أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قناة الجزيرة من جديد ... رشيد شاهين

يمكن القول ان إغلاق مكاتب قناة الجزيرة أو تعليق عمل هذه القناة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يكن غريبا او مفاجئا - برغم انه كان كذلك للبعض - خاصة في ظل الهجمة الشرسة التي تعرضت لها القناة خلال الفترة الماضية وتحديدا خلال الحرب الإجرامية على قطاع غزة.

القرار الذي تم اتخاذه من قبل أصحاب القرار في السلطة الفلسطينية استند إلى بثها لاتهامات الرجل الثاني في حركة فتح السيد فاروق القدومي والتي وجهها خلال مؤتمر صحفي مصغر او محدود لرئيس السلطة الفلسطينية السيد أبو مازن وإلى مستشار الرئيس السابق النائب محمد دحلان "بالضلوع في قتل او اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات".

كما هو معروف فان هذه ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق مكاتب قناة الجزيرة في بلد من البلدان وخاصة العربية منها، كما أنها ليست الوحيدة، ذلك ان الدول العربية تستخدم هذا الأسلوب في التعامل مع هذه القناة او تلك بحسب العلاقات التي تربط بين تلك الدول وبين دولة مقر القناة او تستند الى ما يمكن ان يتم بثه من برامج تتعلق بهذه الدولة او تلك، و على أي حال فإن - دول العربان-، ان لم تجد مثل هذه الوسيلة او القناة فإنها لا تتورع عن استعمال مثل هذه الطريقة او ما هو أكثر قسوة ضد الدول التي تختلف معها بحيث يتم سحب السفراء او قطع العلاقات الدبلوماسية او طرد مواطني الدولة - المعادية- او منعهم من دخول البلد او طرد الطلاب من الجامعات الى آخر الطرق التي اعتقد بان الجميع يعلمها.

عندما يقوم رجل بوزن وثقل السيد فاروق القدومي وتاريخه ومركزه وفي هذا الوقت بالذات بتوجيه مثل هذه الاتهامات الخطيرة جدا والتي قد تكون الأخطر في مسيرة الثورة والنضال الوطني الفلسطيني ضد رئيس دولة فلسطين ومستشاره السابق عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وتتناقلها وسائل الإعلام المختلفة، ماذا يمكن لقناة مثل الجزيرة ان تفعل؟ هل على القناة ومن يقوم عليها ان يضعوا رؤوسهم في الرمال وان يضعوا أصابعهم في آذانهم وان يغمضوا أعينهم ويقولوا لم نر ولم نسمع مثل ما كان ولا زال الإعلام الرسمي العربي الذي لا ينقل ما يجري داخل الدولة إلا بعد ان يكون إعلام العالم كله قد فعل هذا على افتراض ان الإعلام الرسمي سينقل ما حدث؟

قناة الجزيرة وبرغم كل ما يمكن ان يقال عنها وبرغم ما لأي منا من تحفظات على أدائها وكيفية نقلها للخبر إلا أنها تبقى احد أهم الفضائيات التي يستمع إليها ويشاهدها المواطن العربي والفلسطيني وهي على حال قامت عبر السنوات الماضية بجهد كبير في خدمة الموضوع الفلسطيني ومن غير المنطقي ان يطالب احد من الجزيرة ان تكون بوقا له وان تتبنى مواقفه.

ان قرار إغلاق مكاتب القناة بهذه الطريقة من التعسف وفي هذا الوقت بالذات لا يمكن ان يخدم القضية الفلسطينية ولا أصحاب الرأي المخالف للقدومي، كما ان الجزيرة وبحسب مشاهدتنا فيما يتعلق بالموضوع الذي كان السبب في الإغلاق تعاملت مع الخبر كخبر، ولم يكن لها موقف منه بقدر ما كانت تحاول ان تكون متوازنة في التعامل معه، ومن هنا ربما قامت بإجراء مقابلات مع شخصيات مختلفة، وكان هذا ما حصل حتى بعد صدور قرار الإغلاق. إلا إننا نعتقد بان هذا القرار ليس بعيدا عن المواقف التي تم اتخاذها خلال الحرب الإجرامية على غزة عندما طالب البعض بوقف التعاطي مع القناة والترويج على أنها قناة للفتنة لا بل كانت هناك محاولات من قبل البعض للاعتداء على أطقمها خلال تغطياتهم للفعاليات التي كانت تجري بالضفة الغربية تضامنا مع أهل القطاع.

من هنا فإننا نعتقد بان قرار الإغلاق لم يكن سوى قرار سياسي بامتياز وهو بالضرورة سيكون له تداعياته السلبية على عمل وسائل الإعلام المختلفة لأنه إقحام غير مبرر حتى لا نقول مقصود ومبيت لوسائل الاعلام في الشأن الفلسطيني والصراع القائم في الساحة الفلسطينية سواء هذا الدائر بين أبناء الحركة الواحدة - فتح -،او بين أطراف النزاع في نفس الساحة والمقصود هنا حماس وفتح.

الحقيقة ان قرار إغلاق مكاتب الجزيرة على خلفية نشرها هذا الخبر او غيره، لا يعبر إلا عن رغبة في قمع الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير، وهو قرار فيه من التعسف ما يشير الى ضيق مساحة او هامش الحرية الذي هو ضيق أصلا، ونعتقد بأنه حتى لو كان ما ورد في قرار الإغلاق او التعليق صحيحا، فانه كان بالامكان التوجه الى القضاء ومقاضاة القناة دون اللجوء الى إغلاقها او تعليق أعمالها، لان هذا الإغلاق لا يمكن بحال من الأحوال ان يكون في مصلحة القضية الفلسطينية، ولهذا فان المطلوب ممن اتخذ القرار ان يعدل عنه وان يسمح للقناة بالعودة الى ممارسة عملها كالمعتاد مع إبقاء موضوع مقاضاتها قائما.

16-7-2009

(96)    هل أعجبتك المقالة (86)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي