الفيلم الأميركي كان يتحدث عن البطولات الخارقة لجنود المارينز في جزر جنوب شرق آسيا أثناء الحرب العالمية الثانية.. قناة عربية كانت تعيد بث الفيلم ـ ربما للمرة المائة ـ حتى يتعلم العرب مصير من يتمرد على الفراخ المكنتكة والكولا.. لم أهتم كثيرا بمناظر الدمار والقتل المروعة، وأسرني تماما جمال الطبيعة الخلاب في الخضرة الكثيفة اليانعة وصفاء مياه المحيط كالبلّور.. فوق سحب الدخان المنعقدة أدهشني كثيرا رؤية سرب من عصافير السنونو يحلق عاليا مبتعدا عن مسرح القتال.. هل لذلك علاقة بارتباط رؤية السنونو في الأحلام بالسلام والأمن؟ شخصيا لا أعرف!
يثير الدهشة أن هذا العصفور الوديع لا يرتضي لنفسه الدنيّة ودائما يحلق عاليا، ربما ليحصل بعين الطائر على بانوراما متكاملة للأرض وما يدور فوقها من عبث من يحاربون الارهاب وطواحين الهواء والشياطين التي تتقمّص جذوع الأشجار، وعندما يبتني عشه فانه يختار الأسقف العالية للأبنية القديمة بعيدا عن صخب الشوارع المزدحمة والأحياء السكنية المكدسة بالبشر.. أفتح دائرة معارف بحثا عن معلومات تجيب على سؤال: لماذا يطير السنونو بعيدا عن بنادق المارينز ولم أجد، فقط اكتشفت أن عصفور السنونو هو شعار مدينة حمص السورية.
طار سرب السنونو بعيدا عن القتل والدمار في الفيلم، لكنه ما زال يبحث عن ملجأ آمن من مسرح عمليات المارينز الذي يمتد عبر القارات في واقعنا المعاش، وما من ملاذ يمكنه طلب اللجوء السياسي إليه فما زال المارينز يحاربون لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية حتى لو كان من يحاربونهم لا يملكون حفنة أرز لعشاء الأطفال.. أغمض عينيّ وأستعيد صور العصافير المرتحلة بعيدا، وأتخيل أنني ـ ذات يوم ـ سوف أحلق مثلها هروبا من تعاسة هائلة تترك بصمات جليّة على نفوس المستضعفين نتيجة جور وأنانية زعماء وساسة رؤوسهم محشوّة ببلّورات الملح!
جريدة الوطن العمانية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية