بعض القوى السياسية في منطقتنا قد تكون أنظمة أو أحزاب أو تجمعات أو أفراد تزاود علينا في عروبتها ووطنيتها وتتباكى على الأوطان زاعمة أنه لاهم لديها سوى حريتها ورفاهية الشعب .. في الوقت الذي تمد أيديها إلى الخارج متسولة منه الدعم المادي والمعنوي .
ما نعرفه أن الدول ليست جمعيات خيرية أو جمعيات رفق بالحيوان فكيف بها بالإنسان خاصة إنسان هذه المنطقة التي لم يوفروا شكلا ً من أشكال التنكيل به إلا وجربوه ولم يتبق لديهم سوى الإبادة حتى تكتمل الصورة .
إذا ً هناك ثمن أو بدل يجب أن يقدمه أولئك الذين يحصلون على الدعم الخارجي ماديا كان أم معنويا ً .
هذا البدل إما أن يكون وضع الوطن كله في حضن ذاك الغريب الذي يقدم المساعدة فيستغله ويستثمره لما فيه مصلحته وتحقيق أهدافه الآنية أو البعيدة .
أو أنه يريد من هذه القوى التي يدعمها أن تقف في وجه القوى الوطنية الحقيقية التي ترفض الهيمنة والسيطرة الأجنبية وتقاومها في كافة الظروف وبالتالي فإنه وبخسارة القوى الوطنية للمعركة يحقق ما أراده من أهداف .
بالمقابل فإن القوى الوطنية ستبحث حتما ً عن قوى ودول تقف في وجه ذاك الغريب وترفض سيطرته عليها أو الحاقها به ليصبح من حق القوى الوطنية أن تقبل الدعم من تلك الدول والقوى التي تتشارك الأهداف وتقف معها بوجه العدو المشترك .
نعم إن هؤلاء وهؤلاء يبحثون عن تحقيق مصالحهم ولكن مع اختلاف الأهداف والفارق الكبير بينها ولايمكننا بالتالي أن نساوي بينها .. فمن يعمل على التحرر من السيطرة والهيمنة لا يجوز مساواته مع من يكون تابعا ً وعميلا ً لمن يريد السيطرة على أوطان الآخرين .. وبالتالي فإن الدول التي ترفض الهيمنة الاستعمارية وتقف بوجهها تكون خير داعم وحليف للقوى الوطنية ولايجوز التنكر لهذا الدعم مهما كانت الأسباب والمبررات وإلا فإن من يقف بوجه هذا التحالف يقف آليا ً إلى جانب القوى المستعمرة والمهيمنة .
أقول القوى الوطنية وهي كافة القوى التي تقف بوجه الهيمنة الأمريكية وحليفتها الصهيونية بأي شكل جاء هذا الوقوف ولا عدو لنا في أوطاننا سوى اليهود الصهاينة وكل من يرى امكانية التعايش معهم وكل من يتحالف معهم هو عدونا حتى ولو نطق بلغتنا وزعم الإيمان بما نؤمن .. والمؤمن لايلدغ من الجحر مرتين فكيف بنا بمن لدغ عشرات المرات من نفس الجحر ورغم ذلك نرى من يريدون لنا أن نمد أيدينا لنفس الجحر فهؤلاء إما أن يكونوا مصابين بعقولهم أو انهم قد فقدوا الإحساس والشرف والكرامة وكافة المعايير الإنسانية الأخلاقية .
نحن العرب لانحسن استعمال واستغلال مقومات القوة بسبب أن الأنظمة قد جردت هذه الأمة من مقومات قوتها وتركتها نهبا ً للصهاينة والأمريكيين وكل طامح طامع مقابل أن تبقى هذه الأنظمة حاكمة ولو على بقايا أوطان وبقايا شعوب فالمهم لديها أن تحكم .. ومايزيد من قتامة الصورة هو بعض الأدعياء زاعمي الثقافة الذين يخرجون علينا بتنظيرات وآراء وتحليلات لايقبل بتردادها مسطول من مساطيل الأفيون وبقية لائحة المخدرات هؤلاء الحمقى يريدون في هذا الزمن البشع أن يحرفوا توجهات الأمة ويغيروا في اتجاه البوصلة من حالة العداء للصهاينة مختلقين أعداء آخرين بناء على طلب الصهاينة .. وحقيقة الأمر أن من تعاديه القوى الأمريصهيونية من المنطقي جدا ً أن يكون حليفنا ولا أدري كيف يمكن أن نعادي من تعاديه الصهيونية إلا إذا كنا حلفاء للصهاينة ولا تفسير آخر .
أما الزعم بقدرتنا على معاداة الطرفين فهو زعم تافه يقصد منه استغباء الشارع العربي عموما ً وجعله مكشوفا ً تماما ً أمام الصهاينة لابل أن من يخرج بهذه المزاعم لايمكن أن يوصف إلا بأنه حليف الصهاينة وإن شق الصدور وبح الأصوات متباكيا ً على العروبة . فنحن بحاجة لأي دعم مهما قل شأنه في هذه المواجهة . لقد لاحظنا أن هناك قوى في المنطقة تتهيأ للإنفصال والمساهمة بتشظية هذه الكيانات المتشظية بالأصل تماما ً وفق النمطية الصهيونية تدلي بدلوها في هذا المجال وكأنها خائفة على هذه الأمة وهي في حقيقة الأمر وبسبب تورطها بالتحالف مع الصهاينة باتت تكن أحقاداً لئيمة لهذه الأمة والغريب أن بعض الحمقى من زاعمي الثقافة ينجرون خلف هؤلاء مرددين مايقولون ومشجعين لهم دون أن يدققوا جيدا ً في خلفيات مزاعمهم التي تدل على حقيقتهم وحقيقة ماينفثونه من سموم .
هؤلاء الذين يهيئون أنفسهم للإنفصال عن الوطن الأم سواء في السودان أم في المغرب أم في العراق ليسوا سوى أدوات بيد الصهاينة شاؤوا ذلك أم أبوا وهم الأخطر في هذه المرحلة وكل من يرى أي تبرير فيما يسوقونه من مزاعم ليس أكثر من أحمق مأفون . والغريب أن هناك قنوات تواصل بين هؤلاء على الانترنيت وكيف يقولون للقوى الانفصالية في المغرب أو السودان أنهم شركاء في الهم ويحرضون بعضهم ضد العرب بأساليب قبيحة وقذرة تؤكد حقيقة تعامل البعض منهم مع الصهاينة . لاننكر أن بعض هؤلاء قد تعرضوا للظلم في مراحل سابقة ولكنهم ليسوا وحدهم من تعرض لهذا الظلم فالجميع دون استثناء تعرض وما يزال يتعرض على أيدي النظام السياسي العربي المتخلف .. الأحمق . وكان الأجدر بهؤلاء أن يكونوا حلفاء مع بقية أطياف الشعب كله دون تمييز لتتغيير نحو الأفضل فالمساواة في الظلم يكون الرد عليها بنشدان العدالة للجميع وليس بالتحالف مع أعداء الأمة الذين ينفخون بكل عوامل التقسيم والتشظية من طائفية ومذهبية واثنية ..الخ .
ألم يتساءل هؤلاء عن أسباب وكيفية بحث أوربا الدائم لتوحيد دولها تحت سقف نظام واحد مع اختلاف الثقافات والأعراق واللغات والمذاهب وغرقها السابق في حروب مدمرة بينما نفس أوربا التي تتوحد الآن تشجع التقسيم عندنا ..؟!! أليس هذا تساؤل يستحق الدراسة والاهتمام .. ومع ذلك نشاهد أعدادا ً من الحمقى يرددون مايريده هذا الغرب المنافق .. المخادع من تقسيم وتشظية ويزينون لهؤلاء الحمقى والعملاء هذا الانقسام والتشظية .
من عاش في كنف هذه الأمة عبر قرون طويلة دون تمييز بل كان يحتل المناصب الرفيعة وفي بعض الأحيان أعلاها لايحق له الزعم باختلافه عن البقية وهو في هذا الاختلاق يتحالف مع الصهاينة أعتى أعداء هذه الأمة وينفذ مآربهم بمعنى أنه يرتكب فعل الخيانة .. إن وجود أي اختلاف بيننا وبين ايران وتركيا في هذه الظروف يتيح لانقسامات تطال الجميع وعداوات جديدة كي تظهر وبدعم من الصهاينة .. فهل نكون عوامل تسهيل لهذا المخطط وهل نسمح للإنفصاليين المرتبطين أن يدلوا بدلوهم في أية اختلافات والمقصود منها هو التشفي واستغلال النكايات .
من جانب آخر نتساءل وباستغراب شديد .. لماذا لم تتصاعد موجة العداء لإيران إلا بعد أن أطلقت القوى الأمريصهيونية هذا العداء فصار البعض يزعم أن إسرائيل من الممكن أن تكون حليفة للأمة العربية بينما ايران تخفي أحقادا ً تاريخية .. منذ متى كانت ايران تخفي أحقادا ً تاريخية ..؟ !! لماذا لم تتنامى هذه المشاعر لدى البعض إلا بعد أن أعلنت أمريكا وإسرائيل ذلك ..وهنا نسأل .. من أين انطلقت القوى المتحالفة لاحتلال العراق .؟.
هل انطلقت من إيران أم من أراض عربية محكومة بأنظمة هي الأسوأ . ؟. هل أن الطائرات الأمريكية تزودت بالوقود في إيران أم في دول عربية معروفة .؟. أليست نفس هذه الدول هي أول من أطلقت موجة العداء لإيران ونفخت في الحالة المذهبية لتغطية موبقاتها ..؟
من يحاصر غزة الآن ويرفض إمدادها بأسباب الحياة ..؟ من أطلق موجة العداء للمقاومة اللبنانية في عز العمليات الحربية ..؟ من يقف ضد ثقافة المقاومة في المنطقة والتي أثبتت أنها الأقدر على الوقوف بوجه الصهاينة وتهديد المشروع الأمريصهيوني ..؟
نحن نتشارك التاريخ والجغرافيا والحضارة مع ايران كذلك الحال مع تركيا ..شئنا أم أبينا أما هؤلاء الصهاينة فلا نتشارك معهم شيئا ً وهم الأقبح والأكثر خسة ووضاعة بين بني الإنسان ومن يتبع لهم أو يشاركهم أهدافهم هو أكثر وضاعة منهم ..؟ نحن إذا اختلفنا مع ايران لأية أسباب يمكن لنا إذا جلسنا قبالة بعضنا أن نسوي هذه الخلافات بقليل من الصبر والحكمة ..ولكن وضعنا مع الصهاينة رغم كل إذلالنا وتنازلاننا فهم يطالبون بالمزيد ولغاية تعريتنا من كل شيء وانكشاف أوطاننا أمامهم ولا ينفع معهم صبر أو حكمة .
قد يكون هناك متشددون لدى الطرفين والفعل يستدعي ردة فعل .. فهلا تجنبنا ردود الفعل بقليل من العقلانية وعالجنا الأمور بما يتفق عليه الطرفان من ايجابيات .. نحن لسنا الطرف الأقوى ولو كنا كذلك لفرضنا مواقفنا على هذا الكيان المسمى بإسرائيل الذي يذلنا شعوبا ً وحكاما ً يوميا .. يهدم مساكن الفلسطينيين ..يحرق محاصيلهم وأشجارهم .. يرسل قطعان مستوطنيه للإساءة لهم وجرح مشاعرهم ونحن نحابيهم ونطالب بالسلام .. أي سلام هذا ..ومع من ..؟ مع الحثالات الذين لايملكون أية حضارة أو تاريخ ولا يربطنا بهم أي رابط إنساني أو أخلاقي ..؟ .
نعم يجب أن تتوثق روابطنا مع ايران وتركيا وروسيا وفنزويللا البعيدة ومع كل من يقف بوجه أطماع الصهاينة .. لنكن براغماتيين ونعمل لمصلحة امتنا وأوطاننا فالعمل للمصلحة ليس عيبا ً ولايشين أحدا ً .. ولكن العيب والعار أن نفقد الفرصة المتاحة ونجلس بعدها لنلطم خدودنا ونضرب كفا ً بكف ندما ً على الفرص الضائعة وما أكثرها في تاريخنا .. أقلها ألا نكون بكل هذه الخفة فيأخذنا كل مأفون خلفه وخلف مزاعمه ويوردنا موارد التهلكة . . الفرصة متاحة لتحجيم الصهاينة واجبارهم على الالتزام بقواعد المنطق والقانون وعندما نكون قادرين على تحجيم الصهاينة .. سيتداعى النظام السياسي العربي وسيلتزم العالم بالإقرار بمصالحنا وإلا (فإن الحماقة أعيت من يداويها )
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية