أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قطاعات حيوية .... حسن بلال التل

كلما عين مسؤول او طرد وكلما جاءت حكومة او رحلت وكلما خطب نقيب او رقيب او نائب او نائبة، لا ننفك نسمع الحديث يدور حول القطاعات الحيوية، وحماية القطاعات الحيوية، وتنمية القطاعات الحيوية، وهلم جرا، في البداية اود ان اعرف ما هي هذه القطاعات الحيوية التي يتحدثون عنها، فمن المعروف ان تحديد المصطلحات هو اول اسس الحوار، وقد اكتشفنا في الاردن ان هذه المسألة تأخذ ابعادا جديدة وانعكاسات مهولة، فعدم تحديد المصطلحات تسبب في انشاء وزارة بقدها وقديدها في بلدنا الذي يشكو تخمة في الوزراء والوزارات، ولمن لا يذكر اذكركم ان التبرير الحكومي الرسمي لانشاء وزارة التنمية السياسية كان: ((لتدعيم مفهوم الانتماء بعد ان تم ترسيخ الولاء))!!، لذا فقد تسبب خلط المصطلحات وعدم تفريق الاردني بين الولاء والانتماء طوال قرابة القرن هو عمر الاردن بتأسيس وزارة!! كنا ولازلنا ندفع تكاليفها من جيوبنا (لله وللوطن)!!.

ما علينا.... لنعد الى موضوع القطاعات الحيوية والتي كمواطن من هذا البلد لا يمكنني الا ان اعرّفها بأنها القطاعات التي تؤمن الاحتياجات الاساسية للانسان وللمواطن بالذات، والتي انحسرت في ظل سوء الظروف الاقتصادية حتى انحصرت في الماء والكهرباء والغذاء والدواء، او كما لخصها الحديث النبوي الشريف قبل 15 قرنا (الماء والنار والكلأ)، فعدنا بعد 15 قرنا من (المباطحة) في سبيل التطوير لنطالب بالاساسيات الدنيا حالنا حال الابل في الصحراء، لا نطلب من ربنا في السماء او ارباب الامر في الارض الا الماء والنار والكلأ، وان اردنا ان (نفسق) طلبنا الدواء!!!

هذه القطاعات الحيوية التي يخطب علينا بها رؤساء الحكومات ومن ورائهم الوزراء والنواب وحتى اصغر المدراء، واعدين بتطويرها وتدعيمها وتحسينها وحفزها ونفخها وتنفيسها وما شئت من كلمات رنانة جوفاء، وصلت الى قاع الحضيض هذا بعد ان بيعت كلها او جلها في سبيل التطوير والتحسين على اعتبار ان (آخر الدواء الخصخصة) فخصخصت المياه في عمان، وهناك الآن مشروع لخصخصة مياه اربد والزرقاء اظنه اصبح جاهزا (وعلى وجه تنفيذ... سود الله وجهه ووجه من أتى به)، ورغم ذلك فأهل عمان عطاش والعدادات تعد الهواء صيفا شتاء، والصرف الصحي اصبح كابوسا نتن الريح يعبق بالاحياء والضواحي، واربد التي يسعون لخصخصة مياهها... منذ شهر نيسان والماء فيها تماما ككذبة نيسان حتى تيمم الناس وهم في بيوتهم لا بمسافرين ولا مهاجرين، اما الكهرباء نار هذا العصر فحدث ولا حرج فقد خصخصت من شرق البلاد الى غربها ورغم اننا دولة تصدر الكهرباء ونفاخر بأننا نضيء بكهربائنا الجنوب السوري الشقيق، واحيانا نصل بها الى تركيا، ولا نمانع في مد يد العون الى الجارة (اسرائيل) في وقت الضيق؟!!!، رغم ذلك كله وبقدرة إلهية ترتفع اسعار الكهرباء بداع وبغير داع، وترفع التكاليف، وتخفض الحزم، ويعيش اكثر من ربع المملكة منذ اكثر من شهر في ظلام متقطع دامس، تسبب في هلاك الضرع والحرث والنسل، وغدت الخسائر التي جرتها علينا شركات الكهرباء المخصخصة في شهر اضعاف ما جلبته من فوائد في عمر، واذا اعترضت او صرخت او طالبت كانت التصريحات الصحافية والمفاقعات الرسمية على طريقة (خذوهم بالصوت لا يغلبوكوا) هي الرد الاول والاوحد، اما الغذاء والدواء فحديثهما يطول، وقد قيل في الامر ما قيل ورغم ذلك فان الامر يتفاقم يوما بعد يوم، وعمليات ضبط مستودعات الاغذية الفاسدة وحالات التسمم المعلن عنها فقط تفوق كل تصور وهي في تزايد مستمر، وهذا ما يعلن عنه فقط والذي عادة ما يكون قمة جبل الجليد، والادهى والامر انه ان كان هذا ما يضبط فكم حجم الذي لا يضبط؟؟ خصوصا انه من قواعد علم الجريمة ان حجم ما يضبط من مخالفات يعادل عادة 10 بالمئة فقط من حجم ما يرتكب فعلا!! وبالتالي فقد غدا من الواضح او من البديهي ان اغلب غذائنا ودوائنا فاسدان، ورغم ذلك لا نطالب ولا نحاسب ولا نراقب، وكل ما نرجوه ان يبقى موجودا بغير انقطاع او تغير، بفساده ودوده وسوسه، وحتى هذه غدت مطلبا بعيد المنال.

اما المضحك المبكي انه رغم ذلك كله ما من مسؤول كبر او صغر يطل علينا بطلعته البهية الا و(ينافخ) عن القطاعات الحيوية ودعمها وتدعيمها، والمشكلة ان اتخنهم بالكاد (بيمون على تعيين آذن فيها وبيجوز ما يمون) بعد ان بيعت كلها او بيع منها نصيب الاسد وقبله حق ادارتها والتصرف بها، حتى غدت اكبر القطاعات الحيوية تباع وتشترى بين الشركات الاجنبية او حتى المحلية بلا رقيب او حسيب او حتى مشورة، ومشروع العبدلي ومن قبله امتيازات التنقيب عن النفط اكبر مثال على ذلك.

عموما كل ما نريد قوله لمسؤولينا الاكرمين كفاكم خطابات حماسية وفرقعات اعلامية حول قطاعاتنا الحيوية التي لا عادت لنا ولا بقيت حيوية، ودعونا نجد كفافنا وماءنا ونارنا وكلأنا كيفما استطعنا بعد ان انفقتم ثمنها على كافياركم واشباحكم وقصوركم التي اصبحت كمعارج فرعون تريدون ان ترتقوا بها الى رب موسى وهارون.

(110)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي