أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"طبول الحرب" وحدها من يوقظ "الاتحاد الديمقراطي" من أحلامه

من أحد الملتقيات - نشطاء

لم تتصور قيادة حزب "الاتحاد الديمقراطي" وإدارته الذاتية أن الشخصيات العشائرية المستجيبة لدعوتها مطلع أيلول سبتمبر الماضي، مختلفة معها جوهريا بالأهداف والمقاصد، لكن الفجوة بين القادة الأكراد وسكان بالجزيرة العرب ظهرت حين انبرى شقيق معتقل لدى مسلحي "الحزب" على الهواء مباشرة يسألهم "أين أخي؟!".

قال الرجل "حسان الصادق" بحرقة إنهم لم يأتوا لأجل أهداف ومطالب سياسية أو اقتصادية، فشقيقه مخطوف منذ ثلاث سنوات، وهم يريدون أن يعرفوا "وين راح...وين راح؟!" ثم تابع: "نحن بظل فدرالية وشغلة كبيرة! بلدة التركمان (قرب تل أبيض) فيها 15 شابا لا يعرف مصيرهم حتى الآن.

حاول "صالح مسلم" آنذاك شرح أن هدفه من الملتقى العشائري هو حشد التأييد للإدارة الكردية ضد تركيا والنظام ليكون لهم مكان في "اللجنة الدستورية" كما لهم مكان على الأرض، واعتبر مشكلته شخصية وطالبه بالتوجه إلى ميليشيا "آساييش"، لحل الأمر.

لكن "مسلم" لم يدرك أن "الصادق" ومعظم الحضور استجابوا لدعوته على أمل الإفراج عن أكبر عدد ممكن من المعتقلين في سجون الحزب من العرب، كما حصل في ملتقى مشابه مطلع أيار مايو بمدينة "عين عيسى"، والذي خرجت بعده دفعات عديدة من النسوة والأطفال السوريين المحتجزين في مخيمات "الهول" و"العريشة" وغيرها.

يمكن القول: إن الإدارة الكردية لا توقظها من أحلامها سوى "طبول الحرب"، فهي كانت تحشد الناس لدعمها بهدف الحصول على دور في "اللجنة الدستورية" لتمثل نحو 5 ملايين شخص تحكمهم بالحديد والنار، لكنها تلقت ضربة جانبية بإعلان تركيا نيتها بدء عمل عسكري تزامن مع إخلاء القوات الأمريكية نقطتي "بئر عاشق" و"تل أرقم" لتبدأ بالاستنجاد بالشخصيات العشائرية المحلية والنظام في دمشق رغم أنهم لا يملكون من أمرهم شيئا.

عندما نشاهد "الاتحاد الديمقراطي" يجبر موظفي الرقة والحسكة لديه وأنصاره للخروج بمسيرات مناهضة لتركيا قرب الحدود، يجب أن نعلم أن السيناريو ذاته جرى حين ردّ "الاتحاد الديمقراطي" على إقصائه من "هيئة التفاوض العليا" بإعلان تأسيس "فدرالية" في آذار مارس/2016 من مدينة "رميلان" لتوحيد إدارة مقاطعات الإدارة الذاتية الثلاث (عفرين، كوباني، الجزيرة)، لكن تركيا حرمته من حلم التوصيل بين هذه المناطق تحت حكمه بعد إطلاق عملية "درع الفرات" في آب أغسطس/2016 ثم قضت على أحد الأقاليم بالسيطرة "عفرين" ضمن معركة "غصن الزيتون" مطلع عام 2018، حيث نقل موظفيه من المحافظتين المذكورتين إلى "عفرين" للاحتجاج ضد تركيا.

كما تلعب الإدارة الذاتية لعبة خطيرة للغاية، فهي تستغل الدعم الأمريكي للرقص على جميع الحبال، ولأنها بلا عبء ثوري يمنعها من الارتماء بأحضان الأسد وروسيا وليست دولة تسعى للحفاظ على سيادته لتمنع أنصارها من الذهاب إلى الأمريكان والتوسل بإبقاء قواتهم على الحدود، فإنها توظف موقعها، والموارد النفطية والزراعية والضرائب واستثمار كل ما تقع يدها عليه ونزعتها المعادية لتركيا بحكم مرجعيتها الكردية الأوجلانية، من أجل حشد السكان العرب وهم أكثرية سكان الجزيرة السورية، لمواجهة المشروع التركي في المنطقة الحدودية بين نهري الفرات ودجلة، خاصة أن المرحلة الأولى ستشمل منطقة عربية بحتة بين "تل أبيض" و"رأس العين".

منذ تأسيسها عام 2014، دأبت الإدارة الكردية على نفى تشكيلها أي خطر على أمن تركيا، رغم تسييرها ليل نهار مسيرات مناهضة لأنقرة ترفع خلالها بشكل أساسي صور "عبد الله أوجلان"، بل تذهب إلى أبعد من ذلك لتقول إنها مثال لحل أمثل ينهي الحرب في سوريا، وأنها انتصرت على الإرهاب بدعم دولي وأن تركيا هي من يدعمه ويريد إنقاذه.

في المقابل، تدافع الإدارة الكردية عن تبعيتها للولايات المتحدة وعملها تحت إمرة قوات أجنبية تحتل معظم أراضي الجزيرة السورية، وتعقد المؤتمرات لإقناع الناس بضرورة دعم مشروعها المدعوم غربيا، فيما تهاجم كتائب الجيش الحر وتصفها بالمرتزقة لأنها تقبل الدعم التركي بوجه قوات النظام الميليشيات الإيرانية.

وعلى غرار التناقض بين "صالح مسلم" و"حسان الصادق"، فإن القوة المشكله من خليط من العرب والأكراد تشهد تناقضات كبيرة، وستسهم بتفكك سريع مجرد بدء المعركة المرتقبة، وسيفر المجندون إجباريا رغم التهديدات بتصفيتهم من قيادتهم، وأيضا ستخلى عن البندقية من انتسب لأفواج "وحدات حماية الشعب" من أجل الراتب الذي يحتاج لإعالة أطفال خلال سنوات الحرب والحصار.

ملخص القول: هي ضربة جديدة قاصمة وضعت مشروع حزب "الاتحاد الديمقراطي" في إدارة ذاتية شمال شرق سوريا في مهب الريح مع استعدادات الجيشين التركي و"الوطني السوري" لعملية عسكرية بمحيط مدينتي "تل أبيض" و"رأس العين"، أهم مدن الجزيرة الحدودية.

زمان الوصل
(128)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي