم بها قوات وسلطات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة وهي الممارسات التي باتت معروفة، مستوطنات، اجتياحات، اعتقالات، مصادرة أراضي، تهويد القدس، الجدار إلى آخر الممارسات التي هي في مجملها تتناقض وابسط الحقوق الإنسانية كما انها تتعارض بشكل صارخ مع القوانين والشرائع الدولية.

قبل خمس سنوات كان قد صدر قرار عن محكمة العدل الدولية في لاهاي يؤكد على أن جدار الفصل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه على الأراضي الفلسطينية بحجج مختلفة يعتبر أن الجدار غير شرعي وانه لا بد من إزالته والتعويض على من تضرر بسببه هذا عدا عن دحض الذرائع الإسرائيلية القائلة بان الجدار يبنى لأسباب أمنية حيث أشار القرار إلى أن هذه الذرائع لا تعطي الحق لدولة الاحتلال ببنائه.

بعد صدور القرار أعلاه كانت هناك دعوات عديدة من اجل تفعيله وأخذه إذا دعت الضرورة - وهي تدعو- إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن أحدا لم يستجب إلى مثل هذه الدعوات، ونعني هنا بشكل خاص الجهة المعنية بشكل أساسي أي السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير إلا أن الموضوع لاقى - أذن من طين وأخرى من عجين- كما يقول المثل، وظل القرار بدون استثمار وكان شيئا لم يكن، - ليتخيل أحدكم لو أن قرارا مماثلا صدر في صالح دولة الاحتلال وكيف ستتصرف وتقاتل من اجل تفعيله.

مناسبة استرجاع هذا الصدى إذا جاز التعبير هي الدعوة التي نادى بها سولانا من لندن والتي طالب فيها مجلس الأمن إعلان اعترافه بدولة فلسطينية يعترف بها العالم برغم وجود الاحتلال الإسرائيلي وفي هذه الحالة تصبح أراضي هذه الدولة أراض محتلة على خلفية اعتراف مجلس الأمن ودول العالم وبحسب سولانا فانه لا بد من إعطاء المفاوضات سقف زمني بحيث يتم الاعتراف بالدولة فيما لو لم تتوصل الأطراف إلى حل خلال تلك الفترة وهو أكد على ضرورة ان يشمل قرار مجلس الأمن ترسيم الحدود وقضية اللاجئين، والسيادة، والقدس وغير ذلك، دعوة سولانا هذه لم تجد أي صدى لدى مسؤولي السلطة وكان الرجل تحدث عن قضية في قارة مختلفة وان الأمر لا يعني السلطة أو المنظمة على الإطلاق - واضح ان مؤتمر فتح والخلافات والصراعات الداخلية وما أثاره السيد أبو اللطف شغل العقول أكثر من أي شيء آخر-.

واقع الحال يقول ان دولة الاحتلال ومنذ ان قامت اغتصابا على الأرض الفلسطينية لم تحدد حدودها وبالتالي فان مثل هذه الدعوة إنما تقوم بتحديد ولو نظري أو قسري لدولة الاحتلال كما انها تقر بوجود دولة فلسطينية وهذا ما جرى من خلال قرار التقسيم الذي لم يطبق منه سوى الجزء المتعلق بإقامة إسرائيل وهو الجزء الذي اعترف به العالم من خلال قرار التقسيم لعام 1947، بمعنى ان حدود إسرائيل وكما جاء في قرار التقسيم هي تلك المشمولة بالقرار فقط. كذلك فان دولة الاحتلال تتعامل مع الأراضي الفلسطينية المحتلة كجزء من دولة إسرائيل وانها قامت بتحريرها في حربها العدوانية عام 1967 وانها إنما استعادت هذا الجزء من أراضي إسرائيل التاريخية.

واقع الحال يقول أيضا ان السيد سولانا "لا يهرف بما لا يعرف" كما يفعل الكثير من ساسة امة العربان، فهو يقرأ الواقع بشكل صحيح كما انه مدرك تماما لكل هذه التحولات الجارية في العالم، حيث يرى تحولا ولو - لفظيا- من قبل الإدارة الأمريكية وهو بالتالي يريد من خلال مثل هذه الدعوة تقوية الموقف الأمريكي الذي قد يواجه تعنتا إسرائيليا أو معارضة من قبل اللوبي الصهيوني في أميركا - برغم وجود توجهات في الكونغرس الأمريكي حتى من قبل الأعضاء المعروفين بتأييدهم لإسرائيل لتأييد اوباما- ولا بد هنا من الإشارة إلى ان أغلبية اليهود في الولايات المتحدة كانوا قد صوتوا للرجل كما ان نسبة كبيرة منهم ضد الاستيطان ليس حبا بالفلسطينيين وإنما حفاظا على دولة إسرائيل ويهوديتها، وبما ان الأمور تأخذ أحيانا بظواهرها فان من الواضح ان هنالك توجهات لدى إدارة اوباما من اجل إقامة دولة فلسطينية لان مثل هذه الدولة هي في مصلحة أميركا كما جاء على لسان اوباما نفسه في القاهرة.

من الواضح كذلك بان هنالك تعاطفا يتعاظم مع القضية الفلسطينية بغض النظر عن موضوعة الانقسام الفلسطيني وبالتالي فان السيد سولانا مدرك لهذه التغيرات ومن هنا فانه قد يكون من بين الساسة الغربيين القلائل الذين دعوا بجرأة إلى مثل هذا الحل إلا ان السؤال هو لماذا لا يتم استثمار مثل هذه الدعوة؟ ولماذا لا يتم إثارتها مع كل الزائرين لمناطق السلطة؟ ثم لماذا لا تتم دعوة السيد سولانا من اجل الإطلاع على كل ما لديه من تفاصيل وبالتالي اخذ هذه الأفكار بعد صياغتها وبلورتها بشكلها النهائي إلى مجلس الأمن؟ ذلك حتى لا تذهب هذه الدعوة وتبقى حبيسة راس السيد سولانا مثل ما كان مصير القرار المتعلق بجدار الفصل العنصري بدون تفعيل.

29 تموز 2009

(120)    هل أعجبتك المقالة (97)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي