أثار نبأ تسليم عناصر النظام الذين تمّ أسرهم مؤخراً في عملية "نبع السلام"، استياءً وغضباً واسعين بين أوساط المدنيين في مناطق متفرقة من الشمال السوري المحرر.
ووفقاً لما أشار إليه الناشط الإعلامي "عبد الله ياسين" فإنّ حالة الاستياء لا تقتصر على الأوساط العسكرية فحسب، وإنما تشمل أيضاً جميع المدن والبلدات الواقعة في منطقتي (درع الفرات، غصن الزيتون)، إذ شكلت هذه الحادثة صدمة كبيرة للأهالي هناك، لا سيما وأنّ هناك آلاف المعتقلين الذين ما يزالون داخل سجون النظام منذ أكثر من سبعة سنوات، في حين خرج أسرى النظام خلال 5 أيام فقط، ومن دون مقابل.
وأضاف أنّ "المؤسسات العسكرية والمدنية الممثلة عن الشعب السوري لم تقدم أي تفسيرات مقنعة لحادثة تسليم الأسرى بل على العكس كانت غائبة عن مشهد الأحداث تماماً، حيث إنها اكتفت بالصمت الذي تكرر في أكثر من مناسبة عندما يتعلق الأمر بالقرارات الصادرة عن حكومة التركية".
وحسب "ياسين" فإنّ قادة "الجيش الوطني" لا يجرؤون على مخالفة التعليمات الصادرة عن الحكومة التركية أو انتقادها، خشية من خسارة مراكزهم من جهة، وخوفاً من قطع الدعم المادي واللوجستي عن فصائلهم التي أصبحت مجرد أداة طيعة يحركها المسؤولون الأتراك وفق أهوائهم الخاصة من جهة أخرى، حسب تعبيره.
بدوره قال مصدر عسكري في "الجيش الوطني" في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إنه "يتوجب علينا جميعاً أن نعرف بأن الحكومة التركية ليست ملاكاً ولا أباً روحياً للثورة السورية، وإنما دولة كباقي الدول ذات الصلة بالملف السوري، وبالتالي لتركيا مصالح وأهداف ربما تتقاطع بعضها مع الثورة السورية، وربما تختلف عنها في أهداف أو قرارات أخرى، وذلك تبعاً لتحالفاتها وتوافقاتها الدولية، لكن يتحتم علينا استغلال المصالح المشتركة لتحقيق الأهداف التي خرج من أجلها السوريون".
وأضاف "كان بإمكان (الجيش الوطني) مبادلة أسرى النظام على عشرات المعتقلين أو المعتقلات لدى الأخير، لكن يبدو أنّ هذه الحادثة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ قيادة (الجيش الوطني) إضافةً إلى قادة بعض فصائله وحدهم من يتحمل مسؤولية إخلاء سبيل أسرى النظام، لذلك فهم بحاجة لإعادة تأهيل بشكلٍ يمكنهم من تقدير المواقف واتخاذ قرارات حاسمة تصب في صالح الثورة السورية".
ويرى المصدر ذاته أنّ هذه الخطوة ستشجع النظام على إرسال مزيدٍ من قواته إلى خطوط التماس المباشر مع فصائل "الجيش الوطني" في مناطق متفرقة من شرق الفرات، ما يعني أنها ستتحول إلى أهداف للنظام في المرحلة القادمة. واستبعد المصدر في الوقت نفسه أن تكون عملية التسليم هي عبارة عن محاولة يقوم بها الأتراك لإقناع الروس بأنهم قادرون على ضبط تصرفات "الجيش الوطني"، وبالتالي الحصول على موافقتها من أجل تحصيل مزيد من المساحات الجغرافية التي تريدها تركيا شرق نهر الفرات.
إلى ذلك قال "الجيش الوطني" في بيان رسمي نشره أمس الجمعة، إنّ الأسرى هم حصيلة معركة عنيفة خاضتها قوات "الجيش الوطني" مدعومة بالقوات التركية ضد قوات النظام وقوات (YPG)، وتمّ قتل عدة عناصر من قوات النظام في محور "الآمرية" في منطقة "أبو الراسين".
وأضاف البيان أنّ "الشراكة الاستراتيجية مع الجيش التركي الحليف تقتضي منا المرونة في إدارة المعركة، كما أن ظروف المعركة تفرض علينا بعض التكتيكات المرحلية التي تسهل استمرار المعركة، وإن بدت بصورة مؤلمة في حال وقوعها."
وجاء في البيان "تمّ تسليم الأسرى للأتراك وفق آلية عمل متفاهم عليها في معركة (نبع السلام) مع الجيش التركي، الذي لا يخفى على أحد دوره المركزي في إدارة المعركة، والتي تتعدى طاقة السوريين"، حسب تعبير البيان.
وكان "اتحاد الإعلاميين السوريين"، أصدر بياناً، يستنكر فيه عملية التسليم، معتبراً أنها "فعل شنيع ومخالف لمبادئ ثورة الحرية والكرامة التي خرج بها السوريون"، وحمل البيان قيادة "الجيش الوطني" المسؤولية الكاملة، مطالباً إياها بتقديم تفسير مقنع للحادثة.
وكانت وزارة الدفاع التركية، قالت في تغريدة لها عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، ليل الخميس/الجمعة، إنّ أنقرة سلمت 18 جندياً، جرى احتجازهم خلال عمليات جنوب شرقي بلدة "رأس العين" السورية في 29 تشرين الأول أكتوبر.
استياء واسع من تسليم أسرى النظام في ريف حلب

خالد محمد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية