أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قرارات حماس "الطالبانية" ومنع السفر لأعضاء مؤتمر فتح... رشيد شاهين

من الواضح أن حكومة حركة حماس في قطاع غزة تتصرف بشكل لا يمكن فهمه إلا على أساس انها باقية في غزة كحكومة أبدية، وان حالة الانقسام سوف تظل راسخة إلى الأبد، وهي - حالة الانقسام- على أي حال لا زالت في ظل كل هذا التأجيل وتعطيل الوصول إلى مصالحة تنهي هذا الوضع الشاذ بعيدة المنال وكل ما يقال عن الحوارات التي تجري في مصر ليس سوى ضحك على ذقون الشعب الفلسطيني الذي من الواضح انه وصل إلى قناعة بان لا نوايا صادقة لدى أي من طرفي النزاع من اجل إعادة اللحمة أو الوحدة إلى ما كانت عليه قبل استيلاء حماس على الأوضاع في القطاع.

كان آخر ما صدر عن حكومة حماس تلك القرارات التي تتعلق بالآداب والأخلاق في قطاع غزة، هذه القرارات التي كما جاء في تصريحات أكثر من مسؤول حمساوي تأتي من اجل تعميم ثقافة الفضيلة ومحاربة الفساد والحفاظ على الآداب العامة.

طبعا هذا كلام جميل وشعارات أيضا راقية ومحببة ومرغوبة وتدغدغ مشاعر الناس، ولا احد ضد الفضيلة والآداب، لكننا نعتقد بان هذه القرارات عندما يتم سنها من قبل الحكومة - مطلق حكومة- فهي إنما تعتبر تدخلا سافرا في خصوصيات الأفراد، ونحن نعلم بان الحلال بين والحرام بين والكل يدرك ذلك، لكن من غير المنطق وغير المفهوم أن يتم فرض أنظمة وقوانين تتدخل في خصوصيات الناس وتمنعهم من ممارسة حقوقهم البسيطة التي هي ابسط الحقوق.

إن مثل هذه القرارات تذكرنا بما كانت تقرره حركة طالبان في أفغانستان التي أوصلت البلد إلى هذا الدرك الأسفل من التخلف، كما انها تشي وكأن الأوضاع الاجتماعية في قطاع غزة تسير نحو الهاوية وان القطاع تحول - حاشا لله أن يكون ذلك- إلى ماخور، وبالتالي يجب أن يتم ضبط الأوضاع فيه وإلا فالقادم أعظم.

إننا نستكثر ونستهجن كما ونستغرب أن يتم فرض مثل هذه القوانين المغرقة بالتخلف على أهالي قطاع غزة خاصة وان هناك من قال وأكد من الساسة في حركة حماس على ان الشعب الفلسطيني من أكثر الشعوب العربية والإسلامية محافظة على القيم الأخلاقية والدينية، والسؤال هو إذا كان الأمر كذلك إذن ما هو الدافع لفرض مثل هذه القرارات سوى ان حركة حماس تريد ان تقول بان - الإسلام الحديث- ابتدأ من عندها مثلما قالت دوما ومنذ نشأتها على ان المقاومة والنضال في فلسطين ابتدأ مع انطلاقتها.

لقد قيل الكثير عن - إمارة إسلامية - ترغب حماس في إقامتها في قطاع غزة، وربما كنا ممن لم يتفقوا مع هذا الطرح، إلا ان مثل هذه القرارات لا يصب سوى في هذا الاتجاه خاصة في ظل ما اشرنا إليه من مماطلة وتعطيل لعملية المصالحة وقد كان آخر ما صدر في هذا الإطار- تعطيل المصالحة- هو ما صرح به السيد محمود الزهار فيما يتعلق بمنع أعضاء حركة فتح من مغادرة قطاع غزة للمشاركة في المؤتمر العام لحركة فتح، وربط مغادرتهم أو سفرهم بالإفراج عن أعضاء حركة حماس في سجون الضفة الغربية- منطق غريب ولا يليق بقائد مثل الزهار أو بحركة حماس.

ان مثل هذا القرار لا يمكن ان يصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن النظر إليه إلا على أساس انه سكين آخر يتم توجيهه إلى عملية المصالحة ويزيد من الشقاق والعداوة والحقد والكراهية التي يمعن البعض في تأجيجها.

ان اتخاذ مثل هذه القرارات لا يبتعد كثيرا عن قرارات منع السفر التي تمارسها دولة الاحتلال أو الأنظمة العربية بحق المناضلين، وآلا ما معنى ان تقوم الدنيا ولا تقعد إذا ما قامت دولة مثل مصر أو سواها - برغم ما لنا من تحفظات على كل ما تقوم به مصر الدولة- بمنع سفر هذا أو منع دخول ذاك، وماذا يمكن القول لدولة الاحتلال إذا ما منعت الناس أفرادا وجماعات من السفر كيف يمكن إدانة هكذا ممارسة من قبل إسرائيل بينما يمارس الأشقاء ذات الممارسة ضد بعضهم البعض.

ما تقوم به حماس في قطاع غزة تحت حجج حماية الآداب والأخلاق ومنع ما يثير الشهوات- غريب هذا الأمر، هل وجود مانيكان في واجهة محل ألبسة يثير الشهوة، هذا شذوذ ولا ادري كيف خطر على بال من خطر على باله مثل هذا الأمر- لا يمكن ان يفهم إلا على أساس انه محاولة أخرى لتكميم الأفواه وتحديد ومنع الحريات وتدخل سافر في الحريات الشخصية هذا بالإضافة إلى انه مخالف للقانون ولا يمكن فرض قوانين في قطاع غزة بينما يتم تطبيق قوانين أخرى في الضفة الغربية، ومن هنا فالأولى بالحكومة المقالة ان تنتبه إلى أمور أخرى أكثر حيوية وفائدة للقضية من منع الاختلاط في المدارس ولبس الجلباب ومنع السفر والسفور.

26 تموز 2009

(101)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي