أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إعلام الموبايل من الصين إلى إيران؟ ... نضال نعيسة

 

 

مدرسة إعلامية جديدة:

 

تماماً كما هي مشاهد الاحتجاجات الإيرانية، وكأن المخرج رجل واحد. إذ بدا المشهد مرتباً تماماً، و"المصور" حرفي  وجاهز، دائماً، وواقف في مكان ما قريب، كأنه مخرج يعطي الأوامر للممثلين الذين أخطأ أحدهم، بالأمس، ونظر بعفوية باتجاه الكاميرا. ويظهر في ذاك " الفيديو كليب"، المصور بالموبايل، والذي وجد طريقه فوراً، ويا سبحان الله، إلى الـBBC ، الإنكليزية العالمية التي نشرته على الفور، فتي عاري الصدر يتعرض للضرب من مجموعة من الفتيان والأولاد الصغار، ولا يدرك ولا يعرف ما خلفية ذلك، ومن هم ولماذا يتشاجرون، وقد يكون من "المحتمل" جداً، أن التصوير قد تم في أحد الأحياء الصينية في أمريكا.

 

معاقبة التفوق الصيني:

 

لا شك أن المارد الصيني العملاق، الذي يشهد نمواً قياسياً غير مسبوق، بلغ 13% وهو الأعلى في العالم، كان قد "نفذ بجلده"، من الأزمة الاقتصادية التي تحتاج العالم، وذهبت كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية ، ما غيرها، أم تشيلسي، لزيارة الصين تذللاً، وطليباً للمساعدة، كي تساهم الصين في حل الأزمة الاقتصادية العالمية التي انطلقت شرارتها مع عملية الاحتيال ومتوالية بيع ديون الرهن العقاري، من أمريكا. ويبدو انسحاب الرئيس الصيني من قمة مجموعة الثماني في إيطاليا كاحتجاج ضمني، غير مباشر، وغير معلن، على ما يعتقد أصابع غربية الحرب النفسية والإعلامية التي رافقت الاحتجاجات التي وقعت في إقليم تشينغ يانغ أو تركستان الشرقية يقطنه مسلمون من الإثنية الإيغورية، وهو غني بالموارد الطبيعية، لاسيما "البترول"، والكل يدرك النهم والجشع الغربي لهذه السلعة الإستراتيجية التي يسيل لها لعابه، وحدت ببوش الصغير لاحتلال العراق.

 

 يمكن القول، أن التدخل الغربي، والتركيز الإعلامي ( انقطع فجأة الآن)، على الوضع هناك، كان غير بريء، البتة، ويعتبر أداة ضغط  ووسيلة ابتزاز ليس إلا ضد الصين.   ومن الجدير ذكره بأن انفجار أعمال العنف أرغم  بالرئيس الصين لمغادرة قمة الثمانية، ربما، "احتجاجاً"، ما يضع القمة، بغياب الصين، في موقف ضعيف.

 

لا أدري ماذا سيفعله فيديو كليب مع بلد عملاق بحجم الصين سوى التشويش ومحاولة الضغط على قيادتها السياسية في محاولة ابتزاز واضحة للحصول على مكاسب سياسية، واقتصادية من الصين، ومشاركة من هذه الأخيرة في الحرب على الإفلاس والانهيار الاقتصادي الذي تتزعمه الولايات المتحدة، هذا إذا علمنا أن الصين "تغفو" على احتياطي من العملات الصعبة يبلغ تريليوناً من الدولارات.

 

لا موبايل في غزة

وعلى هدي قصيدة محمود درويش الرائعة، لا صفصاف في نيويورك، بات لسان الحال يقول لا موبايل في غزة. بل أين موبايلات غزة؟

 

ففي الشتاء الماضي حدثت حرب بربرية همجية ومجازر ضد الإنسانية، لكن لم نر ولا فيديو كليب لا في البي بي سي، ولا الـ CNN أو اليو تيوب، ولا حتى في "اللواحق والتوابع البدوية"، الإعلامية كي تصور حوالي الـ 400 طفل فلسطسني بعمر الورود،  وقضى معظمهم بالفوسفور الأبيض، وما أدراك مالفوسفور الأبيض، ناهيك عن ضعفهم بمرتين، من الرجال والنساء والشيوخ.

 

غيرة على الديمقراطية:

 

ولا يدري المرء سر هذه الغيرة الغربية على الديمقراطية في إيران أو على أقلية عرقية ودينية في الصين، وهناك حروب إبادة يقوم بها نفس هذا الغرب الديمقراطي في العراق، وأفغانستان، وفلسطين، وباكستان. ( أمس الأول قتل 35 باكستانياً بقصف بطائرة من دون طيار، والرقم بحد ذاته عبارة عن مجرزرة ضد الإنسانية، ولكنه مر مرور الكرام، ولسوء الحظ لم يكن هناك "مصور موبايل"، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه أعداد القتلى في اضطرابات إيران الثلاثة عشر شخصاً، منهم ثمانية من الباسيج، كما ذكر أحد إعلاميي الجزيرة البارزين في لقاء مع الفضائية السورية،  وتم التركيز عليهم بطريقة جد فجة ومكرورة وفظة).

 

ندى "الغزاوية"!!!

 

يحضرنا هنا الاحتفاء العالمي الإعلامي بالفتاة الإيرانية ندى آغا سلطاني التي قضت بنيران مجهولة، لكن لا ندري سر غياب نفس النخوة الإعلامية الغربية والإعلامية البدوية حيال ندى أو "نديات"، غزة البائسات. هل بات الغرب يستعمل هذا السلاح الإعلامي  بعد فشل خياراته وأسلحته العسكرية في العراق، وأفغانستان وفلسطين؟

 

يبدو أننا في طور جديد من الحروب الإعلامية باتت تستخدمها بعض الدول الغربية الديمقراطية جداً لزعزعة الأمن والاستقرار في بلدان أخرى بـ"عينها"، ودون سواها، إذ تغض الطرف عن حروب إبادة جماعية في مكان وتركز عليها في غير مكان، وذلك من خلال هيمنتها على وكالات الأنباء العالمية، ومحطات وشبكات تلفزيونية شهيرة، لها متابعوها، ومشاهدوها، ويمكن أن يشكلوا عامل ضغط  من خلال توجيه آرائهم بمنحى معين يتوافق مع الخط العام للسياسات الغربية.

 

" بانتظار ندى السورية"!!!

 

كنت أتابع قناة سورية معارضة يتيمةـ يوم أمس الأول، بعد انتقال شقيقاتها، غير مأسوف عليهم إلى أرشيف المخابرات، وذلك فقط من أجل الاطلاع على أحدث مدارس "العمل السياسي الراقي الديمقراطي المعارض"، وكان المذيع " الوطني" جداً، يسهب في  تقديم، وشرح "تعليمات"، للمشاهدين عن كيفية تحميل كليب من الموبايل، على النت واليوتيوب، تحديداً، وكيف "ستتم" فبركته وبثه من هناك، ويدعو "المواطنين" لتصوير ما تيسر، ويفصـّـل في طريقة الدخول على هذه المواقع.  فهل يضمر هؤلاء "المعارضون الوطنيون الديمقراطيون" جداً، مع الماكينات الإعلامية، إياها، شيئاً مشابهاً، ومريباً، لسورية كما حدث في إيران ومن بعده الصين؟

 

 فشلت، على ما يبدو، هذه الحركة الإعلامية "البايخة"، والسمجة، في  إيران، وانتهت مغامرة الموبايل على نحو محزن لعشاق الديمقراطية وحقوق الإنسان من الساسة الغربيين. فهل سيفلح نفس هذا التكتيك الخائب في  الصين، لا بل ماذا أعدّ السوريون للتصدي لسلاح الموبايل؟

(116)    هل أعجبتك المقالة (94)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي