أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أنشد للحرية قبل أن تزدهر.. رحيل الشاعر والمعارض "عدنان المقداد" في الأردن

المقداد - أرشيف

بعد معاناة طويلة مع المرض رحل الشاعر والمعارض السوري "عدنان الصباح المقداد" في إحدى ضواحي العاصمة الأردنية عمان (الأربعاء) بعيداً عن مدينته "بصرى الشام" وسوريته التي دفع سنوات طويلة من عمره في معتقلات النظام وأكثر من 9 سنوات في المنفى من أجل حريتها.

وكان "المقداد" قد أمضى 15 عاماً في سجون نظام الأسد بسبب انتمائه إلى الحزب الشيوعي السوري في نهاية الثمانينات عندما كان طالباً وشاعراً معروفاً في جامعة دمشق على خلفية قصيدة بعنوان "الحرية" ألقاها في "المعهد العالي للعلوم السياسية" بمدينة "التل" طالب فيها بالحريات العامة وعدم الاعتداء على المواطنين السوريين والكف عن اعتقالهم دون سبب أو قتلهم، وكانت دمشق آنذاك عبارة عن سجن كبير والسجان "حافظ الأسد"، واعتاد أغلب الشعب على الخنوع والتصفيق ضمن جامعة دمشق كما روى في لقاء سابق لـ"زمان الوصل"، مضيفاً أن المدينة كانت آنذاك تشهد أحداثاً كثيرة، وتعاني من حصار أمني مطبق، وكانت هناك احتجاجات من كل هيئات المجتمع كالنقابات واتحاد الكتاب العرب، حيث عقد الكتاب مؤتمرهم وتحدثوا بصراحة".

بعد شهرين من الأمسية تقريباً وإثر محاولة اغتيال فاشلة تعرّض لها "حافظ الأسد" على يد أحد حراسه، بدأت حملة اعتقالات بحق أعضاء ومناصري الحزب الشيوعي السوري بضوء أخضر من السوفييت، وتم اعتقال المقداد من منزله بعد منتصف ليلة 16//10 / 1980 ليمضي 15 عاماً في سجون النظام، بدءاً من "سجن القلعة" مروراً بـ"سجن الشيخ حسن" الذي كان داخل مقبرة الباب الصغير ليودع بعدها في سجن "صيدنايا".

وكشف المعارض الراحل أن الكثير من المثقفين وكوادر الحزب الشيوعي كانوا معه في ذات الزنزانة من أمثال الدكتور "فايز الفواز" و"عمر قشاش" و"نقولا الزهر" و"فرحان نيربية" و"سلامة كيلة" و"هيثم المالح" و"سليم خير بك" ووالد "هيثم المناع" المعارض "يوسف العودات"، بتهمة زعزعة ثقة الجماهير والإشاعات الكاذبة ومعاداة أهداف ثورة الثامن من آذار ومحاولة إسقاط النظام وحكم بموجبها 15 عاماً مع الأشغال الشاقة والحرمان من الحقوق المدنية.

ورغم تجربة الاعتقال المريرة التي سلخت سنوات طويلة من عمره استمر المقداد في معارضته للنظام وكان من الناشطين بعد خروجه من المعتقل في عام 1980 وشارك في منتدى الأتاسي وأنجزت محطة الجزيرة فلماً وثائقياً عنه عام 1995" وبعد انطلاقة الثورة السورية كان من الطبيعي أن ينحاز إليها بكليّته يقول: "بعد اندلاع الثورة كنت من المستهدفين، حيث بدأت الفروع الأمنية بدراسة ملفي وكانت التقارير تلاحقني رغم كل حذري".

وبسبب تضييق القبضة الأمنية وسعي النظام لاعتقاله اضطر المقداد للتخفي والفرار إلى الأردن التي أمضى فيها 9 سنوات قبل أن يفارق الحياة وعمل في تدريس اللغتين العربية والإنكليزية وكان يقتطع جزءاً كبيراً من دخله ليرسله إلى أسرته في دمشق، كما شارك في تأسيس المنتدى السوري للحوار الوطني الديمقراطي.

ونعى أدباء وفنانون الشاعر الراحل، حيث وصفه الفنان "بسام قطيفان" بـ"المثقف الفقير والثائر الذي لم يلن في صراعه مع عصابة الحكم في دمشق منذ أن كان فتىً".

وأضاف: "برغم الهروب والتخفي والسجن الطويل في عهد الأسد النافق إلا أنه بقي وفياً لحلم الثورة التي انتظرها طويلاً، الثورة التي سارع بالانخراط في صفوفها وتنظيمها، منذ نقطة الدم الأولى في آذار مارس/2011، ولم يبخل قط عليها".

وقال المعارض "نبيل الخطيب" إن المقداد "كان مكابراً على جراحه شفافاً حزيناً وخجولاً وشديد الانتماء لسوريا وثورة شعبها" أما القاص "خلف الزرزور" شريك زنزانة الراحل في "صيدنايا" فرأى أن الراحل "لم يساوم على حرية رغم ما لقيه من سجن وعذاب وحرمان وتهديد بلقمة عيشه وحتى بحياته".

ورثى "حافظ فرج" صديقه الراحل قائلا: "عاش وحيداً ومات وحيدا كقديس حقيقي" ولم يغادر نفسه العامرة بالحب والجمال أبدا الحلم بالتغيير والأمل بعالم أفضل وبسوريا أجمل".

والشاعر الراحل حاصل على شهادة الليسانس في الأدب العربي عمل كمدرس خاص لمادتي اللغة العربية والإنكليزية ولديه 8 دواوين شعرية لم يطبع منها سوى كتاب واحد (ليس هناك حد)، ودأب على كتابة المقالات السياسية والنقد الأدبي لبعض المواقع المعارضة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(196)    هل أعجبتك المقالة (202)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي