· من كثرة ما منحه النظام من استثمارات واستثناءات صار اسمه مرادفا لرامي مخلوف وصدق الناس أنه زوج أخت أسماء
ليس في سيرة "طريف قوطرش" –ظاهريا- ما يلفت الانتباه، فالرجل المولود في دمشق سنة 1963 ليس سوى رياضي سابق، استعان به النظام ليكمل به ديكور مجلس الشعب، فعينه خريف عام 2015 في المجلس بموجب مرسوم سمى 9 أشخاص آخرين من أجل "ملء الشواغر" في المجلس، ثم ما لبث أن "فاز" "قوطرش" وللمفارقة بـ"انتخابات" المجلس ربيع 2016، فتحول إلى ما يمكن أن نسميه "سوبر عضو" كونه صار تحت القبة بفرمان أسدي زكته "صناديق الاقتراع" بعد أشهر.
وعندما سمي "قوطرش" لعضوية وفد النظام في اللجنة الدستورية، ظن كثير من السوريين وهم يستعرضون اسمه ضمن الأسماء الخمسين المشكلة للوفد أن من كان يتلاعب بكرة السلة في الملاعب قبل أسابيع، لم يعد أكثر من "كرة" يقذفها النظام كما يريد، أسوة ببقية أعضاء الوفد، ولهذا لم تُسلط على "قوطرش" الأضواء، ولا فتش أحد عن خفايا حكاية ضمه إلى وفد "الدستورية".
وكما قلنا، فإن حكاية "طريف عبد المجيد قوطرش" كفرد ليس فيها ما يثير ولا ما يستحق البحث، أما كعضو في عائلة أوسع، فإن لـ"قوطرش" ارتباطا وثيقا بواحد من أكبر حيتان المال والأعمال، وأعتى شبيحة النظام الطائفيين القادمين من خلف الحدود، الذين وضعوا مشروعاتهم واستثماراتهم في خدمة الأسد مباشرة.. "عبد الحميد دشتي" الكويتي الشيعي الذي اشتهر في أوساط السوريين بأنه "عديل بشار"، أي زوج أخت أسماء الأسد، كما يشاع.. وهذا ما ستكشف "زمان الوصل" عن مدى صحته للمرة الأولى، وبالمعلومات القاطعة.
*ليست زوجته ولا هو جوازه
كلمة السر في علاقة "طريف عبد المجيد قوطرش" بعبد الحميد دشتي، هي "هالا عبد المجيد قوطرش" المتزوجة من عبد الحميد دشتي!
وإذا نظرنا إلى اسم والد كل من "طريف" و"هالا"، لم يعد لدينا حاجة لاكتشاف صلة القرابة التي تربطهما، وبالتالي القرابة التي تربط "الكابتن طريف" بعبد الحميد دشتي، الذي فتح له بشار الأسد أبواب "الاستثمار" في سوريا على مصراعيها، ومنحه ما لم يمنح أي رجل أعمال غير سوري، حتى صار اسم "دشتي" مساويا لاسم رامي مخلوف، وبات كثير من السوريين على قناعة بوجود شيء مخفي وكبير بين بشار الأسد و"دشتي"، ومن هنا صدق الكثيرون رواية أنه "عديل بشار" عندما راجت، كما صدقوا وتناقلوا صور جواز سفر سوري منسوب لـ"دشتي".
وكما نؤكد هنا أن "عبد الحميد دشتي" ليس "عديل بشار" ولا زوج أخت أسماء الأسد، بل هو زوج "هالا عبد المجيد قوطرش"، التي تتسنم مواقع قيادية في مشروعات وشركات زوجها المتعددة، فإننا نؤكد أيضا بطلان صورة الجواز السوري المنسوب إلى "دشتي"، فهو ليس أكثر من جواز مزيف روجت لصوره جهة غير معروفة، ربما تكون مخابرات الأسد، جريا على عادة النظام في تسويق أخبار وصور مكذوبة، لتتلقفها بعض الجهات وتتبناها كحقائق، ثم يأتي دور النظام لنسف كل ذلك، من أجل أن يعزز "مصداقيته" وهو الكذوب ويضرب مصداقية غيره.
فالجواز السوري الذي يظن الكثيرون أنه فعلا جواز "دشتي"، ما هو إلا وثيقة مزورة، بدليل أن اسم أم "عبد الحميد دشتي" فيه هو "آية"، و"آية" ليس اسم أمه إطلاقا، بل هو اسم ابنته من زوجته "هالا قوطرش".. ونحن هنا ننوه بـ"آية دشتي" لأن في قصتها، كما في قصة "طريف" و"هالا قوطرش" ما يكثف سيرة ومسيرة مفارقات صارخة عرفتها سوريا مذ عرفت "حزب البعث".
فـ"آية" التي ولدت لأبويها عبدالحميد وهالا، مطلع تسعينات القرن الماضي، درست –حسب معلوماتنا الأكيدة- في المدرسة الأمريكية بـ"أبو رمانة" في دمشق، التي تعرف أحيانا باسم "Damascus Community School"، وهي مدرسة أنشأتها وزارة الخارجية الأمريكية في سبيل "نشر وتعميم الثقافة الأمريكية" في سوريا، ومحاولة انتشالها من الانزلاق إلى "معسكر الشيوعية".
وقد جاء انطلاق المدرسة في خمسينات القرن الماضي، ليحمل للسوريين واحدة من التناقضات الفاقعة التي يعيشون على وقعها، منذ أن استولى "البعث" على السلطة، ألا وهي شتم الأمريكان بوصفهم رمز الإمبريالية نهارا، والتزلف لهم والنوم في حضنهم ليلا.
يومها، لعب "صلاح الدين البيطار" أحد آباء "البعث" دورا محوريا في تأسيس وانطلاق المدرسة الأمريكية واستخدم سلطته لفرضها على البلاد، فاستقرت المدرسة في أعرق أحياء العاصمة، لتمارس منذ ذلك الحين دورها في "نشر الثقافة الأمريكية"، والغربية عموما.
ويقال إن "عيد الحب" أو "القديس فلانتانين"، لم يكن معروفا في سوريا، حتى تولت "المدرسة الأمريكية" إدخاله إلى البلاد، مثلما أدخلت "أعيادا" و"مناسبات" أخرى لم تكن يوما ضمن ثقافة السوريين ولا حياتهم.
*غضبة أسدية
وهنا نعود إلى "آية" لنوضح أن أبوها "دشتي" حامل لواء المقاومة والممانعة في شقها الإيراني الأسدي، جسّد بإبقاء ابنته في المدرسة الأمريكية بدمشق 12 عاما، الحالة الحقيقية لهذا المحور، الذي لافضل فيه لبعثي قومجي "سني" كصلاح البيطار، على "شيعي" تابع بالكلية لولاية الفقيه في طهران.. فكلاهما رضع من لبن واحد، حتى وإن بدا أن الأم التي أرضعت لبن "البعث" مختلفة عن تلك التي أرضعت لبن "ولاية الفقيه".
هذا من حيث "الانتماء"، أما إن عنّ لأحد أن يسأل عن رسوم المدرسة الأمريكية، فسيذهل أنها قد تصل إلى حدود 17 ألف دولار سنويا للطالب الواحد، ولنا أن نتخيل ضخامة هذا المبلغ، حتى عندما كان الدولار الواحد أقل من 50 ليرة.
مفارقة أخرى في سيرة "آية" التي تتشارك مع أختها "شهد" وأمهما "هالا" في قيادة إمبراطورية "دشتي" من الشركات في سوريا.. المفارقة تقول إن "آية" أنهت تعليمها في المدرسة الأمريكية، في نفس السنة التي شن فيها "الإمبرياليون عدوانا غاشما" على سوريا، وغضب يومها بشار غضبة لم يغضب من قبل مثلها على واشنطن لا هو ولا أبوه، فأمر بإغلاق المدرسة (لكن أعاد فتحها لاحقا).
يومها روج النظام إن إغلاق المدرسة جاء ردا على "عدوان أمريكي" على منطقة البوكمال، تمثل في غارة وإنزال جوي، أودى بحياة "8 مدنيين"، حسب رواية النظام، وقد استغرب كثيرون من رد فعل بشار على واشنطن حينها، وهو الذي لم يكترث ولا أبوه بحوادث "اعتداء على السيادة السورية" كثيرة مرا عليها وكأنها لم تكن، وهذا ما جعل هؤلاء يشككون برواية النظام للحادثة بل وحتى بحديثه عن "المدنيين"، وهو الذي لم يقم يوما وزنا لـلمدنيين السوريين، وقد عزز ذلك أن كثيرا من التفاصيل الحقيقية للعملية الأمريكية ما تزال طي الكتمان.

وعلى أي حال فقد أحسن بشار يومها الاستثمار في ملف عملية "البوكمال" وإغلاق المدرسة الأمريكية، حيث استفاد من تدفق المسؤولين الأمريكان على قصره لمدة سنتين، ليبحثوا معه إمكانية إعادة افتتاح المدرسة، حتى وافق بعد جملة من المقايضات.
ومن اللافت لمن يستعرض الأحداث وترابطها وتسلسلها، أن يتزامن إعادة افتتاح المدرسة الأمريكية بدمشق، مع تعيين "روبرت فورد" سفيرا لواشنطن لدى النظام، بعد نحو 5 سنوات من شغور المنصب وعدم وجود سفير أمريكي في دمشق.. ولـ"روبرت فورد" سجل لايمكن لأهالي الضحايا السوريين أن ينسوه.
ودق أصر النظام على وصف "فورد" بـ"عراب الثورة السورية" بينما كان في الواقع "غرابها"، فقد أدى هذا السفير دورا أقل ما يقال عنه أنه "خبيث" عبر تلاعبه بالتصريحات وإغداق الوعود الكاذبة عن أن واشنطن جادة في الإطاحة ببشار ومصممة على منعه من تكرار مجازر أبيه.. ولكن ما حدث هو العكس تماما، ولسنا هنا بموقع التفصيل في أمر كشفته السنوات الماضية وأخرجته من منطقة الشك إلى حيز اليقين.
*يوشي
ومرة أخرى نعود إلى "آية دشتي" لنجد أن أبويها أطلقا -من ضمن ما أطلقا من مشروعات وشركات- "مجموعة يوشي" على اسم الدلع لابنتهما "آية"، التي مالبثت أن غادرت المدرسة الأمريكية بدمشق لتيمم شطرها نحو "لندن" في سبيل دراسة التصميم والموضة.
وعندما اندلعت الثورة التي عاداها والدها "عبد الحميد"، كانت "آية" في عاصمة الضباب، التي خرج من ذات ضبابها يوم الوريث بشار الأسد، ولا يستبعد أن "آية" حظيت خلال وجودها للدراسة بلندن برعاية "أنكل فواز الأخرس" و"طنط سحر العطري"، كما حظي بشار يوما برعايتهما وهو "يدرس"! طب العيون.
وفي محلات "يوشي" التي تحجز مساحة واسعة من فندق "فورسيزون" الفاره وسط دمشق، تبيع "هالا قوطرش" وزوجها عبد الحميد وابنتهما كل ما يخطر على بال من السلع المترفة التي لايقدر على ثمنها سوى أصحاب الكروش والعروش، بدءا من آخر صيحات الموضة في الملابس والأحذية وانتهاء بالمجوهرات، وكثيرا ما استطاع "مواطنون" عاديون التقاط صور من واجهة تلك المحلات، توضح إلى أي مدى بلغ فحش الأسعار، التي يمكن أن تصل إلى مئات آلاف الليرات مقابل بدلة أو حذاء.
وإلى جانب ذلك، حجزت عائلة "دشتي" مقهى بنفس الاسم (يوشي)، حتى ليخيل للمتجول في "فورسيزون" أنه مملوك لـ"دشتي"، والحقيقة أن حضور "دشتي" في "فورسيزون" يلخص حضوره في سوريا كلها، وابتلاعه لكثير من الشركات والمشروعات، وسيطرته مع زوجته وبنتيه على كثير من مفاصل الاستثمار، وهو الرجل الذي صرح قبل عدة أشهر: "لا تسامحوني إذ لم أستثمر ملياري دولار في سوريا"... تصريح يأتي بعد سنوات من الحديث عن ملاحقته من دولته "الكويت" وحتى السعودية والبحرين، وبعد سنوات من ادعاء تعرضه وتعرض نظام الأسد للعقوبات والمضايقات الغربية والعربية.
ربما يكون تصريح "دشتي" بعزمه ضخ ملياري دولار في شرايين النظام من باب التهويل، لكن المطلع على حال استثماراته الأخطبوطية، يدرك أن الرجل قادر على ضخ مثل هذا المبلغ لو أراد، فهو يسيطر وعائلته (زوجته وابنته) على أكبر شركة تأمين خاص في سوريا (شركة العقيلة)، والتي يرأسها حاليا شخص من حمص يدعى "بديع الدروبي" له تاريخ عريض من رئاسة الشركات التجارية، وهو –وللصدفة!- عضو في مجلس الشعب الحالي مع "طريف قوطرش".

وإلى جانب "مجموعة يوشي" وشركة "العقيلة"، فإن لدشتي (في سوريا) شركات أخرى منها: المركز العالمي للتجارة، شركة الشهد للاستثمار، فضلا عن "استثماراته" المتشعبة والضخمة، لاسيما في مشروع "إنترادوس" في طرطوس، الذي تردد طويلا أنه "أكبر مشروع سياحي بسوريا".
وقد منح النظام "دشتي" مدخلا لاختراق سوق الطيران المدني بسوريا، حينما سمح له بتأسيس شركة تدعى "لؤلؤة"، لتكون بذلك أول شركة طيران خاصة في البلاد، حتى قبل شركة "رامي مخلوف" المسماة "أجنحة الشام" (تجدر الإشارة إلى أن رامي مخلوف دخل كشريك في شركة لؤلؤة للطيران!).
*جنيف تجمعهم
أخيرا وليس آخرا، تبرز "مجموعة أولاد دشتي" كأهم شركة يمتلكها الرجل الذي حار السوريون في سر علاقته ببشار الأسد، وهذه المجموعة التي تمثلها زوجة دشتي، هالا عبد المجيد قوطرش، هي التي ترعى برنامج "الكابتن" الذي يقدمه طريف عبدالمجيد قوطرش على شاشة النظام، والذي كان وما زال "طريف" يقدمه قبل قدومه إلى جنيف ضمن وفد النظام لـ"الدستورية" وبعد جنيف أيضا.. جنيف التي هي للمناسبة مربط من مرابط خيل "دشتي"، فهو ما يزال يتردد عليها رغم كل مذكرات القبض الصادرة بحقه، والتي عمم بعضها على الشرطة الدولية "إنتربول".
ففي "جنيف" اختار "دشتي" الداعم لأكبر مجرمي العصر (بشار الأسد).. اختار أن يؤسس ما يسمى "المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان"!
إيثار عبد الحق-زمان الوصل-خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية