أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ساركوزي ونحن والبرقع ... رشيد شاهين

لم يتردد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في وصف البرقع أو الخمار الذي تلبسه النساء المسلمات بأنه مظهر من مظاهر الاستعباد وانه يحط من إنسانية المرأة التي ترتديه - تتبرقع به-، واعتبر انه غير مرحب به في الدولة الفرنسية.

ما أن أعلن ساركوزي ذلك حتى قامت الدنيا عليه ولم تقعد في بعض الدول الإسلامية وخاصة تلك التي ترتدي فيها النساء مثل هذا الزي، وقد تكون دول الخليج العربي التي تربط أنظمتها علاقات جيدة مع فرنسا من أكثر الدول التي هاجمت ما قاله الرجل.

الحقيقة اننا نستغرب مثل هذا الهجوم الذي تعرض له الرئيس الفرنسي، ليس لأننا من محبيه أو من نرحب بسياساته، أو ممن يغرمون بمواقفه، إلا اننا وفي هذه الجزئية بالذات لا يمكن إلا أن نقول لمن تهجم على فرنسا والغرب والثقافة الغربية لا بل وصل التهجم أو الهجوم إلى زوجة الرئيس الفرنسي وأعيد فتح موضوع عملها السابق كموديل ظهرت عارية في أكثر من صورة.

من الواضح أن البرقع هو قضية مرتبطة بشكل أساس بالثقافة السائدة في أي بلد أكثر مما ترتبط بالدين، لا بل هي لا علاقة لها بالدين، وكان آخر ما صدر في هذا الموضوع هو ما قاله شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي من ان موضوع النقاب "ليس واجبا دينيا" وعليه فان محاولة البعض ربط موضوع النقاب بالموضوع الديني ومحاولة إظهار موقف الرئيس الفرنسي على انه إساءة للإسلام إنما فيه الكثير من المبالغة والتشويه عدا عن التحريض، وهو كما نرى موقف أو رأي للرئيس الفرنسي لا بد من احترامه.

عندما نقول بان الموضوع له علاقة بالثقافة والعادات السائدة في هذا البلد أو ذاك فلأننا نعلم بان هناك الكثير من البلدان العربية والإسلامية التي لا تتبرقع فيها المرأة، علما بان الكثيرين ممن يعيشون في البلدان التي تتبرقع فيها النساء ينظرون إلى سفور المراة أو حتى تحجبها بدون استخدام البرقع ليس سوى نوع من الفجور.

يمكن القول بان البرقع لا علاقة له بالقوانين أحيانا، بل هو مرتبط بالتزمت الديني، حيث إذا ما أخذنا دولة كالسعودية على سبيل المثال وليس الحصر، فان النساء في بعض المدن لا يخرجن إلى الشارع بدون وضع البرقع برغم ان هذا لا يدل على أنهن يضعنه بطيب خاطر، حيث في مدينة كالقصيم، لا تخرج النساء إلى الشوارع إلا مبرقعات، بغض النظر عن رغبتهن أو عدمها، حيث ان هذه المدينة تعتبر المصدر الرئيس لمعظم رجال الدين المتشددين، أو ما يعرفون في السعودية بال "مطاوعة" مفردها مطوع. بينما ترى في مدن أخرى مثل جدة على سبيل المثال ان النساء لا يخرجن مبرقعات وان أحدا لا يعترض سبيلهن فيما لو خرجن كذلك بعكس القصيم التي يتدخل فيها المطوع بشكل مباشر ويأمر من يراها من النساء بدون برقع ان تتبرقع، وبالتالي فان من الواضح ان الموضوع حتى في دولة كالسعودية لا يبدو انه ديني أو انه واجب ديني.
إذن هي الثقافة أكثر منها أي شيء آخر، ولا نعتقد بان هنالك داع للنفخ في الموضوع وتحميله أكثر مما يحتمل، وعلى ذلك، وحيث انه في بعض الدول العربية أو الإسلامية يفرض على النساء حتى من غير تلك الدول بان يراعين ثقافة تلك الدول وقوانينها، فان من غير المنطقي ان لا نقبل للدول الأخرى ان تمارس قوانينها وثقافتها في دولها، طبعا يمكن هنا سوق عشرات الأمثلة عن مؤسسات تمارس التمييز بين الناس حتى في توزيع المساعدات الإنسانية والعلاج والتعليم....الخ على أساس الدين والانتماء السياسي والحزبي في الكثير من بلداننا، وفي النهاية - اللي مو عاجبه القوانين الفرنسية أو غيرها ما يسافر هناك وخلصونا-.

25-6-2009
[email protected]

(107)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي