دراسة تسلط الضوء على أوضاع السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام

عاد أكثر من 198 ألف لاجئ بين العام 2016 وآب/أغسطس/2019 -جيتي

سلطت دراسة بحثية لـ"الرابطة السورية لكرامة المواطن" الضوء على أوضاع السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام بسبب الظروف المعيشية في مواقع النزوح، حيث عاد أكثر من 198 ألف لاجئ إلى بلادهم بين العام 2016 وآب/أغسطس/2019، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وتضمنت الدراسة التي أُجريت بشكل سري بعيداً عن أعين النظام شهادات، فيما يتعلق بالحوادث والمخاوف الأمنية للعائدين والظروف المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، بالإضافة إلى اسـتقصاء آراء النازحين واللاجئين سابقًا حـول عملية العودة وغيرها مـن القضايا ذات الصلة.

وتأتي أهمية هذه الدراسة –حسب المنظمة- في ظل عدم التمتع بإمكانية وصول حقيقية وغير خاضعة للرقابة إلـى جميع المناطق الخاضعة لسـيطرة الأسد، حيث من المستحيل عملياً الحصول على معلومات عن الحالة الأمنية والتهديدات التــي تواجه العائدين والظروف المعيشية العامة في هذه المناطق بطريقة نظامية.

وتوقفت الدراسة عند جرائم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وهي من أكثر أنمــاط الانتهاكات التي ترتكبهـا أجهـزة أمـن النظام، حيث تشـير الدراسـة إلى تعـرض أكثـر مـن ربع المستجيبين لها هــم أنفســهم أو أحــد أقربائهــم للاعتقال التعســفي مــن قبــل الفروع الأمنية، وكان الاعتقال في 75 % مـن الحـالات في الأشهر الثمانـية عشـر الماضية، كمـا اضطـر أكثـر مـن 70 % من المعتقلين إلى دفع رشـى للإفراج عنهم، وتشير الشهادات التي تم الحصـول عليهــا إلى شـيوع التعذيـب كممارســة شــائعة في معتقـلات النظــام.

كما تشير الشهادات الموثقة إلى حالات من الاختفاء القسـري، حيث اقتيد العديد مـن أقارب الذين أجريت معهـم مقابلات إلـى أماكن مجهولة، وبعد ذلك لم يسـمعوا عنهم مرة أخرى.

وذكرت المنظمة في تقريرها غير المسبوق أن 59 في المئة من أصل 165 شخصاً شملهم الاستطلاع قرب دمشق وفي محافظات حلب (شمال) وحمص (وسط) ودرعا (جنوب) "يفكرون جدياً في مغادرة مناطق النظام لو سنحت لهم الفرصة".

وتسيطر قوات النظام اليوم على نحو 60 في المئة من مساحة البلاد، إثر سلسلة احتلالات للمناطق التي كانت محررة منذ العام 2015 بدعم روسي على حساب الفصائل المعارضة وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وأسفر النزاع المستمر في سوريا منذ العام 2011 عن تشريد نصف سكان البلاد داخل البلاد وخارجها، وفرّ أكثر من 5 ملايين سوري من البلاد، لجأ معظمهم إلى دول الجوار.

الباحث "خالد التركاوي" أحد المساهمين في الدراسة أشار في حديث لـ"زمان الوصل" إلى أن فكرة الدراسة بدأت منذ حوالي ستة أشهر، وكان هدف الرابطة السورية لكرامة المواطن المهتمة بشؤون المهجرين رصد أوضاعهم، وخاصة أن الكثير من اللاجئين السوريين عادوا إلى مناطق سيطرة النظام من خلال اتفاقيات "مصالحة" أو من خلال عمل عسكري أو بشكل كيفي، ونظراً لأن النظام لا يسمح بمثل هذه الدراسات إذا عرف فيها كانت هناك صعوبة في إنجازها وخشية من تعرض فريقها للاعتقال مع ذلك –كما يقول– تمكنوا من الوصول إلى شريحة واسعة من الناس ممن عادوا إلى مناطق النظام.

وشملت الدراسة التي أجريت في كل من دمشق وحلب وحمص ودرعا عينة عشوائية من حوالي 200 حالة والمقصود بالحالة إما أسرة أو شخص من فئات عمرية مختلفة ومنهم النساء والرجال وشبان فوق الـ 18 سنة وفق استبيان معياري.

واستدرك محدثنا أن ثلثي الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات "يعيشون في خوف دائم من الاعتقال أو المضايقة" من قبل الأجهزة الأمنية والمقاتلين الموالين لقوات النظام، وخصوصاً عبر الحواجز ونقاط التفتيش الموجودة في المناطق الواقعة في إطار اتفاقات المصالحة، حيث يتم توقيف الناس بشكل تعسفي، ويتعرضون للمضايقات، والتهديد والاعتقال من قبل هـذه الجماعات في محاولة منهم للابتزاز المالي منهم مباشرة أو من أسرهم، كما أن هذه المليشيات تعتمد على شـبكة من المخبرين لتحديد المناوئين المفترضين للنظام سواء من العائدين أو أولئك الذين قبلوا باتفاقات المصالحة بغية مراقبتهم وملاحقتهم.

وركزت الدراسة -حسب المصدر- على الظروف المعيشة في المناطق التي يسيطر عليها النظام بالدرجة الأولى من حيث الخدمات والأمن، وعبر غالبية الأشخاص الذين أجرت "الرابطة السورية" مقابلات معهم عن "عدم الرضا المطلق" تجاه الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، كما اشتكى حوالي 66 في المئة منهم من تدني مستوى الخدمات الصحية، إضافة إلى المضايقات التي يتعرضون عليها عل الحواجز والآثار السلبية لقوانين النظام الجديدة وغياب سلطة القانون، وتفشي الفساد والابتزاز من قبل النظام والميليشيات، وغياب الحريات العامة والشعور بالتمتع بحقوق المواطنة.

و"الرابطة السورية لكرامة المواطن" المعروفة اختصاراً بـ"sacd" هي تحرك شعبي حقوقي غير سياسي تم تأسيسها مــن قبل ســوريين لخدمة وتمثيل كافة أطياف المجتمع السوري بغض النظر عــن النوع أو الجنــس أو الدين أو العرق أو الخلفية الاجتماعية التي ينتمي إليهـا الفرد، وهي -حسب ما جاء في التعريف بها- تكافـح ضـد العـودة القسرية للمهجرين، وتؤمن أن تحركا شعبياً لعودة كريمة مبنيـة على الاعتراف بحقوق المهجرين بوصفهم مواطنين سوريين هو موضوع مركزي لأي حل قادم في سوريا.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي